روشتة إنعاش الصناعة.. الإنتاج المحلي وجذب الاستثمارات وإنشاء مصانع وضخ تمويلات لها

كتب: منى صلاح

روشتة إنعاش الصناعة.. الإنتاج المحلي وجذب الاستثمارات وإنشاء مصانع وضخ تمويلات لها

روشتة إنعاش الصناعة.. الإنتاج المحلي وجذب الاستثمارات وإنشاء مصانع وضخ تمويلات لها

أكد خبراء اقتصاديون ضرورة الاهتمام بالأنشطة الاقتصادية لدفع معدلات النمو، ومواجهة آثار الأزمات العالمية المتتابعة على الاقتصاد المصرى، وتوجيه المدخرات لقنوات تهدف لإقامة استثمارات طويلة الأجل، مثل بناء المصانع، والتوسع فى الرقعة الزراعية، واستصلاح الأراضى، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع والمنتجات الأساسية.

وقال بلال شعيب، الخبير الاقتصادى، إنه من الضرورى الاهتمام بالقطاعات الإنتاجية، مثل الزراعة والصناعة، والاعتماد على توفير غذائنا محلياً، وتصنيع منتجاتنا، وهذه هى أقصر الطرق وأكثرها فاعلية لعبور الأزمات العالمية المتلاحقة، التى انعكست على أداء الاقتصاد المصرى، مثله مثل باقى اقتصادات العالم.

خبراء: مطلوب الدخول في صناعات جديدة والتوسع في توطين القائمة

وأضاف «شعيب»: «نستورد 22 مليون طن قمح سنوياً، وننتج نصف احتياجاتنا من القمح فقط، بينما الدولة تخطط للوصول إلى الاكتفاء الذاتى من القمح والحبوب عبر استراتيجية واضحة، وهو ما سينعكس بالإيجاب على الموازنة العامة للدولة، وكذلك تقليل عجز الميزان التجارى بتقليل فاتورة الاستيراد». وتابع: «تشير أحدث الإحصائيات إلى وصول الصادرات المصرية إلى 80 مليار دولار، مقارنة بواردات بلغ حجمها 40 مليار دولار، وهو ما يؤكد ضرورة توطين الصناعة المحلية بشكل حقيقى، خاصةً أنَّ 50% من فاتورة الاستيراد موجهة لسد احتياجاتنا من القمح والسلع الغذائية الأساسية، وهو ما يشكل ضغطاً على الاحتياطى النقدى الأجنبى للبلاد».

وأشار إلى تحقيق الدولة طفرة فى نمو الاحتياطى النقدى ليسجل 50 مليار دولار خلال عام 2019، وهو أعلى مستوى تاريخى له، وتراجع بعد ذلك بسبب الظروف العالمية، حيث أدت جائحة كورونا إلى تقليل التدفقات من السياحة، لتصل إلى 6 مليارات دولار بنهاية عام 2020 بدلاً من 13 مليار دولار خلال أقل من عام، وتلتها سلسلة من الأزمات، مثل الأزمة الروسية، والتضخم العالمى.

وتابع: «وصلنا لأدنى نقطة فى عام 2013 باحتياطى نقدى 13 مليار دولار، وبفضل برنامج الإصلاح الاقتصادى وصلنا لـ50 مليار دولار فى عام 2019». وأكد أن «الحرب الروسية - الأوكرانية أبرز المؤثرات المحيطة بالاقتصاد المصرى على المستوى العالمى، فمستهدفات التضخم للعام الماضى المحددة من البنك المركزى كانت +/-9، وظهرت مشكلة بقطاع السياحة بسبب التوترات الجيوسياسية، حيث إنَّ 56% من السياح الوافدين إلى مصر من الروس والأوكران، وبالتالى انحسرت الأفواج وتأثرت العوائد، بجانب أنَّ 70% من الأقماح المستوردة تأتى من روسيا وأوكرانيا، اللتين تسيطران على 45% من الاحتياطى العالمى للقمح والذرة».

وأوضح «شعيب» أنَّ ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية مثل سعر طن القمح الذى تحرك من 270 دولاراً قبل الأزمة إلى 500 دولار مؤخراً، وسعر برميل النفط الذى ارتفع إلى 115 دولاراً بدلاً من 65، شكَّل أعباء وضغوطاً على الموازنة العامة للدولة، ورفع تكاليف فاتورة الاستيراد، وبالتالى انكماش الاحتياطى النقدى.

جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة ورؤوس الأموال من طرق الإنعاش

ويرى الخبير الاقتصادى أن روشتة العلاج تتضمن الاعتماد على التصنيع المحلى، وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة ورؤوس الأموال، وإنشاء المصانع والشركات والمشروعات العملاقة، وضخ التمويلات بشرايين الاقتصاد، بجانب الدخول فى صناعات جديدة، والتوسع فى القائمة، وتوطين صناعات تسد احتياجات الأسواق المحلية، وتكون بديلاً للمنتجات المستوردة، خاصةً الصناعات التحويلية، وتكثيف أنشطة التعدين والاستخراج، وتوفير مستلزمات الإنتاج.

وأشار إلى أن هناك فرصة لتصنيع السيارات وتوفير قطع الغيار التى نستورد 70% منها من الخارج، حيث إنَّ هناك 12 مليون سيارة للركاب فى مصر، ما يعنى وجود سوق محلية واسةع لمنتجات قطع الغيار، مع ضرورة نقل تجربة المغرب وصناعة السيارات إلى مصر، ونحن مؤهلون لذلك، ما يعد بوابة لغزو أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا.

وأوصى بضرورة الاهتمام بالتطبيقات التكنولوجية الحديثة المعتمدة على التحول الرقمى والبنية الذكية، وفتح مصانع لإنتاج الهواتف الذكية وأجهزة اللاب توب، فمثلاً تبلغ نسبة المكون المحلى بمنتجات «تورنيدو» 80%، لافتاً إلى العائد الاقتصادى من هذه المشروعات وهو ما يتمثل فى تشغيل العمالة، وتخفيض معدلات البطالة، وبالتالى تقليل انتشار معدلات الفقر بزيادة الدخل، وانخفاض معدلات الجريمة.

وأكد أهمية تغيير الخارطة السياحية داخل مصر، وتنويع المقاصد السياحية، حيث يزور مصر سنوياً 12 مليون سائح، بإيرادات بلغت 12.7 مليار دولار بنهاية 2021، مقارنة بوجهات ومقاصد سياحية لبلدان مجاورة تخطت إيراداتها أضعاف دخل مصر من السياحة، ويزورها 25 مليون سائح سنوياً، متابعاً: «نستهدف زيادة حصيلة السياحة إلى 50 ملياراً سنوياً».

وأرجع أهمية القطاع السياحى فى مصر إلى أنَّه من القطاعات الإنتاجية التى تسهم زيادة معدلات تشغيلها فى توفير آلاف فرص العمل، وزيادة دخل الأسر، وهو ما يسهم فى تشغيل من 40 لـ50 صناعة وحرفة أخرى، وهو قطاع إنتاجى قائم على تشغيل الأيدى العاملة، ويحل أزمة البطالة، حيث إن الغرفة الفندقية الواحدة تسهم فى تشغيل 0.5 فرد، فكل غرفتين فندقيتين يتم فتحهما تسهمان بإيجاد فرصة عمل لمواطن، مشيراً إلى ضرورة وضع خطة لزيادة تحويلات العاملين بالخارج، من خلال مبادرات تم إطلاقها، مثل مبادرة السيارة المعفاة من الضرائب للمصريين بالخارج، لربطهم بوطنهم الأم.

وقال الدكتور محمد البنا، أستاذ الاقتصاد والمالية العامة بجامعة المنوفية، إنَّ التنسيق بين السياسات النقدية وأدوات السياسة المالية الممثلة فى جانبى الموازنة من إيرادات، خاصةً الإيرادات الضريبية والنفقات العامة، والسياسات التجارية، أمرٌ فى غاية الأهمية، لتنفيذ أهداف الدولة بتوطين الصناعة، والتوسع فى الصادرات، وجذب رؤوس الأموال، وزيادة الاستثمارات.

وأضاف «البنا» أنه يجب على الحكومة أن تسعى جاهدةً لتقليص عجز الموازنة، بالتنسيق مع صانعى السياسة النقدية أو مع البنك المركزى، بهدف ترشيد الإنفاق على المشروعات طويلة الأجل، أو إطالة أجل تنفيذها، لتخفيف الضغوط عن الموازنة.

وتابع: «أى زيادة فى العجز سيتبعها اقتراض، خاصة من الجهاز المصرفى، ما قد يغذى الاتجاهات التضخمية إذا ما تم اللجوء للبنوك أو البنك المركزى لسد العجز، وبالتالى فعلى وزارة المالية السعى لتقليص العجز، وأن يتم الاقتراض من الأفراد والمؤسسات غير المصرفية، أى الشركات التى لديها فوائض، وصناديق الاستثمار والادخار».

وأضاف «البنا»: «على البنك المركزى أن يدعم دور الحكومة فى هذا الاتجاه، ورفع الفائدة أحد أوجه السياسة النقدية التقليدية لكبح جماح التضخم، ولكن يفضل لجوء المركزى حالياً إلى سبل أخرى لتقليص المعروض النقدى وتقليل السيولة، بقصد تخفيض معدلات ارتفاع الأسعار، وطُبِّق بالفعل هذا الاتجاه عند رفعه نسبة الاحتياطى النقدى للبنوك إلى 18% بدلاً من 14%، ولدى البنك المركزى سياسات أخرى فى هذا الاتجاه لا بد من استخدامها بالتوازى، أو عوضاً عن رفع أسعار الفائدة، لأن الأخيرة ليست محبذة فى الوقت الحالى، لتأثيرها السلبى على تكلفة إقراض المشروعات الاستثمارية».

وأشار أستاذ الاقتصاد والمالية إلى أن أهم مدخل لتحفيز الاستثمار الذى يعتبر السبيل الوحيد للنمو الاقتصادى وتنفيذ قدر كبير من المشروعات، سواء الصغيرة أو المتوسطة أو الكبيرة، هو تحفيز المستثمرين بتوفير قدر من الاستقرار ببيئة ومناخ الاستثمار، عبر تضافر القوى والجهود المبذولة.

وقال: «أناشد الجهات الرسمية الحكومية تيسير الإجراءات على المستثمرين، وتقليل تدخلها البيروقراطى وتخفيف الاشتراطات والمستندات، وأن تقلل إجراءات وخطوات التنفيذ والحصول على التراخيص»، مؤكداً أن دور الحكومة الأساسى التيسير والتشجيع والتحفيز، وليس وضع عوائق بيروقراطية أو التشدد فى الاشتراطات والمواصفات، وتصعيب حصول الأفراد والمنشآت على التراخيص، ما يعوق من قرارات المستثمرين».

وشدد على ضرورة تحفيز الأفراد على الادخار، وحثهم على الاستثمار فى مشروعات فردية ومشروعات صغيرة ومتناهية الصغر ومتوسطة وكبيرة، ولا يتأتى ذلك فى ظل بيروقراطية تعوق وتعرقل، بل وتحبط وتدفع الأفراد والمستثمرين إلى الخروج من مجال الأعمال، والركون إلى المضاربات والاستثمار فى الأوعية الادخارية والقنوات الاستثمارية الريعية وغير الإنتاجية التى لا تبنى اقتصادات الدول بشكل صحيح.

وواصل: «الاقتصاد بحاجة إلى بناء طاقات وقدرات إنتاجية ومشروعات تشغل الأفراد، وتستخدم الموارد، لتقدم الخدمات وتولد الدخول، وتنتج سلعاً للتصدير أو الاستهلاك المحلى، ما يؤكد ضرورة التيسير على الأفراد وتشجيعهم وتحفيزهم، وعلى الحكومة أن تخفف وترفع يدها عن المستثمرين، ولا تغالى فى الاشتراطات والتراخيص والخطوات المعقدة الطويلة، لتحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادى، وتوفير فرص العمل».


مواضيع متعلقة