محمد محسن «الليبي» والعيون المرايفة!

احتفاء غير طبيعي، شهده إطلاق «الفيديو كليب» الجديد للنجم محمد محسن، والخاص بأغنية «ضي القمر»، الأغنية قُدمت باللهجة الليبية، حاملة عددا من المصطلحات المستعصية على آذان المستمع المصري، لكنها ذات وقع موسيقي محبب في الوقت نفسه، ما جعل الأغنية تخلق حالة من البهجة غير طبيعية.

تقول كلمات الأغنية: «جيتي على أطراف الخريف، متسربلة بالصمت، مشحون فيك الكبت، لكن عيونك، باين عليها مرايفة»، وجاء في مقطع آخر «شوق الحياة مذبوح، والغيم ما فْ يدّه مطر، والروح مالها روح، وما عاد عندي للمواجع صبر، والورد متيبّس عروقه صايفة»، والمقصود بـ«مرايفة» هنا «مشتاقة»، أما «صايفة» فهي مشتقة من الصيف، حيث إنه فصل يساهم في ذبول وموت الورود، وتعني «متيبسة أو جافة».

الحالة التي صنعتها الأغنية حملت عدة أوجه، فحالة من السعادة الغامرة لفّت الإخوة الليبيين وخاصة المقيمين بمصر، ما أضفى بهجة لا توصف في نفوسهم، أخرجتهم قليلا من أزمتهم التي تجاوزت عامها الحادي عشر. وجه آخر للاحتفاء بالأغنية من الجانب الليبي، أن «محمد محسن» تمكن إلى حد كبير من إتقان اللهجة الليبية وتقديمها كأهل ليبيا بنسبة كبيرة جدا -بحسب شهادات لأصدقاء ليبيين-، فاللهجة الليبية تحمل مصطلحات قد تكون ثقيلة نوعا ما في النطق، ومعناها مختلف لغير الناطق بها، ما جعل تقديم محسن للأغنية بها أشبه بالتحدي، الذي تغلب عليه «محسن» بأداء سلس دون مغالاة أو تسطيح.

الأغنية تصنف من نوعية الشعر المحكي، الذي قد يحمل عدة معاني وفقا لفهم المتلقي لها، ومدى تعاطيه مع مقاطعها المختلفة، فقد قدمت بلغة دمجت بين اللهجة الليبية وبعض المصطلحات العربية الأخرى، ما أنتج لغة ثالثة، خلقت حالة من البهجة لدى المستمع، فذاب معها وتفاعل وفسرها وفقا لفهمه للحكاية وتعاطيه مع المعاني.أما المستمع المصري للأغنية، فقد وجد فيها ضالته بما حملته من مصطلحات راقية وحالة نقية، مغايرة للذوق العام المنتشر منذ فترة متضمنا أغاني تحمل تعبيرات غريبة، أفسدت جزءا من الفن الذي تربى عليه الأجيال المتعاقبة، فاحتفى جزء كبير بالأغنية، ما جعلها تقترب منذ إطلاقها قبل 4 أيام من حاجز الـ400 ألف مشاهدة على موقع «يوتيوب».

الأغنية قدمت وجبة متكاملة من الإبداع الفني، بداية من كلماتها للشاعر الليبي سالم العالم، الذي خلق حالة رائعة من التجانس، ومرورا باللحن لتامر العلواني الذي قدم تيمة موسيقية تجذب الأذن من أول مقطع، ووصولا للمخرج علي السطوحي، حيث نجح في تقديم مشاهد بسيطة لكنها معبرة بشكل كبير عن حالة الأغنية، أما محمد محسن فقد تقمص الأداء والإحساس، وكأنه ليبي أبا عن جد.

محمد محسن، فنان مختلف له ذوق فريد، فهو ذكي يعرف جيدا كيف يختار ما يقدم، ووفق كثيرا في اختياره لهذه الأغنية بكلماتها الصعبة، وكان التوفيق الأكبر في الأداء وإجادة اللهجة الصعبة، فلا شك أن هذه الأغنية بحالتها الفريدة تسطيع التصدر لفترة ليست بالقليلة خلال الأيام المقبلة، نظرا لردود الفعل عليها حتى الآن.