أصحاب المزارع فى المحافظات يصرخون: القرار مسمار أخير فى نعش الإنتاج المحلى

أصحاب المزارع فى المحافظات يصرخون: القرار مسمار أخير فى نعش الإنتاج المحلى

أصحاب المزارع فى المحافظات يصرخون: القرار مسمار أخير فى نعش الإنتاج المحلى

حالة من «الغليان» تسود أوساط أصحاب مزارع الدواجن فى مختلف المحافظات، فى أعقاب صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء، المهندس شريف إسماعيل، بإلغاء الرسوم الجمركية على «الفراخ المجمدة» المستوردة من الخارج لمدة 6 شهور، اعتباراً من 10 نوفمبر الحالى وحتى نهاية مايو 2017، معتبرين أن القرار، الذى يحمل رقم 3047 لسنة 2016، سيؤدى إلى انهيار صناعة الدواجن الوطنية، كما سيضطرهم إلى إغلاق مزارعهم، مما يتسبب فى تشريد آلاف العاملين بها، بالإضافة إلى تزايد ممارسات «الجشع» من جانب المستوردين.

{long_qoute_1}

ووصف العديد من التجار وأصحاب مزارع الدواجن فى محافظة القليوبية، التى تعد واحدة من أكثر المحافظات إنتاجاً للدواجن، أو ما يطلقون عليها «لحمة الغلابة»، القرار بأنه «المسمار الأخير فى نعش الصناعة الوطنية»، التى تعرضت لعدة انهيارات متتالية خلال الفترة الأخيرة، بسبب اعتمادها على خامات مستوردة، تسببت فى ارتفاع أسعارها بصورة جنونية، نتيجة «تعويم الجنيه»، والارتفاعات المتكررة فى سعر الدولار، كما حذروا من أن القرار الأخير سيؤدى إلى «خراب بيوت» العاملين فى هذه الصناعة، مؤكدين أن هذا التحرك من جانب الحكومة من شأنه «دعم الدول المصدرة على حساب صناعة وطنية، تركوها حتى انهارت»، خاصة أن عدداً كبيراً منهم أعلنوا إفلاسهم وقاموا بتسريح آلاف العمال، مناشدين الرئيس عبدالفتاح السيسى التدخل لإنقاذهم مما وصفوها بـ«القرارات الحكومية العشوائية».

وأعرب المزارعون عن استنكارهم من قرار إعفاء الدواجن المستوردة من الرسوم الجمركية، قائلين إنه فى الوقت الذى بلغ فيه سعر كيلو الدجاج الحى أكثر من 23 جنيهاً، بينما وصل سعر طبق بيض المائدة إلى 30 جنيهاً، بسبب الارتفاع الجنونى فى سعر الدولار، أصدرت الحكومة قرارها بإلغاء الرسوم الجمركية على «الفراخ المستوردة»، بدلاً من التفكير فى إلغائها على مدخلات صناعة الدواجن المحلية، من أعلاف وأمصال وغيرها من مستلزمات الصناعة، التى تعتمد كلياً على الاستيراد، وأكد المربون والتجار فى قرى القليوبية، التى تنتشر فيها مزارع الدواجن، أن القرار الأخير سيعرضهم لخسائر فادحة، كما سيقضى نهائياً على صناعة الدواجن، مشيرين إلى أنهم تعرضوا مؤخراً لخسائر بملايين الجنيهات، مما تسبب فى إغلاق ما يقرب من 90% من مزارع الدواجن بالمحافظة، التى تقدر بقرابة 10 آلاف مزرعة، منها 4600 مزرعة فى قرية «ميت العطار»، التابعة لمركز بنها، مشيرين إلى أن محافظة القليوبية التى كانت تنتج نحو 65% من إجمالى إنتاج الدواجن فى مصر، تراجع إنتاجها إلى أقل من 40% بسبب «الظروف الصعبة» التى تمر بها الصناعة، نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف والأمصال.

وأوضح «أحمد العيسوى»، تاجر ومربى دواجن من قرية «ميت العطار»، أن «قرار رئيس مجلس الوزراء لا يراعى الصناعة المحلية، وكأن الحكومة الحالية تعمل لصالح مواطنين آخرين»، مشيراً إلى أن «المستفيد الوحيد من القرار هو كبار المستوردين، الذين سيزيدون ثراءً على حساب الغلابة والمربين فى القرى»، وقال: «بدلاً من أن تقوم الحكومة بحل مشكلة ارتفاع أسعار الخامات المستوردة، التى تسببت فى رفع أسعار الدواجن، تقوم بهذه الخطوة، وكأنها تنفذ مخططاً شيطانياً للإجهاز على الصناعة الوطنية».

ووصف المهندس مصطفى العُرس رئيس «اتحاد منتجى الدواجن» بالدقهلية، قرار إلغاء الرسوم الجمركية على الدواجن المستوردة لمدة 6 شهور، بأنه «يدمر صناعة الدواجن فى مصر»، محذراً من أنه سيؤدى إلى «حدوث فجوة كبيرة، تزداد مع الأيام، حتى تصل لتدمير كامل لمنتج وصلنا فيه فى أحد الأيام للاكتفاء الذاتى»، وأكد أن «القرار يقضى على صغار المربين، الذين يمثلون القطاع الأكبر فى تربية الدواجن»، لافتاً إلى أن «صاحب المزرعة يتكبد خسائر يومية تُقدر بنحو 20 ألف جنيه، وبينما كان الجميع ينتظرون انفراجة خلال الأيام المقبلة، جاء قرار الحكومة ليوجه ضربة قاضية للصناعة الوطنية»، وتساءل: «أين دور اتحاد منتجى الدواجن فى مثل هذه القرارات؟»، مشيراً إلى أن «الاتحاد يحصل على ما لا يقل عن 400 مليون جنيه سنوياً من المربين، من خلال نسبة تتراوح بين 2 و3% على كل طن أعلاف يدخل مصر، وفى المقابل لا نرى له أى دور فى حماية صناعة تستوعب أكثر من 5 ملايين عامل بأسرهم»، مؤكداً أن أكثر من 70% من أصحاب مزارع الدواجن بالمحافظة أغلقوا مزارعهم، بينما تحول عدد آخر إلى مهن أخرى، وتابع «العُرس» قائلاً: «لقد وقعنا فى أيدى عصابات تتحكم فى كل شىء، مرة السكر، ومرة أخرى القمح، وحالياً الذرة، ثم الدواجن، ففى اليوم الذى يتم فيه تفعيل القرار واستيراد الدواجن، سيتم تسريح أكثر من 30% من العمالة الحالية، التى أصبح لا يحصل سوى على 30 جنيهاً فقط يومياً، فى ظل حالة الغلاء التى تعيشها مصر».

كما أكد الدكتور سامى طه نقيب الأطباء البيطريين السابق بالدقهلية، أن قرار رئيس مجلس الوزراء بإعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك «صدر بأثر رجعى»، مما يعنى أنه «يصب فى مصلحة أشخاص بعينهم»، ويفتح الباب أمام استيراد «فراخ مقتولة»، وليست مذبوحة، مشيراً إلى أنه لا يتم ذبح الطيور فى الخارج، وإنما يتم قتلها، وحذر أيضاً من أن القرار سيؤدى إلى «تدمير صناعة تصل قيمة استثماراتها إلى 220 مليار جنيه»، مؤكداً أن «القرار لا يراعى غير مدخلات صناعة الدواجن، من أدوية بيطرية، وأعلاف وعمالة، وكل هذا سيتأثر بالقرار، فالصناعة الوطنية لا يتم حمايتها»، وتساءل: «أين وزير الزراعة والنقابات واتحاد منتجى الدواجن من هذا القرار؟».

وقال المهندس سامى المرسى، أحد كبار المربين بالدقهلية، إن خسائر أصحاب مزارع الدواجن تُقدر بملايين الجنيهات، مؤكداً أن الوضع الحالى جعل عدداً كبيراً من المربين يتحولون إلى صناعات أخرى، فقد طالب بتدخل القوات المسلحة لاستيراد مستلزمات الإنتاج، خاصة أن المكون الأساسى فى الصناعة هو «الأعلاف»، مؤكداً أن «الموجودة حالياً بها سموم، تكلفنا الكثير من مضادات الأمراض»، مشيراً إلى أن «صناعة الدواجن كانت من أكثر الصناعات الرائجة فى مصر، وبدأت فى التصدير، حتى جاء عام 2006، حيث ظهر مرض إنفلونزا الطيور، وتوقفت الدول التى نصدر إليها عن قبول إنتاجنا، والسر كله فى الأعلاف، حيث إنها تتسبب فى ضعف المناعة لدى الطائر، وبالتالى زيادة معدلات النفوق، وكلها تكاليف على المربين، ومنذ 8 شهور ونحن على هذا الحال، حتى إن المربى اتخرب بيته».

وامتدت حالة «الغليان» إلى منتجى الدواجن بالإسكندرية، الذين اعتبروا أن قرار إعفاء الدواجن المجمدة المستوردة من الرسوم الجمركية بمثابة «رصاصة أطلقتها الحكومة للقضاء على صناعة الدواجن فى مصر»، وقال المهندس «عماد منصور»، صاحب مزرعة دواجن على طريق الإسكندرية - القاهرة الصحراوى، إنه «كان من الأولى لرئيس مجلس الوزراء، قبل إلغاء الرسوم الجمركية على الدواجن المستوردة، أن يصدر قراراً بدعم العلف، خاصة أن مصر لديها اكتفاء ذاتى من الدواجن، ولا تحتاج إلى استيراد من الخارج»، مؤكداً أن «القرار يأتى لإرضاء عدد من رجال الأعمال، رغم أنه سيؤدى إلى إغلاق أكثر من 40% من مزارع الدواجن بالإسكندرية».

وقال «أحمد عبدالفتاح»، صاحب مزرعة أخرى بالإسكندرية، إن «صناعة الدواجن فى طريقها للانقراض»، معتبراً أن «الدولة تسير فى اتجاه معاكس لجميع الصناعات، فبدلاً من دعم الصناعة الوطنية، يتم دعم المستورد»، وتابع بقوله: «إحنا مش قادرين نستحمل زيادة أسعار العلف، وتبعه زيادة أسعار النقل، وغيره من الزيادات فى الأسعار، دلوقتى بنتكلم عن مزارع بتتقفل، والحكومة بتشجع قرارات غلق المزارع، بتشجيع الصناعة المستوردة».

وقال «مختار سيد»، صاحب مزرعة دواجن بأسيوط، إن «الحكومة بهذا القرار تعمل لصالح كبار التجار وليس أصحاب المزارع والمنتجين للثروة الداجنة بمصر بشكل عام»، وتوجه إلى رئيس مجلس الوزراء متسائلاً: «كيف تقول دائماً إن الحكومة تعمل لصالح السوق المحلية، ثم تصدر هذا القرار؟»، بينما قال «عبده العليدى»، رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية فى بورسعيد، إنه «كان من الأولى للحكومة أن تخفض أسعار الأعلاف»، واصفاً القرار بأنه «غير مدروس»، كما ناشد الرئيس السيسى «تغيير أصحاب مثل هذه القرارات، لأنها تثبت جهلهم»، على حد قوله.

وقال الدكتور «أيمن سمير»، طبيب بيطرى، ومتخصص فى مزارع الدواجن بالمنيا، إن «القرار سيكون ضربة قوية على ظهور المربين وأصحاب المزارع»، مضيفاً أنه «كان من المفترض البحث عن حلول جذرية لمشكلة استيراد الذرة الصفراء والصويا من الخارج، حيث تدخل هذه المكونات فى صناعة الأعلاف»، وتابع بقوله: «كنا ننتظر بفروغ الصبر مشروع المليون ونصف المليون فدان، لإنقاذ صناعة الدواجن، التى تتراجع بخطوات سريعة، ولكن فوجئنا بقرار إلغاء الجمارك على الدواجن المستوردة، وهذا سيضر بصناعة الدواجن المحلية، ولن يستطيع أصحاب المزارع والمربون الصمود والمنافسة فى ظل الوضع الحالى، وستنهار الصناعة للأبد، وستكون الخسائر كبيرة وفادحة على أصحاب المزارع».


مواضيع متعلقة