حكايات الكردوسي عن قداسة الموت بالصعيد.. آخر لقاء تلفزيوني معه

كتب: محمد عزالدين

حكايات الكردوسي عن قداسة الموت بالصعيد.. آخر لقاء تلفزيوني معه

حكايات الكردوسي عن قداسة الموت بالصعيد.. آخر لقاء تلفزيوني معه

مواقف إنسانية عن الحياة وقداسة الموت في صعيد مصر وتفاصيل روايته «ذائقة الموت» سردها الكاتب الصحفي محمود الكردوسي، عضو مجلس الشيوخ، رئيس مجلس إدارة جريدة الوطن، في آخر حوار تلفزيوني له، قبل أن يفارق الدنيا إثر أزمة صحية تعرض لها، تاركًا خلفه حزنا كبيرا لقرائه ومحبيه.

«ذائقة الموت»

وقال الكاتب الصحفي محمود الكردوسي إنّ فيروس كورونا رسخ لحالة من «الموت»، وجعل الناس يعيشون في أجوائه، والجميع أصبحوا خائفين ومرتبكين في نفس الوقت، إذ يخشون من الموت وفي نفس الوقت يريدون العيش بصورة طبيعية.

وأضاف «الكردوسي»، خلال حواره مع الإعلاميتين منى عبدالغني وسهير جودة مقدمتي برنامج «الستات مايعرفوش يكدبوا»، عبر شاشة «cbc»، أن «المناخ العام أصبح مناخ موت، وعمومًا فإن الموت كَثُر لأسباب مختلفة مثل الإرهاب وكورونا».

قداسة الموت في الصعيد

وحول قداسة الموت في الصعيد، وهو ما كتب عنه روايته «ذائقة الموت»، قال الكردوسي: «في الجنازة بيبقى الكلام عن الموت وعن اللي فات، والعزاء يستمر 7 أيام والبهجة في الحياة كلها تتوقف، وكل مظاهر الحياة بتبقى معادية للبهجة بسبب وقار الموت، والصعيد مناخ مبالغة وتطرف، لأنه بيروح للآخر دايمًا، تركيبته مش وسطية، وده له علاقة بالجغرافيا والتاريخ».

وعن مقولته «هذه الرواية أعادت إلى قلبي الحب والكره»، قال رئيس مجلس إدارة جريدة الوطن أثناء لقاءه التلفزيوني الأخير: «أحاول إفهام القارئ أن مناخ الصعيد صعب، لكني أحب في الصعيد أشياءً كثيرة أيضًا، وهي الرجولة والحدة والطيبة والكلمة الواحدة والقسوة».

السينما والثأر

وأشار «الكردوسي» إلى أن هذه الرواية قد تكون سلاحا لتغيير بعض العادات في الصعيد، قائلا: «عندما نسلط الضوء على بشاعة الأشياء وفظاعتها، وأنا أبالغ في إظهارها من خلال الخيال القصصي لكي أجعل القارئ يأخذ منها موقفًا».

وأكد عضو مجلس الشيوخ، أنه ضد الثأر، قائلا: «البعض هناك في الصعيد يعتبرون أن من يرفض الثأر كفر بالعادات، وبالنسبة إلى الثأر فهو في الحقيقة لا يبدو مثلما يتم الحديث عنه في المجتمع، وهو لا يكون بسبب أن شخصًا قد قتل آخر، هذا تبسيط مخل».

وأوضح: «لدينا أفلاما في السينما قربت من المعنى الحقيقي للثأر مثل فيلم الطوق والإسورة، وهناك فيلم عرق البلح، وتعرض الفيلم الأخير لحالة من الرفض، إذ عُرض لمدة أسبوع، وانتقده النقاد بشكل غريب وطالبوا بترجمة له بسبب مصطلحات أهالي الصعيد».

وأشار الكردوسي، إلى أن نحو 90% المفردات الصعيدية الغريبة مشتقة من اللغة العربية الفصحى، لأنها متأثرة بالبداوة والقبائل العربية، وأنه أفرد في نهاية كل فصل برواية ذائقة الموت كشافًا للألفاظ الصعيدية الغريبة حتى لا يمل القارئ منها.

مظاهر الاحتفال بالصعيد

وسرد الكاتب الصحفي بعض مظاهر الاحتفاء بصعيد مصر، التي ألف حولها روايته «ذائقة الموت»، موضحًا أن الأهالي هناك يتعاملون مع الموت كما لو كانت تتعامل مع فرح، لكنهم يحزنون، إذ أن الموت يكون طقس حزن احتفالي، فيه «بهرجة» و«مغالبة»

وتابع: «اللي عنده وجاهة اجتماعية كان يجيب الشيخ المنشاوي أو الشيخ الطبلاوي أو الشيخ عبدالباسط، والعزاء يستمر 7 أيام، والستات بيلطموا وتهيل التراب على وجهها وأحيانا تضع تراب لين مثل الطين على رأسها إذا كان الشخص المتوفى عزيزًا عليها، وحدث هذا المشهد عند وفاة جمال عبدالناصر.. في ستات طينت نفسها».

ذكرياته من والدته

وأضاف: «مرة جبت لأمي قماش كحلي غامق وكان قطيفة اعتبرت إن القماش ده هزأها، وعمومًا فإن مظاهر الاحتفاء في العزاء ليست للفرح، والبيت اللي فيه جنازة لو طفل فتح التلفزيون يقطعوا رقبته والحزن هناك دائم».

وأردف: «هناك مهنة مرتبطة بالعزاء في الصعيد وهي الشلاية، اللي هي بتسخن الجو، ومش ضروري تبقى من أهل الميت، ولو السيدات هديوا شوية بتروح تسخنهم، وفي كمان فن العديد وهو جميل جدًا وفيه سجع رائع، لكنه قاسي».


مواضيع متعلقة