عيد الغطاس ليلة عظيمة في كل الحضارات: الفراعنة ربطوها بالحصاد.. ومؤرخون إسلاميون وصفوها بـ «المفرحة»

كتب: منى السعيد

عيد الغطاس ليلة عظيمة في كل الحضارات: الفراعنة ربطوها بالحصاد.. ومؤرخون إسلاميون وصفوها بـ «المفرحة»

عيد الغطاس ليلة عظيمة في كل الحضارات: الفراعنة ربطوها بالحصاد.. ومؤرخون إسلاميون وصفوها بـ «المفرحة»

القصب واليوسفى والبرتقال والقلقاس.. أطعمة جمعت المصريين «مسلمين وأقباطاً» للاحتفال بـ«عيد الغطاس»، وهو أمر ليس بجديدعلى مصر، بل له أثر تاريخى، بدءاً منذ عهد الفراعنة، مروراً بالعصر الفاطمى الإسلامى، وحتى عصرنا هذا.

يقول القس أنجيلوس جرجس، كاهن كنيسة جوارجيوس والأنبا أنطونيوس بمنطقة مصر الجديدة، إنه عند ذكر عيد الغطاس، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو تناول القصب والقلقاس كعادات فرعونية دأب عليها قدماء المصريين، مضيفاً أنهم كانوا يحتفلون بمواسم الحصاد فى ذلك الوقت بتلك الأطعمة.

وأضاف أن الكنيسة «عمّدت هذه الظاهرة»، حيث إن البرتقال يحتوى على ماء مسكر كـ«المعمودية»، التى تعطى حلاوة للحياة مع «المسيح»، والقصب يعطى عصيراً حلواً، وهو يشبه القوة الروحية التى يعطيها السيد المسيح بالمعمودية، موضحاً أنه كما يزرع القلقاس بالدفن بالأرض، فإن الإنسان المسيحى يدفن بـ«المعمودية»، وهى تأملات روحية.

وتابع القس أنجيلوس قائلاً إنه كان هناك عقيدة عند المصريين الأقباط بأن من يغطس بالماء خلال عيد الغطاس، فإنه لا يمرض خلال العام، وهو أمر غير كنسى أو عقائدى أو إيمانى بالمرة، بل يعود أيضاً إلى اعتقاد فرعونى، وهو أنه فى ليلة شديدة البرودة «من شهر طوبة»، تم إلقاء جسد «أوزريوس» بعد أن قُتل فى النيل، ففى هذه الليلة صار ماء النيل مقدساً، ويظل الاعتقاد أن كل من ينزل فى النيل فى هذه الأيام شديدة البرودة، فإنه يكتسب قوة تقديس، ويُشفى من مرضه.

وأضاف أن التاريخ القبطى يحتفظ بتراثه الفرعونى، ويحتفل من خلال عاداته التى يحوّلها إلى طقوس مسيحية، موضحاً أن الاحتفال بعيد الغطاس يعد فرحة كبيرة من خلال تجمّع أفراد الأسرة، والاستمتاع بالأطعمة المختلفة.

كاهن كنيسة جوارجيوس: المصريون «مسلمين ومسيحيين» كانوا يخرجون معاً للنيل للاحتفال

واستطرد أن عيد الغطاس أصبح له عمق تاريخى، عندما تداخل مع المسلمين بعد الفتوحات الإسلامية، وبالأخص فى العصر الفاطمى، الذين حاولوا دمج الاحتفالات الدينية فى المجتمع، فيحتفل بها جميع الأطياف، بداية من المولد النبوى، مروراً بعيد النيروز، وحتى عيد الغطاس.

وأضاف القس أنجيلوس أن الاحتفال بعيد الغطاس كان احتفالاً اجتماعياً، حيث كان يخرج الأقباط بأعداد كبيرة «يستخدمون المراكب النيلية، وينزل الأقباط فى النيل ليستحموا»، مضيفاً أن «المقريزى» ذكر أن «النصارى يرسلون أبناءهم فى الماء وينزلون جميعهم، ويكون ليلة شديدة البرود»، وذكر المؤرخ المسعودى عام 330هـ أن ليلة عيد الغطاس كانت ليلة عظيمة مفرحة للمسلمين والأقباط.

وأكمل أن المؤرخ المسعودى ذكر أن الاحتفال كان يشترك فيه المصريون «مسلمين وأقباطاً»، يذهبون إلى النيل، ويطوفون بالمراكب والمشاعل والشموع، ويجلسون على الشواطئ يأكلون ويشربون ويمرحون معاً، مضيفاً أن الأقباط فى تلك الفترة كان يحتفلون بالغطاس بإشعال 2000 شمعة، وكانت الدولة الفاطمية تتحمل تكلفة تلك الشموع، إضافة إلى توزيع المشاعل على طول ضفاف النيل، حتى يتمكن المصريون من الاستمتاع والمرح فى «عيد الغطاس».

وأضاف أن هذا الاحتفال تم إلغاؤه فى عهد المماليك، واستبداله بإنشاء مسابح صغيرة فى الكنائس، موضحاً أن هذا يظهر فى كنيسة الأنبا شنودة الأثرية فى مصر القديمة، حيث يمكن أن يشاهد «المغطس الأثرى» الذى أنشئ للاحتفال بعيد الغطاس.


مواضيع متعلقة