الصوم الكبير في «المسيحية».. تقليد رسولي الكنيسة تصومه

كتب: منى السعيد ومريم شريف

الصوم الكبير في «المسيحية».. تقليد رسولي الكنيسة تصومه

الصوم الكبير في «المسيحية».. تقليد رسولي الكنيسة تصومه

تعرف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية العديد من أنواع الصيام التى تمتد على مدار 200 يوم خلال العام الواحد، وأكبر تلك الأصوام هو صوم القيامة أو الصوم الكبير الذى يمتد على مدار 55 يوماً قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.

والصوم عرفته جميع الأديان، وله طقوس خاصة فى المسيحية، فبحسب القس جوارجيوس القمص فيلبس، كاهن كاتدرائية الشهيد مارجرجس بمدينة العاشر من رمضان، فإن الصوم هو تقليد رسولى من الآباء الرسل وتصومه الكنيسة كمثال السيد المسيح الذى صام 40 يوماً و40 ليلة، متابعاً أنه قديماً فى المسيحية كان يصام أسبوع الآلام، الذى يعتبر من أقدم الصيامات فى الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وبعد ذلك وضع الآباء صوم الأربعين يوماً.

القس جوارجيوس: كان قديماً يصام أسبوع الآلام منفصلاً عن الصوم الأربعينى

وتابع كاهن كاتدرائية الشهيد مارجرجس، لـ«الوطن»، أن البابا ديمتريوس الكرام، البطريرك الـ12 فى تاريخ بطاركة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، قام بضم صوم أسبوع الآلام مع صوم الأربعين المقدسة معاً، بالإضافة لأسبوع الاستعداد (٧ أيام)، وفيه تمهد الكنيسة الناس للدخول فى الصوم الأربعينى المقدس وسبت النور ليصبح عدد أيام الصوم 55 يوماً، فكان قديماً يصوم الشعب الصوم الأربعينى ثم يفطر وبعد ذلك يصومون أسبوع الآلام ويفطرون.

وأوضح القس جوارجيوس أن الصوم الكبير هو الصوم الذى صامه السيد المسيح انقطاعاً عن الأكل لمدة 40 يوماً و40 ليلة والكنيسة تأخذ مثال المسيح، وكذلك هناك أمثلة للصوم 40 يوماً فى الكتاب المقدس مثل موسى صام 40 يوماً وإيليا صام 40، ولكن الكنيسة تضع الصوم الكبير مثلما صام السيد المسيح، موضحاً أن الصوم الكبير له طقس مميز؛ حيث تصلى الكنائس قداسات يومية تبدأ الساعة الـ12 وتنتهى الساعة 3، وفى بعض الكنائس تصل للساعة 5، حيث تسبق القداسات فترة صوم انقطاعى يمتنع خلالها عن الطعام ثم يتم الإفطار على المأكولات النباتية، حيث إنه من غير المسموح تناول الأسماك فى هذا الصوم لأنه أكثر الأصوام نسكاً ولأن المسيح صامه دون أكل سمك.

وأما عن كون الصوم فرضاً فى المسيحية، فيقول القس جوراجيوس إنه لا يوجد ما يسمى صوماً كفرض فى الكنيسة ولكن هناك أصواماً فردية وأصواماً جماعية والكنيسة تضع نظاماً بهذه الأصوام، والمسيحيون بصفتهم أعضاء فى هذه الكنيسة ملتزمون بالصوم الجماعى طالما الكنيسة وضعت نظاماً فنحن نخضع لهذا النظام، فللصوم الكبير مكانة متميزة عند الجميع، والجميع ينتظره هو وأسبوع الآلام كل عام.

ولفت القمص جوارجيوس إلى أن الصوم الانقطاعى خلال أيام الصوم الكبير هو طقس تمتاز به ووضعته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ليبدأ من الساعة 12 وحتى غروب الشمس وانتهاء القداسات التى تبدأ من الساعة 12 وحتى الساعة 3 أو 5 أحياناً، ويمكن أن تستثنى منه الحالات المرضية.

القمص تادرس: الصوم فى جوهره تعبير عن الحب لله

وبحسب القمص تادرس يعقوب ملطى، كاهن كنيسة مارجرجس سبورتنج بالإسكندرية، فى كتابه «الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والروحانية»، فإن الصوم ليس امتناعاً عن الطعام والشراب، ولا عن المشتهيات، لكنه فى جوهره تعبير عن الحب لله، ولهذا يرتبط الصوم عن الطعام بالصوم عن كل شر وشبه شر.

 القمص أثناسيوس: الغاية من الصوم هى تحرير الإنسان من عبودية الجسد

أما القمص أثناسيوس فهمى جورج، كاهن كنيسة السيدة العذراء والشهيدة دميانة بشمال إنجلترا، فيقول فى كتابه «رحلة الكنيسة فى الصوم الكبير»: «من المعانى الأساسية للصوم فى روحانيتنا الأرثوذكسية أننا فى حالة تحضير وتوقع يتأسس على ما سيأتى بالانفتاح للفرح الآتى، لذا نجد فى التقليد الطقسى للكنيسة هذا الصوم الكلى فى التهيئة الأخيرة لعيد الأعياد، والذى نجده قبل كل شىء فى الصوم الإفخارستى، وهى الطريقة الأساسية لتهيئتنا للعشاء على مائدة المسيح فى ملكوته».

وأضاف القمص أثناسيوس أن «الغاية من الصوم هى تحرير الإنسان من عبودية الجسد، من الاستسلام للشهوة التى هى النتيجة المأساوية لخطية الإنسان الأصلية، ولا هدف للكنيسة إلا أن تجعل حياة الإنسان فى شركة مع الله. وكما أن الطعام فى هذا العالم يحقق غايته فقط عندما يهضم ويتحول إلى حياة، كذلك حياة العالم الذى سيأتى تعطى لنا بواسطة وسائط النعمة حيث الكنيسة التى لا خلاص لأحد خارجها»، مشيراً إلى أن الصوم يشبه الآباء عادة كرحلة الأربعين سنة التى قضاها الشعب المختار فى الصحراء، لتكون الغاية النهائية من الصوم هى الفصح (أرض الموعد)، أى «ملكوت الله».

 

 


مواضيع متعلقة