أ.د. إقبال السمالوطي.. تكتب: المجتمع المدني والحوار الوطني نحو شراكة فاعلة لجمهورية جديدة

أ.د. إقبال السمالوطي.. تكتب: المجتمع المدني والحوار الوطني نحو شراكة فاعلة لجمهورية جديدة
تسلمت بكل سعادة مخاطبة الأكاديمية الوطنية للتدريب بتكليفى بإعداد رؤية للحوار الوطنى الذى دعا إليه السيد رئيس الجمهورية والذى يعكس توجهاً ديمقراطياً مشهوداً، وأعرض فيما يلى رؤية كتبتها بكل أمانة وإخلاص لمصرنا الجديدة الغالية، كما بلورت خبرة أكاديمية وميدانية لخمسين عاماً منذ تخرجى وانشغالى بالعمل العام الاجتماعى التطوعى وطنياً وإقليمياً.
تمهيد ورؤية حول مفهوم المجتمع المدنى:
لا شك فى أنه لا يمكن تفعيل حوار وطنى فعال يقود إلى جمهورية جديدة أساسها العدالة دون التشاور الجاد والمساهمة المحلية الفاعلة، فالمجتمع المدنى هو الركيزة الأساسية لبناء حوار وطنى كما دعا إليه رئيس الجمهورية.
وتعكس هذه الورقة المحاور المقترحة للحوار الوطنى، وهى عامة وواقعية ومرنة تقبل الحوار والاختلاف وليس الخلاف كما يلى:
أولاً: المجتمع المدنى والعمل الأهلى من حيث:
- ما يجب أن يكون عليه مستقبلياً.
- التحديات والمتطلبات الراهنة.
ثانياً: المشاركون فى الحوار (ممثلو الجمعيات الأهلية على مستوى القرية - الحى - المحافظة بحضور ممثلى الجمعيات باختلاف مجالاتها).
يدير الحوار محلياً الجمعيات المظلة، ممثلو وزارة التضامن الاجتماعى على مستوى المحافظة + خبير تنموى - حقوقى - تحديد مقرر متخصص للتوثيق.
من خلال تفريغ وتحليل نتائج الحوار تصاغ ورقة عمل واحدة مركزية تمثل وجهة نظر العمل الأهلى بالتعاون مع الاتحاد العام للجمعيات الأهلية والتحالف الوطنى ووزارة التضامن الاجتماعى.
فالمجتمع المدنى هو الفضاء بين الأسرة والدولة ويتسم بأنه حر - طوعى - مستقل - مدرسة لتعليم الديمقراطية، وهو مجال يربط بين مجموعة من البشر قد يكونون مختلفين ثقافياً واجتماعياً، ولكن يجمعهم هدف واحد وقضية مشتركة، ويعتمد على التواصل - توفير الفرص البديلة من خلال كل المنظمات غير الحكومية وتشمل الجمعيات والمنظمات الأهلية (النقابات- الشبكات... إلخ).
ويتمثل الدور الأساسى للمجتمع المدنى فى:
1) التواصل بين المواطن والحكومة: وكيل لتحقيق حكم أكثر رشادة «Agent»
- كمستفيد: ومتلقى قنوات الخدمة بإتاحة الخدمة وإجراءاتها والتحقق من جودة الخدمة والتأكد من وصول الخدمة لمستحقيها.
- كصانع للتغيير: وداعم لسياسة الدولة وأن يكون منفِّذاً ومُحترِماً للقانون وأيضاً يعرف حقوقه ويطالب بها من خلال القنوات الشرعية والقانون (تحقيق المواطنة النشطة).
2) تحقيق العدالة الاجتماعية: باعتبارها مطلباً إنسانياً فى دولة العدل والقانون والدفاع عن حقوق الفئات الأكثر احتياجاً والمهمشين وينقلهم من التهميش إلى الاستيعاب (فعالية - مشاركة - تمكين).
فهو آلية لتجسيد وتطبيق مفهوم الديمقراطية والمساواة والمواطنة وتحقيق الأمن الإنسانى والإنصاف. ولتحقيق العدالة الاجتماعية لا بد من:
توزيع عادل لناتج النمو العام.
القضاء على التمييز بين الفئات والمناطق الجغرافية... إلخ.
تكافؤ الفرص وإتاحتها للجميع.
وجود سياسات لمواجهة الفقر - تحسين مستوى المعيشة وخدمات الصحة والتعليم والبنية الأساسية.
3) تعبئة مشاركة المجتمع المحلى الهادفة على جميع مستويات المجتمع.
4) المشاركة فى وضع وتغيير السياسات الاجتماعية.
5) تربية وبناء وعى المواطنين واتباع نهج بناء السلام والتعايش السلمى وقبول الاختلاف.
مبادئ وتوجهات المجتمع المدنى:
تنطلق من مسلَّمة:
- المواطن أولاً، ويجب أن يكون فاعلاً ومبادراً وليس متلقياً للخدمة فقط.
- احترام حقوق الإنسان - قيم المواطنة - التضامن - المساواة - عدم التمييز طبقاً للدستور المصرى والمواثيق الدولية، قيمة مشاركة المواطنين والحوار والتشارك فى جميع مراحل تحديد الاحتياجات والتنفيذ والمتابعة والتقويم، الاعتماد الذاتى وبناء رأس المال الاجتماعى، المنهجية العلمية والمهنية والالتزام بالتقويم الموضوعى وقياس الأثر، التكامل والتشبيك والتنسيق جغرافياً على المستوى المجتمعى المحلى ونوعياً على مستوى الفئة المستهدفة (للوصول إلى خريطة موارد ومعلومات وتقييم لإسهام المجتمع المدنى لصياغة نموذج مصرى).
2- التنمية تبدأ من المجتمع المحلى «Localization» اعتماداً على بناء رأس المال الاجتماعى وتنظيم المشاركة المجتمعية واكتشاف القيادات المحلية وتنظيمها لضمان استمرارية العمل التنموى.
3- نشر ودعم ثقافة الاعتماد الذاتى واستثارة الثقة والانتماء والهمة الوطنية.
محاور النقاش:
المحور الأول:
أهمية الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدنى (الحوكمة):
1- الشراكة هى: مجموعة الاتفاقات المبرمة تلقائياً التى توازن بين مصالح الأطراف المعنية وتستجيب بطريقة أحسن لهذه المصالح مقارنة مع اختيارات أو حلول أخرى. ونظراً لاستنادها إلى التلقائية فهى تكون نتيجة حوار فى شكل مفاوضات مفتوحة.
2- والشراكة مفهوم حضارى داعم وبنّاء ومؤثر بين شركاء الوطن فى بناء مجتمع متماسك ديمقراطى ناهض، قادر على تحقيق أداء وكفاءة أعلى فى التطوير والتنمية المستدامة بطرائق متنوعة ومرنة لتحقق أهدافاً تربوية مشتركة وفق رؤية وخطة استراتيجية.
وقد نص الدستور المصرى عام 2014 على حق المواطن فى المشاركة والتعبير بحيث فتح آفاقاً وأبعاداً اجتماعية، وثقافية، وسياسية، واقتصادية تؤكد على أهمية بناء شراكات استراتيجية فاعلة قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى لبناء مستقبل الوطن وفى القلب منه التعليم.
3- ولتحقيق الشراكة لا بد من تحقق عوامل حاكمة منظمة لعلاقة التشارك:
- التوازن فى سلطة الأطراف - احترام القانون وثقة متبادلة - التزامات بأدوار أرضية - وهدف مشترك للصالح العام - الكفاءة قدرة وبنية مؤسسية والفاعلية للتنفيذ والتقويم والمساءلة.
- شفافية المعلومات.
- التكافؤ بين الإناث والذكور.
- الاستخدام الأمثل للموارد (كفاءة وفاعلية).
- التعددية وقبول الاختلاف.
- الاستمرارية (استمرارية المنافع بين جميع الشركاء).
المحور الثانى:
التحديات والمتطلبات:
1- تحديد مفهوم ومكونات المجتمع المدنى وموقع العمل الأهلى وأدواره ومهامه (النقابات - النوادى - مراكز الشباب - التعاونيات - مراكز حقوق الإنسان - مراكز البحوث... إلخ)، وهى منظمات مستقلة غير حكومية لا تهدف للربح.
2- غموض العلاقة والأدوار التكاملية بين الشركاء الأساسيين (القطاع الأهلى - الخاص - الحكومى - وزارة التضامن الاجتماعى - تنظيمات المجتمع المدنى الأخرى غير «الجمعيات الأهلية»).
3- آثار الأزمة الاقتصادية عالمياً ووطنياً، وخاصة على الفئات الأكثر احتياجاً والمتطلبات التنظيمية لتفعيل دور المجتمع الأهلى فى مجالات ترشيد وحقوق المستهلكين - التكافل الاجتماعى والإغاثة - مواجهة الإشاعات والحفاظ على الأمن القومى.
4- تعديلات تشريعية تحقق تحديد أدوار ومهام وميزانيات للمشاركة فى تنفيذ خطط وسياسات الدولة.
5- غياب العلاقة المنظومية بين منظمات العمل الأهلى فلا يوجد خريطة معرفية توضح التخصص - الجودة والفاعلية جغرافياً والمجالات التنموية.