دينا عبدالفتاح تكتب ..«أبوظبي الأول» يعرض الاستحواذ على «هيرميس» اقتصاد مصر يعيد رسم خريطة الفرص في الأسواق الناشئة

كتب: دينا عبدالفتاح

دينا عبدالفتاح تكتب ..«أبوظبي الأول» يعرض الاستحواذ على «هيرميس»  اقتصاد مصر يعيد رسم خريطة الفرص في الأسواق الناشئة

دينا عبدالفتاح تكتب ..«أبوظبي الأول» يعرض الاستحواذ على «هيرميس» اقتصاد مصر يعيد رسم خريطة الفرص في الأسواق الناشئة

تقدم، نهاية الأسبوع الماضى، بنك أبوظبى الأول بعرض غير ملزم للاستحواذ على حصة حاكمة لا تقل عن 51% من المجموعة المالية «هيرميس»، التى تعد أكبر بنك استثمار فى الأسواق الناشئة حول العالم، بحجم أصول يتخطى 3.2 مليار دولار، وفقاً للبيانات المالية للشركة فى نهاية سبتمبر 2021.

وقال بنك أبوظبى الأول، فى إفصاح لسوق أبوظبى للأوراق المالية، إنه سيتم تسوية الصفقة نقدياً بالكامل، فى حالة إتمام الاتفاق حولها، ومن المنتظر أن تبلغ قيمتها 18.5 مليار جنيه (ما يعادل 1.2 مليار دولار)، حيث يعرض البنك الإماراتى الاستحواذ على حصة حاكمة من أسهم المجموعة المالية «هيرميس» بسعر مبدئى 19 جنيهاً للسهم الواحد.

 المجموعة تختار بلد «الشيخ زايد» لتدشين أول توسع خارجي لها فى 2002.. وأحفاده يخططون للاستحواذ عليها الآن واتخاذها رهاناً للمستقبل

ويزيد هذا السعر الذى عرضه «أبوظبى الأول» بأكثر من 20% عن سعر إغلاق سهم المجموعة فى ختام تداولات جلسة الثلاثاء الماضى، أى قبل عرض الاستحواذ، ولكن فى أعقاب هذا العرض، صعد سعر سهم «هيرميس» بنحو 10% فى نهاية تعاملات الأسبوع.

وأعلن بنك أبوظبى الأول، لـ«رويترز»، أن البنك يستهدف إبقاء «هيرميس» تعمل بشكل مستقل فى حالة الاستحواذ عليها، وأن السمعة القوية للمجموعة فى الأسواق الإقليمية والدولية، هو الدافع الرئيسى وراء الاستحواذ عليها.

نتائج مالية قوية للمجموعة

كما يأتى هذا العرض مدفوعاً بالنتائج المالية القوية التى حققتها المجموعة المالية «هيرميس» خلال السنوات الأخيرة، تحت قيادة كريم عوض، الرئيس التنفيذى للمجموعة، فعلى صعيد أحدث قوائم مالية للمجموعة، ارتفع صافى أرباحها بنسبة 31.8% خلال أول 9 أشهر من 2021 ليصل إلى 1.12 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2021، مقابل 849.8 مليون جنيه فى الفترة المناظرة من عام 2020.

وارتفع إجمالى إيرادات المجموعة خلال هذه الفترة بنحو 10.5% لتصل إلى 5.19 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2021، مقابل 4.69 مليار جنيه خلال الفترة نفسها من 2020.

وقفز إجمالى أصول المجموعة بنحو 28% تقريباً، فى أول 9 أشهر من 2021، ليصل إلى 49.6 مليار جنيه بنهاية سبتمبر 2021، مقابل 38.7 مليار بنهاية 2020.

كما ارتفع حجم رأس المال المصدر والمدفوع للمجموعة بنحو 20% خلال هذه الفترة، ليرتفع من 3.8 مليار جنيه فى نهاية 2020 إلى 4.6 مليار جنيه فى نهاية سبتمبر 2021، وقاد هذا الارتفاع فى حجم رأس المال ارتفاع إجمالى حقوق الملكية بنحو 6.33% فى أول 9 أشهر من 2021، ليصل إلى 14.82 مليار جنيه فى نهاية سبتمبر الماضى.

الاستحواذ على بنك الاستثمار العربى.. علامة فارقة

وكانت المجموعة قد نجحت فى الاستحواذ على 51% من بنك الاستثمار العربى، فى مايو 2021، ضمن تحالف يضم هيرميس القابضة وصندوق مصر السيادى، واستحوذ التحالف على 76% من البنك، مقسمة بين 51% للمجموعة المالية «هيرميس»، و25% لصندوق الخدمات المالية والتحول الرقمى، التابع لصندوق مصر السيادى، وعزز هذا الاستحواذ أنشطة «هيرميس» بشكل كبير، وكشف عن تحولها رسمياً من بنك استثمار إلى بنك شامل، يملك ذراعاً تجارية.

3 شواهد على قوة الاقتصاد المصري من واقع «عرض الاستحواذ التاريخي»

ويشير هذا العرض الذى تقدم به بنك أبوظبى الأول للاستحواذ على حصة حاكمة فى المجموعة المالية هيرميس القابضة إلى عدد من الشواهد، خاصة أن هذا العرض جاء بعد أقل من شهرين من إتمام صفقة استحواذ تحالف شركة الدار العقارية الإماراتية وشركة الاستثمار الحكومية الإماراتية «إيه دى كيو» على شركة سوديك المصرية، التى تعمل فى القطاع العقارى منذ سنوات طويلة، وبالتزامن مع إعلان شركة الدار العقارية أنها تعتزم مواصلة تنمية أعمالها فى مصر من خلال استحواذات جديدة فى قطاعات التجزئة والتعليم بالسوق المصرية. ويمكن استعراض هذه الشواهد، فيما يلى:

أولاً: السوق المصرية تقود الفرص بالأسواق الناشئة:

حيث أثبتت جميع المؤشرات التى تتعلق باتجاهات الاستثمار الأجنبى سواء المباشر أو غير المباشر إلى نجاح السوق المصرية فى قيادة الفرص الاستثمارية المربحة المرصودة بالأسواق الناشئة حول العالم، وجاء ذلك فى أعقاب نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى بمرحلته الأولى التى تضمنت الإصلاح النقدى والمالى، وبدء حصد ثمار المرحلة الثانية التى تقوم على الإصلاح الهيكلى لهيكل النمو والاستثمار دعماً لاستدامة النشاط الاقتصادى.

وفرض الاقتصاد المصرى وجوده بقوة خلال جائحة كورونا، واستطاع فى العام الأول من الجائحة أن يحقق معدل النمو الاقتصادى الموجب الوحيد على مستوى أسواق الشرق الأوسط وأفريقيا، ويصبح واحداً من أسرع 3 اقتصاديات فى العالم نمواً خلال الجائحة.

ثانياً: تطور جديد فى خريطة الاستثمار الدولية:

بعد قصة النجاح التى حققها اقتصاد مصر خلال السنوات الماضية، بدأت الصناديق الدولية، والمستثمرون الأجانب الرئيسيون، فى إعادة ترتيب أولوياتهم، ووجهوا بوصلتهم تجاه السوق المصرية، على حساب عدد من الأسواق الاستثمارية الأخرى، التى شهدت تراجعاً فى الاستثمارات الوافدة إليها، وتحديداً فى أسواق تركيا والهند والبرازيل، وبعض الأسواق العربية الأخرى.

وعزز من وجود الاقتصاد المصرى على هذه الخريطة عدد من العوامل التى تصدرتها قوة العملة المحلية المصرية (الجنيه المصرى) فى مواجهة الدولار الأمريكى، واحتفاظه بقيمته، بل وتحقيق ارتفاع فيها، وسط تراجع عملات أغلب الأسواق الناشئة، استقرار الأسعار فى السوق المصرية وتراجع تأثرها بالظواهر السلبية عالمياً، صلابة الاقتصاد المصرى فى مواجهة الأزمات المختلفة، وأخيراً استقرار تدفقات النقد الأجنبى للسوق المصرية، فى انعكاس قوى لتطور أداء ميزان مدفوعات الدولة، الذى واصل نتائجه القوية بتحقيق فائض قيمته 311 مليون دولار فى الربع الأول من العام المالى الحالى 2021/2022.

رواج متوقع في سوق الاندماجات والاستحواذات في مصر خلال الفترة المقبلة

ثالثاً: تطور متوقع فى أداء بنوك الاستثمار المصرية:

من المتوقع فى ضوء رواج حركة الاندماجات والاستحواذات فى السوق المصرية، واستقرار أوضاعها مقابل أوضاع عالمية شديدة الاضطراب، أن تزدهر أعمال بنوك الاستثمار المصرية، ويبدو أن هذه الصورة قرأها بنك أبوظبى الأول، وقدم فى سياقها عرضاً للاستحواذ على أكبر بنك استثمار فى مصر والمنطقة.

وسيعزز توافر الفرص الاستثمارية المربحة، وتوسع السوق المصرية فى عدد من القطاعات التى تتصدرها التجزئة، البنية التحتية، التصنيع، التعليم، والخدمات المالية، من ظهور المزيد من الفرص المربحة أمام صناديق وبنوك الاستثمار التى تعمل فى السوق المصرية، وستكون أمام هذه البنوك فرص هائلة للتوسع الأفقى فى مزيد من القطاعات، أو التوسع الرأسى فى القطاعات التى تعمل بها بالفعل.

 الإماراتيون و«هيرميس» يتبادلان الثقة تاريخياً

صائدو الصفقات الناجحة

اعتاد الإماراتيون أن يربحوا دائماً فى صفقاتهم الاستثمارية والتجارية، فى ظل قوة رؤيتهم، وبنائها على دراسات وتحليلات متعمقة لمختلف الأسواق العالمية، ونجاحهم فى حصر أقرب السيناريوهات المتوقعة للمستقبل، ومن ثم الرهان عليها، ويعد وجودهم القوى بالسوق المصرية، واهتمامهم خلال المرحلة الأخيرة بها تحديداً، دليلاً على قوة الاقتصاد المصرى وقصة النجاح الكبيرة الذى حققه خلال 7 سنوات من العمل الجاد، والإصلاح الجذرى، والتخطيط الذى لا يدع مجالاً للصدفة. ويعتبر بنك أبوظبى الأول أحد أهم صائدى الصفقات الناجحة، ويتمتع البنك بقدرة عالية على تحديد الفرص الاستثمارية المربحة، واقتناصها، وسبق أن استحوذ البنك على 100% من بنك «عوده - مصر»، الذى سجل حجم أصوله قرابة 90 مليار جنيه، وشبكة فروع تشمل 53 فرعاً.

وجاء هذا الاستحواذ فى ضوء خطة «أبوظبى الأول» لمضاعفة حصته فى سوق الصيرفة المصرية إلى ما بين 4: 5%، مقابل 1.5% قبل إتمام عملية الاستحواذ، مستنداً إلى قوة مركزه المالى، حيث تصل أصول البنك بعد إتمام عملية الاستحواذ إلى أكثر من 160 مليار جنيه.

ويوجد على رأس القيادة التنفيذية لبنك أبوظبى الأول - مصر حالياً: محمد عباس فايد، الذى يعد واحداً من أكثر المصرفيين كفاءة فى الشرق الأوسط، وسبق أن حقق «فايد» قصص نجاح رائدة مع عدد من البنوك المصرية، فى مقدمتها قصة نجاحه فى قيادة بنك «عوده - مصر» بين عامى 2017 و2019.

«أبوظبي الأول».. الكيان الأضخم في المنطقة

يعتبر بنك أبوظبى الأول أحد أهم الكيانات المالية فى منطقة الشرق الأوسط، ونتج عن اندماج كل من بنك أبوظبى الوطنى، مع بنك الخليج الأول، ففى الثالث من يوليو 2016، أعلن بنك الخليج الأول وبنك أبوظبى الوطنى أن مجلس إدارة كل منهما قد وافق بالإجماع على تقديم توصية للمساهمين بالموافقة على اندماج البنكين المدرجين فى سوق أبوظبى للأوراق المالية، ووافق المساهمون على الاندماج فى 7 ديسمبر 2016. وتعتبر الصفقة اندماجاً متكافئاً، وتم تنفيذها عبر آلية «مبادلة الأسهم»، وتم تغيير اسم البنك المدمج الجديد إلى «بنك أبوظبى الأول»، يمتلك مساهمو بنك الخليج الأول 52% من أسهمه، بينما يمتلك مساهمو بنك أبوظبى الوطنى 48% منه، وتبلغ حصة حكومة أبوظبى والهيئات ذات الصلة نحو 37% من البنك، ويترأس مجلس إدارته الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، بينما يشغل حالياً منصب الرئيس التنفيذى للمجموعة هناء الرستمانى، التى تعد أول امرأة تصعد لرئاسة البنك.

ونتج عن الاندماج تكوين مجموعة مصرفية هى الأكبر فى المنطقة بحجم أصول يتخطى 175 مليار دولار، فى تاريخ إتمام عملية الاندماج، وتعتبر هذه القاعدة المالية القوية المحفز الأول لانتشار وتوسع بنك أبوظبى الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط.


مواضيع متعلقة