«البسطامى».. مأوى الدراويش والفقراء ومثار اهتمام الحكام والسلاطين

كتب: آية المليجى

«البسطامى».. مأوى الدراويش والفقراء ومثار اهتمام الحكام والسلاطين

«البسطامى».. مأوى الدراويش والفقراء ومثار اهتمام الحكام والسلاطين

يصدح المؤذن بصوته العذب معلناً صلاة الظهر، فى منطقة مسجد السلطان حسن، الشاهد على حكايات القاهرة التاريخية الباقية، بينما يسير الكل فى مسار يومه يمرون بين شوارع حملت بين طياتها آثاراً عتيقة، وعلى مقربة من المسجد الأثرى يقبع سكان درب اللبانة فى هدوء تام، لا زحمة للمارة ولا بيوت مفتوحة نوافذها. على ربوة صخرية ليست بالعالية، يمكن الصعود إلى درب اللبانة، ومن عليه تجد نفسك محاطاً بالمبانى الأثرية، وتصبح على مقربة من بيت المعمار المصرى، يقابله مبنى ضخم أبوابه الخشبية مغلقة ولا توجد لافتة تدل على هويته، أو أحد يدلك على اسمه، سوى حراس «بيت المعمار»، أو أحد كبار السن بالمنطقة الذى يتذكره بـ«تكية تقى الدين البسطامى» التى آوت بين جدرانها أهل التصوف والدراويش، ومن بعدهم الفقراء والمساكين، وتحولت إلى منزل «مجهول الهوية» بين سكانه.

«عبدالقادر»: «وعيت على الدنيا لقيتها وكنت باجيب منها توت وعندى صنايعى عايش فيها»على مقربة من أبواب التكية المغلقة يجلس عبدالقادر عبدالمقصود أمام ورشته الخاصة بـ«سمكرة السيارات» التى يمتلكها منذ سنوات طويلة، فهو من مواليد درب السكرى الذى يجاور التكية، يتذكرها حين كان طفلاً يلعب مع أقرانه فى ساحة المسجد الأثرى الملاصق لها، ويهبط بداخلها لالتقاط الثمار من شجرة التوت، وقال: «وعيت على الدنيا لقيتها.. عمرى ما دخلتها من جوه بس فى الساحة كان فيه شجرة توت كنت بادخل أجيب منها مع العيال، والكلام ده من أكتر من 50 سنة».

لا يمتلك الرجل الستينى معلومات كثيرة عن تاريخ التكية، سوى أنها مأوى للفقراء والمساكين، وكان من بينهم أحد الصنايعية الذى عمل لديه، وتابع: «كان عندى صنايعى قاعد فيها، وهى عبارة عن غرف متعددة يقطنها المحتاجون، ولهذا السبب أنشئت واستمرت حتى أغلقت أبوابها منذ سنوات كثيرة للتطوير، ويمكث أمامها الخفير للحراسة، وأضاف: «كان فيها نحو 3 أو 4 أسر فقيرة عايشين فيها.. ده اللى كنت أعرفه لغاية ما اتقفلت والكلام ده من أكتر من 30 سنة».

«محمد»: «دخلتها مرة سنة 1972 وماكانش فيها سكان»

لم تختلف شهادة الرجل الستينى محمد محمود كثيراً عن سابقه، فهو من السكان المجاورين لدرب اللبانة، وما يعرفه عن التكية أن أصولها تعود للأتراك، وأسست لمأوى الفقراء حتى الأربعينات من القرن الماضى، ورغم أنه من المجاورين لها لكنه لم يدخلها سوى مرة واحدة قديماً بعدما تحولت لأثر خالٍ من السكان، وقال: «فاكر إنى دخلتها مرة تقريباً كانت سنة 1972 وماكانش فيها حد من السكان»، أما عن عدم معرفة المحيطين بها أو باسمها، فأرجع الرجل الستينى السبب إلى الجهل وانعدام الثقافة حالياً، وتابع: «الناس بطلت تقرا ومحدش بقى عارف عنها حاجة».

لمحة تاريخية عرضها سامح الزهار، المؤرخ وخبير التراث، لـ«الوطن»، موضحاً أن تكية تقى الدين البسطامى تعود لشيخ صوفى يدعى «تقى الدين رجب بن اشترك التركمانى العجمى»، عمل على خدمة الدعوة الصوفية، ورغم أنه ليس من أصحاب الطرق الصوفية الكبرى، لكنه اتسم بالمهابة والجلال. وتابع «الزهار» أن اختيار هذه المنطقة تحديداً لإقامة التكية، لأنها غير مكتظة بالسكان، والهدف منها احتواء الفقراء سواء من أتباع الطرق الصوفية أو غيرها، وأيضاً الأشخاص الأجانب من بلاد الفرس وإيران، موضحاً أنه رغم عدم وجود أحداث تاريخية بارزة للتكية، فإنها شهدت اهتمام السلاطين بها، فأمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بتوسعة المصلى الخاص بها، وفى عام 847 هجرياً تم تجديدها على يد السلطان الظاهر أبوسعيد جمجق لتعود لما كانت عليه من مكانة ومهابة.

«الآثار»: تم ترميمها بالكامل وتدخل حالياً ضمن مشروع كبير لإعادة توظيفها

وعن إغلاق التكية حالياً تحدث الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، لـ«الوطن»، قائلاً إن تكية تقى الدين البسطامى تم ترميمها، وأغلقت لأنها تخضع حالياً ضمن مشروع تطوير درب اللبانة للارتقاء بأحياء القاهرة التاريخية، وسوف يتم إعادة توظيفها من جديد وافتتاحها للأنشطة التى تناسبها، مع وضع اللافتة الإرشادية التى لا توجد حالياً حتى يتم الانتهاء من إعادة التوظيف.

تكية «البسطامى» 

 اختيار هذه المنطقة لإقامة التكية لأنها غير مكتظة بالسكان

 الهدف منها احتواء الفقراء من أتباع الطرق الصوفية والأجانب من بلاد الفرس وإيران

 أمر السلطان الناصر محمد بن قلاوون بتوسعة المصلى الخاص بها

 فى عام 847 هجرياً تم تجديدها على يد السلطان الظاهر أبوسعيد جمجق


مواضيع متعلقة