السميران.. صديقان إلى أن ينام القمر

إيهاب صابر

إيهاب صابر

كاتب صحفي

أنا وسمير جمعنا هوا إسكندرية.. وأحلام وعشق الفن.. وعشقنا لبلدنا.. وطموحات كتيرة، يقول سمير صبري عن سمير غانم في أحد اللقاءات عقب رحيل الأخير، لم يكن رحيل  «صبري» في ذكرى وفاة «غانم» الأولى صدفة، جمعتهما الأيام والمهنة والمواقف الإنسانية، ودائما ما كانا يتحدثان عن بعضهما البعض بكل حب. 

لا يختلف اثنان من محبي الفن على القدرة التمثيلية للفنانين سمير غانم وسمير صبري، صاحبا الأفلام التي شكلت جزءا من تاريخ السينما المصرية والعربية، التي حازت إعجاب الملايين من المحيط للخليج، لتنسج خيوط نوستالجيا لأجيال متعاقبة تمتد من الجد للحفيد، ولتبقى ما دامت ذاكرة الإبداع.

بعيدا عن القدرة التمثيلية لهما، المتابع للقاءات الفنانين يجد أن «السميران» يشتركان في العديد من الصفات بالفعل، فإلى جانب حبهما للحياة وعشقهما للفن، قدرتهما على «الحكي» المغزول بالإفيه الذي لا ينقطع ما دمت في حضرتهما. 

من يختلف على فكاهة فاكهة السينما العربية سمير غانم، الذي لا تميز بين لقاءاته التلفزيونية ومشاهد أفلامه من خفة دمه، أو «الجدع» الذي يخجل من ذكر مواقفه الإنسانية مع زملاء الوسط الفني وغيره بابتسامة يحرص على استحضارها حتى في أصعب المواقف إلى قلبه.

«السميران» اشتركا في الاسم، وكان لهما فيه من النصيب الكثير ليصبحا كما نقول «اسم على مسمى»، دائما ما كان يحكيان مواقفهما الحياتية العادية بطريقة تجعلك تصغى لهما منفتحا للمزيد، هناك رابط خفي يجمعك بما يقولان، فقط تستمع، هذا هو دورك في حضرتهما، الذي تتقبله بطيب خاطر وأنت مستمتع بتدافر الحكاوي والانتقال من حكاية إلى أخرى دون كلل أو ملل. 

«أن تكون مفيدًا، وتسعد الناس ولا تحبطهم» تلك هي الرسالة التي حملها سمير صبري عبر سنوات حياته التي ناهزت الـ85 عاما، وكشف عنها في كتابه وسعى جاهدا أن يحققها مهما كلفه الأمر، من يقرأ «حكايات العمر كله» لسمير صبري يجد فيها أسلوب «الحكواتي» واضحا جليا، فحكاية هنا عن أم كلثوم وأخرى عن العندليب وغيرهما عن سعاد حسني وأنت تواصل القراءة دون انقطاع. 

هل تتذكر جدلا سلبيا عن سمير غانم؟ فقط ضحكته ومشاهده الخالدة في وجدان كل من أحبه، قد لا تتذكر حتى مشاهده التراجيدية في أفلامه أو مسلسلاته ليس لسوءها ولكن لإصراره على أن يصبح «سفير الضحكة» في عالمنا الملئ بالأحزان والضغوطات، لم يتدخل يوما في فرض شهرته، ولم يحصل عليها بالنفوذ أو بالمال كما يفعل البعض من أنصاف المواهب أو المعدومين، سلاحه الوحيد إسعاد الناس. 

اجتمع الثنائي في العديد من الأفلام، وكانت تجمعهما الجلسات الجانبية ودائما ما كان الضحك رفيقهما الثالث، بالطبع فهما «السميران»، يقول سمير صبري عن سمير غانم: «إنسان مبهج جدا، وفي قعدته دايما كده، ونادرا ما بتقعد مع شخص كوميديان وتلاقي دمه خفيف، ولما بتقعد معاه من أول دقيقة مش بتبطل ضحك، وببساطة وتلقائية حلوة جدا»، رحيل دون اتفاق ولكن بدا كما لو أن «صبري» ضرب موعدا مع حبيبه «غانم» على مقهى في الإسكندرية كما يعشقان ليتسامرا كعادتهما إلى أن ينام القمر.