«العمامة» تاج الصعايدة.. «عرفة» يحيي تراث الأجداد بين شباب الأقصر

«العمامة» تاج الصعايدة.. «عرفة» يحيي تراث الأجداد بين شباب الأقصر
محمود عرفة، شاب في الثلاثين من عمره قرر إحياء تراث الأجداد في ارتداء العمامة التي بدأت تندثر بين الأوساط الشبابية في قريته «العوامية» بالأقصر، ورغم حصوله على مؤهل عال، إلا أنه لا يجد حرجًا في التجول بها في أي مكان، مؤكدًا أنه يعتز بتراثه وثقافته الصعيدية.
محمود كغيره من الشباب كان لا يرتدي العمامة نهائيًا، فقط الجلباب، موضحًا أن الدراما والسينما لها دور كبير عزوف الشباب عن ارتداء العمامة بسبب السخرية ممن يرتدونها والتنميط غير الصحيح، فضلًا عن ارتفاع نسبة المتعلمين في الصعيد عن السابق، مما جعل الشاب لا يعتاد ارتداء العمامة، وكذلك الموضة في تسريحات وتصفيف الشعر التي تحجبها العمامة بالطبع.
تأثير العمل في الوظائف الحكومية والقطاع الخاص
ويشير أحمد بحر رمضان، شاب من قرية البغدادي، إلى أن العمامة تمثل شرف وهيبة لأي صعيدي، لكن الوقت الحالي والحداثة فرضت على كثير من الشباب العزوف عن ارتداء العمامة، بسبب الوظائف والأعمال التي لا تصلح لها العمامة مثل العمل في السياحة والشركات والمؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، ففي السابق كانت معظم الناس تعمل في الزراعة، وكان ارتداء العمامة شيئًا أساسيًا فهي إرث الأجداد وتمثل هيبة وفخرًا لمن يرتديها، فكان قديما لا يطلق على الشاب أنه رجل إلا إذا ارتدى العمامة، وكان من لا يرتدي العمامة يقال عنه «أفندي» فضلًا عن أنها كانت تقي من الحر ولهيب الشمس.
تأثير ارتفاع درجات الحرارة في ارتداء العمامة
من جانبه يوضح عبدالجواد عبد الفتاح الحجاجي، رئيس الآثار قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بالأقصر سابقا، أن درجة الحرارة المرتفعة في الصعيد ربما كانت بداية العمامة، فكانت تكبر وتصغر حسب حرارة الجو، ففي أسوان نرى العمامة كبيرة جدا لأن درجة الحرارة مرتفعة، وهكذا تصغر العمامة كلما توجهنا لشمال الصعيد، لكن بعد ذلك تحولت لجزء من تراثه وهويته الثقافية واعتز بها، ولابد أن يكون الشخص الذي يرتديها كبيرًا أيضًا وليس كبيرًا بالسن بل بالمواقف والأفعال فهذا الموقف يوضح مدى الاعتزار بالعمامة والفخر بها.
ويروي عبدالفتاح، موقفًا حدث لشخص سرقت عمته في القطار، كان يقول يا «أرض داريني»، وكأنه عاري الجسد وليس الرأس، وما أن وصل حتى ركب حنطورا وتوارى عن الأنظار، ويعيب على الشباب التي ترتدى جلابيب فخمة ولا يرتدي عمامة، فيكون مسخ مشوه فلا هو أصبح أفنديا ببنطال وقميص ولا صعيديا بجلباب وعمامة، فهي تيجان الصعايدة.
اختلاف شكل العمامة من منطقة لأخرى
ويتابع مدير الآثار السابق، إلى أن لفة العمامة أو الشاش تختلف من منطقة لأخرى ومن محافظة لأخرى في الصعيد، فالعمامة السوهاجية تختلف عن الأسوانية وكذا القنائية تختلف عن الأقصرية، فلكل بلد أو مركز لفة شاش مختلفة يُعرف ويتميز بها.
ويستهجن الحجاجي، المقولة الساخرة القائلة «أنت هتلبسني العمة» كناية عن الاستغفال والسذاجة، مع أن العمامة بريئة من كل هذا، بالعكس فمقولة «هلبسك العمة» كانت تعني «هخليك راجل».