لماذا طلب الرسول من ربه أن يحشره مع المساكين يوم القيامة؟

كتب: سعيد حجازي وعبد الوهاب عيسي

لماذا طلب الرسول من ربه أن يحشره مع المساكين يوم القيامة؟

لماذا طلب الرسول من ربه أن يحشره مع المساكين يوم القيامة؟

"اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين"، دعاء ردده النبي الكريم في حياته كثيرا، ولا يعرف كثير سر ذلك الدعاء.

وتلقت دار الافتاء المصرية، في سؤال حول لماذا كان دعاء الرسول اللهم أحيني وأمتني واحشرني في زمرة المساكين؟ وهل ينقص ذلك من قدر الأغنياء؟

وأجاب عن ذلك الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، عبر موقع دار الإفتاء الرسمي، حيث قال: الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو الرؤوف الرحيم قصد بهذا الدعاء مؤانسة وتطييب خاطر الفقراء والمساكين، الذين يسعون في الأرض لتحصيل الرزق، ويكون حظهم من الرزق وفق إرادة الله ومشيئته الكفاف، فأراد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يبين لهم أنه يحبهم، وأنه يدعو الله أن يكون معهم في الدنيا والآخرة، حتى تطمئن نفوسهم ويصبروا على ابتلاء الله لهم فيكونوا من أهل الجنة.

وأضاف: من ناحية أخرى، فإن الإنسان بمقدار ما يمتلك من مال وطيبات بمقدار ما يحاسب عليه، ففي الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه" رواه الترمذي.

وقال: لأن الفقراء والمساكين ليس عندهم من المال ما يحاسبون عليه فإنه إذا صلح عملهم يكونون أسبق الناس إلى دخول الجنة، وهذا ثابت في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء"، رواه البخاري ومسلم.

وبين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم علة حبه للمساكين واقترانه بهم بأنهم يسبقون الأغنياء إلى دخول الجنة، فقد روي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اللهم أحيني مسكينا، وأمتني مسكينا، واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة"، فقالت عائشة رضي الله عنها: لم يا رسول الله؟

قال: "إنهم يدخلون الجنة قبل أغنيائهم بأربعين خريفا، يا عائشة، لا تردي المسكين ولو بشق تمرة، يا عائشة، أحبي المساكين وقربيهم فإن الله يقربك يوم القيامة" رواه الترمذي.

وحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للفقراء والمساكين لا ينقص من قدر الأغنياء، ولا يؤثر في حبه صلى الله عليه وآله وسلم لهم، فالإسلام انتصر وانتشرت دعوته بفضل الفقراء والأغنياء معا، فأبو بكر الصديق رضي الله عنه تصدق بكل ماله نصرة لدين الله، وعثمان بن عفان رضي الله عنه تبرع بثلث ماله وجهز جيش العسرة نصرة لدين الله.

وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" متفق عليه.

والإسلام دين يدعو إلى الغنى والتكسب من العمل الحلال، ويبيح للإنسان أن يمتلك المال الواسع، ولكن بشرط أن يمتلكه من حلال، وأن ينفقه فيما يعود بالنفع على نفسه ومجتمعه، فيؤدي حق الفقراء والمجتمع فيه، لقوله تعالى: "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون". 

تابع الإمام الأكبر: ولا يطلب من الإنسان أن يتواكل أو يتقاعد عن العمل حبا في المسكنة والزهد في الدنيا، لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير" رواه مسلم.

وقال: "اليد العليا خير من اليد السفلى" متفق عليه، وأباح الله لنا التمتع بطيبات الحياة، فقال جل شأنه: "وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا"، وقال جل شأنه: "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة".


مواضيع متعلقة