اليوم العالمي لـ«العربية».. اعتراف دولي متجدد بعراقة عمرها 18 قرنا

اليوم العالمي لـ«العربية».. اعتراف دولي متجدد بعراقة عمرها 18 قرنا
«العربية» على لسان ناطقيها قوة وهوية وحضارة وثقافة وتاريخاً، فهى ليست مجرد حروف وكلمات ينطق بها من المحيط للخليج، بل هوية تمكنت من وجدان كل ناطق بها بثراء مفرداتها وكثرة تراكيبها ومعانيها التى لا تنتهى، وفى رحلة «العربية» على مدار أكثر من 18 قرناً من الزمان توقف الزمان قليلاً عند يوم 18 ديسمبر لعام 1973، إذ أقرت اللغة العربية لغة أممية بمنظمة الأمم المتحدة ليصبح يوماً عالمياً للغة العربية من كل عام، ووفق «اليونيسكو» فهى «تجمع أناساً من خلفيات ثقافية وإثنية ودينية واجتماعية متنوعة، وإحدى الركائز التى تقوم عليها القيم الإنسانية المشتركة».
«الهرامة»: فرضت وجودها بين مئات اللغات عالمياً رغم التحديات
قال الدكتور عبدالحميد عبدالله الهرامة، رئيس مجمع اللغة العربية الليبى، إن أهمية اليوم العالمى للغة العربية تكمن فى تعزيز الاعتراف الدولى بالأهمية العلمية والثقافية للغة الضاد التى بلغت بسبب رصيدها الثقافى إلى أن تكون واحدة من لغات الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية، وأن تفرض وجودها المتقدم بين مئات اللغات العالمية فى وسائل التواصل المتنوعة وأروقة الجامعات العالمية ومكتباتها العلمية، وهو شرف يرفع من معنويات الشباب ويخفف من التبعية اللغوية التى هى فى الواقع انهزام وجودى أمام الآخر.
وكان العرب بدأوا مسيرة الاعتراف باللغة العربية لغة عالمية حين أعلن المؤتمر العام لـ«اليونيسكو» المنعقد فى لبنان عام 1948، اللغة العربية لغة العمل الرسمية للمؤتمر العام فى دورته تلك، إلى جانب الإنجليزية والفرنسية، ومنذ ذلك التاريخ، حرصت «اليونيسكو» على تعزيز اللغات الأخرى، فعمدت إلى اختيار مجموعة من الوثائق والمؤلفات والمنشورات المهمة الصادرة عنها بغية ترجمتها إلى لغات غير لغات العمل الرسمية وطباعتها وتوزيعها.
وفى 1954 صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، بإجازة الترجمة التحريرية «فقط» إلى اللغة العربية، وفى 1966 اعتمدت «اليونيسكو» قراراً يقضى بتعزيز استخدام اللغة العربية، وتدريجياً واصل العرب ضغطهم الدبلوماسى حتى ديسمبر 1973، إذ أصدرت الأمم المتحدة فى دورتها الستين قراراً يقضى بجعل «اللغة العربية» ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة وباقى هيئاتها.
ولأن اللغة حية والإنجازات اللغوية مستمرة، أشار رئيس مجمع اللغة العربية الليبى إلى أن هذا العام شهد تطورات مهمة لصالح اللغة العربية، لعل أهمها التقدم فى كتابة المعجم التاريخى بتعاون مع اتحاد المجامع العربية فى القاهرة، بالإضافة إلى جهود عامة وخاصة فى التأليف العلمى والإبداع الأدبى، ومجمع اللغة العربية الليبى له تمثيل فيه، ومشاركة مهمة فى النشر وأنشطة أخرى فى جانب المحاضرات والندوات، والأنشطة الأخرى من بينها ملتقى تعريب العلوم، فقد انقسم المتحدثون فيه إلى قسمين، أولهما المطالب بالتعريب وهو الفريق الذى يرفض اللغات الأجنبية.
وثانيهما المطالب بتدريس العلوم باللغة الأجنبية خوفاً من انفصالنا عن لغة العلوم العالمية، لكن كانت نتيجة الحوار حالاً بأن يمتحن الطالب فى الكتابين معاً، خصوصاً أن الترجمة الدقيقة للكتاب أفضل من الترجمة الحرفية.
«آل ياسين»: لا وجود للعرب من دون عروبتهم لأنها الملاذ الأخير الذى يجمعهم
يرى الدكتور محمد حسين آل ياسين، رئيس المجمع العلمى العراقى، أن اللغة العربية الآن هويتنا وانتماؤنا ووجودنا، فلا وجود للعرب من دون عربيتهم، وهى الحصن الأخير والملاذ الأخير والموحد الأخير بعد أن سقطت كل عوامل التوحد الجغرافية والتاريخية والمصيرية والاقتصادية ولم يبقَ غير العربية، ووجب علينا الاحتفاء بها وبذل الجهود من أجل اللغة التى أحبها الله، إذ نزل بها القرآن الكريم.
الدكتور محمود كامل الناقة، أستاذ المناهج والتدريس وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة ومشرف على مؤسسات لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، يقول إن اللغة أثمن مقتنيات الإنسان فى حياته، فهى هويتنا وحبنا، واعتماد العربية واحدة من اللغات العالمية وراءه العديد من العوامل مثل عدد المتحدثين بها فى العالم عرباً أو غير عرب، والثقل الاقتصادى والسياسى للدول الناطقة بها.
فضلاً عما تقدمه من إسهامات فكرية وعلمية للعالم الحديث، كل ذلك بجانب كونها لغة دينية لها تراثها المتمثل فى التراث الإسلامى (القرآن والأحاديث)، التى تعطى أهمية كبرى لتعلمها، وهو أمر ملموس، إذ يتقدم الآلاف من غير الناطقين بالعربية لتعلمها لأسباب مختلفة، سواء دينية أو سياسية أو ثقافية.
وتابع «الناقة» لـ«الوطن» أن مجمع اللغة العربية بالقاهرة وإن كان يحتفل بيوم واحد، إلا أنه يعمل طول العام لتطوير ودعم اللغة بكل جديد لها من مفردات ومشتقات ومفاهيم ومصطلحات وبحوث وغيرها، ما نتج عنه ثروة لغوية عربية ما بين ترجمة وتعريب فى شتى مجالات الحياة العلمية والثقافية من خلال متخصصين فى كافة العلوم من أجل أن تكون العربية لغة علم ومعرفة وليس ثقافة فقط.