الأنبا بنيامين يكتب: أهمية الصوم الكبير في المسيحية

كتب: منى السعيد ومريم شريف

الأنبا بنيامين يكتب: أهمية الصوم الكبير في المسيحية

الأنبا بنيامين يكتب: أهمية الصوم الكبير في المسيحية

الصوم المقدس هو أعلى درجات الصوم، لأن السيد المسيح صامه فى البرية، وأظهر أهمية الصوم فى تكامل العبادة من خلال (الصوم والصلاة والصدقة)، للتعبير عن الحب لله بالصوم والحديث معه فى الصلاة ومحبه الإنسان من خلال الصدقة ومساعدة المحتاجين.

ونتذكر ما قاله السيد المسيح لتأكيد هذا المعنى «أليس الجسد أفضل من اللباس، والحياة أفضل من الطعام؟»، لذلك نترك الطعام بعض الوقت، كصوم انقطاعى، للتعبير عن الحياة من خلال العلاقة مع الله مصدر الحياة الحقيقى، وهكذا نحقّق هدفاً مهماً من الصوم.

وفى مبدأ النصرة التى حققها السيد المسيح على الشيطان على مستويات الحياة الإنسانية الثلاثة، ولعل أولها الانتصار على رغبات الجسد حين طلب الشيطان أن يصير الحجارة خبزاً ورفض هذا، وثانيها الانتصار الروحى على صنع معجزة، حين طلب منه الشيطان أن يُلقى بنفسه من على جناح الهيكل، ورفضها أيضاً السيد المسيح قائلاً للشيطان «مكتوب لا تجرب الرب إلهك»، وثالثها الانتصار النفسى حين طلب منه الشيطان أن يعطيه كل ممالك الأرض إن خر وسجد له، فرفض السيد المسيح قائلاً «مكتوب للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد» وأمر الشيطان بالانصراف، مظهراً أهمية الشبع النفسى للإنسان من الله، فلا تؤثر فيه الغواية أو الترغيب أو محاولات الانجذاب.

وتكمن أهمية الصوم فى تنفيذ مبدأ التوبة والعودة إلى بيت الأب، كما فعل الابن الضال الذى طلب ميراثه من أبيه وهو على قيد الحياة، وهذا النوع من التعدى على الأب، وكأن الابن الذى ضل قد اعتبر أباه فى حكم الميت بالنسبة له طمعاً فى ميراثه من أبيه، ولكن حين احتاج إلى أبيه بعد أن أنفق كل ماله بعيشه مسرفاً، حينئذ شعر بأنه محتاج لأبيه وليس للمال الذى يخصه، فعاد إلى أبيه فوجده جالساً يراقب الطريق، منتظراً عودته، وما إن رآه حتى خرج مسرعاً فاتحاً أحضانه، عندها اعترض الأخ الأكبر على قبول أخيه الأصغر لئلا يأخذ منه نصيبه، فطمأنه الأب أن الكل ملكه، حقاً حضن الأب مفتوح للتائبين العائدين يودون هذا الحضن فقط دون أى شىء آخر.

وفى مبدأ قبول السامرية غريبة الجنس والعداوة مع اليهود: فلقد جاء الرب ليقتل العداوة بين البشر، وعندما دعت السامرية أهلها، لكى يجلسوا مع السيد المسيح للاستماع إلى حديثه الذى يزرع السلام فى قلوبهم المضطربة، وينعموا بالمعرفة الروحية التى تجسّد مفهوم الإيمان القلبى الذى صار فيهم بعد اللقاء مع المسيح المخلص، مما نمّى إيمانهم به وبكلامه الذى سما بفكر من يسمعه لأنه تحدث معه عن الماء الحى أى (عمل الروح القدس فى القلب)، إذ قال لها «من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً، أما من يشرب من الماء الذى أعطيه أنا فلن يعطش إلى الأبد، بل الماء الذى أعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية، فقالت المرأة السامرية يا سيد أعطنى هذا الماء لكى لا أعطش ولا آتى إلى هنا لأستقى»، ووصل معها فى الحديث إلى الساجدين الحقيقيين الذين «الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق، لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له. الله روح. والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغى أن يسجدوا»، وحين ذكر المسيح الذى حين يأتى يخبرهم بكل شىء، حيث أعلن الرب عن نفسه أمامها فذهبت تنادى «هلم انظروا إنسان قال لى كل ما فعلت ألعل هذا هو المسيح؟».

* مطران المنوفية وتوابعها

 

 


مواضيع متعلقة