خبراء علم الاجتماع: الحياة تبدأ بعد الـ 60 شريطة توافر الصحة والعزيمة

خبراء علم الاجتماع: الحياة تبدأ بعد الـ 60 شريطة توافر الصحة والعزيمة
أكد خبراء علم الاجتماع أن الحياة بعد الستين أو التقاعد من العمل لا يجب أن تتوقف، بل ربما يكون أول هذه المرحلة العمرية بداية لحياة جديدة مثقلة بخبرة السنين ومليئة بحب النفس كى ينعم كبار السن بالراحة النفسية وإثبات الذات.
هنا قد يتوفر الونس فى أبسط الأشياء، مثل عمل جديد، تبنِّى أطفال، تربية حيوانات، سفر، وربما اختلاط بمن هم فى نفس الظروف، حسب ميول واهتمامات الشخص نفسه، بقدر ما تسمح به الظروف الصحية والعزيمة لفعل شىء جديد، وهذا ما يؤكده خبراء علم النفس والاجتماع الذين تحدثت إليهم «الوطن».
«طه»: الأبناء يجب أن يكونوا جلساء لآبائهم
واقع الإنسان هو العمل، هذا ما يقوله الدكتور طه أبوحسين، أستاذ الصحة النفسية وعلم الاجتماع بكلية التربية، ويضيف أن الإنسان لا يستطيع أن يكف عن العمل مهما كبر طالما يتمتع بالصحة، وسن الـ60 لا تعنى العجز أو النهاية، وهناك الكثير من النماذج التى تتمتع بصحة جيدة، ويمكنها العمل بشكل طبيعى. ويتابع «طه» قائلاً فى حديثه لـ«الوطن»: يحب الإنسان أن يرى ثمار ما فعله طوال حياته، وهو وجود أبنائه وأحفاده حوله، حتى لو تسبب هذا الوجود وزيارات الأبناء له فى بعض الاختلالات فى النظام العام لحياته، لأنه يكون فى أمَس الحاجة إلى الونس، ولذلك يجب توصية الأبناء عندما يصل آباؤهم لسن التقاعد أن يتحول الابن إلى جليس أو ونيس، أو أخ لأبويه.
وفى حال عدم وجود الأبناء، أوضح أستاذ علم الاجتماع أنه يُفضّل أن يختلط كبار السن بالشباب والأجيال المختلفة لتبادل خبرات الحياة، وإطلاع الكبار على الجديد فى الحياة، وفى المقابل يستفيد الشباب من خبرة كبار السن التى راكموها على مدار سنين عمرهم الطويلة. ويكمل «طه» أنه حينما يصل الإنسان لسن المعاش عليه أن يفعل ما يُشعره بالراحة: «الإنسان لازم يغير مكانه وروتينه كل 5 أيام ونصف، وعشان كده ما ينفعش يروح يقعد فى نفس القهوة مثلاً، ولا نفس الكرسى، لا.. غيَّر من اللى بتعمله بشكل يومى».
ويوضح أستاذ الصحة النفسية أنه يجب الخروج من الرتابة والخمول والسكون، فهى جميعها أحاسيس مؤلمة، ويجب قطع الرتابة تماماً: «كبار السن من الأفضل أن يجدوا الونس المناسب لهم، وطاقة التقدير والاحترام المتبادلة كل ده هيكون له تأثيرات إيجابية شديدة جداً».
«منصور»: مَن لديه معارف وأصدقاء في حياته لا يشعر بصدمة «المعاش»
من جهتها، قالت دكتورة هالة منصور، أستاذة علم الاجتماع بجامعة بنها، إن ما يحدث لكبار السن من محاولات اللجوء إلى الونس أمر طبيعى، «أول ما بيوصل لسن المعاش بيحصل نقلة كبيرة أوى فى حياته بعد ما كان منتظم فى عمل يومى، خاصة لو فيه سلطة وظيفية واجتماعية، ولكن لو عنده أصدقاء ومعارف كتير ما بيحصلوش التغيير القوى زى اللى بيلاقى الحياة فضيت فجأة، وفى تلك الحالة يرفضون واقعهم بأنهم أصبحوا على المعاش وكباراً فى السن.. بيحصل له دروب كبير، وبيبقى عايز يعوض حاجات كتير أوى فاتته».
وعن لجوء كثير من المسنين إلى الزواج بعد رحيل شريك الحياة، يكون دافعهم، حسب «منصور»، هو شعورهم بأنهم ليس عليهم أعباء خاصة بالأبناء ولا يحتاجون إلا للونس فى هذه السن الكبيرة، وتضيف: «الناس اللى بتشتغل ممكن تكون متعودة على مستوى معيشة معين، لكن ذلك لا يتوفر لهم بعد التقاعد، نظراً لقلة قيمة المعاش، ما يضطره إلى العمل، طالما يتمتع بصحة تؤهله للعمل، وبالمعنى الدارج بيبقى يتونس بالشغل ويحسن دخله».
وتكشف أستاذ علم الاجتماع أن المسنين يلجأون لأنشطة متعددة بعد سن الستين لإثبات ذاتهم، وأنهم ليسوا منتهى الصلاحية، ولفتت إلى أنه إذا شاخ الإنسان يستكين، لكن طالما هناك طاقة للعمل، فإنه يحرص على أن يعمل ويسافر «بيحصل له فراغ كبير بيعوضه عشان ما يجلوش اكتئاب ولا تهاجمه أمراض، طول ما هو نشيط وبيشتغل يقدر يعوض إنه يكون كهل».