طقوس روحية في عيد الغطاس.. بينها الصلاة من أجل النيل والمحاصيل

كتب: صفية النجار

طقوس روحية في عيد الغطاس.. بينها الصلاة من أجل النيل والمحاصيل

طقوس روحية في عيد الغطاس.. بينها الصلاة من أجل النيل والمحاصيل

يعتبر عيد الغطاس الذي تحتفل به المصريون الأقباط غدا الخميس، من أهم المناسبات في المسيحية، وهو تذكار معمودية السيد المسيح في نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، ويسمى «عيد الظهور الإلهي» إذ تتمحور خلاله العقيدة المسيحية بشكل واضح، ففي أحداثه ظهر الإله الواحد مثلث الأقانيم وفقاً للاعتقاد المسيحي.

وقال روبير الفارس، الباحث في التراث القبطي، إن «السيد المسيح هو ابن الله كان يعمد في النهر وصوت الأب في السماء يقول هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت» والروح القدس ظهر في شكل حمامة استقرت على كتف المسيح والثلاثة هم واحد، كما في البسملة المسيحية التي تقول: «بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد أمين»، ومن هنا تظهر قيمة عيد الغطاس.

الاحتفال بعيد الغطاس في التراث

ومن الناحية التراثية يرتبط عيد الغطاس بالطعام، نظراً لأن مصر بلد زراعي في المقام الأول، ويرتبط هذا العيد بالمحصول في هذا التوقيت، وخاصة التي تحتفظ بكميات كبيرة فيها من الماء، مثل القصب والقلقاس وتناول هذه الثمار في عيد الغطاس جعلت الأقباط يبتكرون رموزًا لتضفي على الطعام معنى، فطريقة تغطيس القلقاس والقصب في الماء تشير إلى طريقة المعمودية، فهذه الثمار تحتاج إلى كمية كبيرة من الماء في زراعتها، وهذه الطريقة في الاحتفال بالأكلات لا تطغي علي المعني العقيدي والروحي للعيد فالأرز يحتاج ماء أكثر ويعبر عن الغطس وهو غير مستخدم في هذا التوظيف، ومن الأمثال المشهورة في هذا الصدد ما ذكره الباحث في التراث القبطي: «عودين قصب وطبق قلقاس يبقي أحلى عيد غطاس».

فثمرة القلقاس تنمو كليا في الأرض، وتعتبر المعمودية هي دفن للإنسان تحت المياه وقيامه مع السيد المسيح كما حدث له عند التعميد في نهر الأردن، أما القصب فلونه الأبيض يرمز للنقاء الذي توفره المعمودية

وبشكل عام تربط الأعياد في مصر بالطعام ولا تقتصر على الدين المسيحي أو الإسلامي، وفقًا لـ«الفارس» الذي أوضح أنه في عيد الفطر يحرص المسلمون على تناول الكحك والمخبوزات وفي عيد الأضحى تكون اللحوم، والأمر نفسه يتكرر في عيد شم النسيم بتناول الفسيخ والأسماك المملحة والبصل، مشيراً إلى أنها طقوس متوارثة منذ القدم. 

الجانب الكنسيّ في عيد الغطاس

أما من الناحية الدينية، فالكنسية تحدد صوم قد يكون يوم واحد أو يومين أو ثلاث قبل عيد الغطاس، ويسمى البرامون أي الاستعداد، وتصلي الكنيسة قداس «اللقان» الذي يصلى فيه على المياه كنوع من المباركة ويجرى الاحتفاظ بها طوال العام، يضف الباحث في التراث القبطي: في العادة «بنصلي في القداس من أجل النيل والهواء والزرع والثمار»، والعظة في الاحتفالية هي معمودية السيد المسيح .

الولاة المسلمون احتفلوا بعيد الغطاس

وذكر المقريزي أن الولاة المسلمون اهتموا بعيد الغطاس واحتفلوا بطقوسه، وفي الكثير من القري المصرية القريبة من النيل في صعيد مصر يعمد الأبناء إلى الغطس في النيل في هذا التوقيت من الشتاء لاعتقادهم بأن هذه «الغطسة» تحمهم من نزلات البرد، وهذا الطقس غير مقتصر على المسيحيين فقط بل يقوم به الكثير من سكان القرى، وفقاً لما ذكره الباحث في حديثه لـ«الوطن»، لافتًا إلى أن «البلابيصا» أو «البلاميصا» وهو عبارة عن «فانوس من البرتقال» يعتبر أحد طقوس عيد الغطاس لكن لا يوجد في كل القرى، وهي تشير إلى أن المسيح هو نور العالم.


مواضيع متعلقة