السر الخفى فى قرية المريس
- الدورة الدموية
- الطريق العام
- النيابة للتحقيق
- ربة منزل
- شبهة جنائية
- صباح اليوم
- عضلة القلب
- ماس كهربائي
- مدير أمن
- أخطر
- الدورة الدموية
- الطريق العام
- النيابة للتحقيق
- ربة منزل
- شبهة جنائية
- صباح اليوم
- عضلة القلب
- ماس كهربائي
- مدير أمن
- أخطر
يبدو أن قرية المريس التابعة لمركز أرمنت بمحافظة الأقصر فيها سرٌ خفى عجيب، ففى عام ٢٠١٠، انتصرت إرادة أهل المريس بعد معركة طويلة استمرت لثلاث سنوات، حيث كان مخططاً لها انتزاع ملكية ٥٥٠ فداناً لعمل مشروعات سياحية، وعمل مرسى للفنادق النيلية، وهو ما يترتب عليه تبوير الأرض الزراعية وتهجير أهالى القرية، وكانت معركة كبيرة كان لى شرف الاشتراك فيها بقلمى، انتصر فيها أهالى المريس بإلغاء المشروع.
أما اليوم، فقد خاضت القرية نفسها معركة جديدة، ولكن هذه المرة من أجل قصر الأمير يوسف كمال، حفيد محمد على باشا، ومَن لا يعرف الأمير يوسف كمال (١٨٨٢ - ١٩٦٥) أحد أشهر وأغنى أمراء الأسرة العلوية، كان رحالة وجغرافياً وفناناً، يملك حساً حضارياً وفنياً كبيراً، له فضل تأسيس مدرسة الفنون الجميلة ١٩٠٥، التى أصبحت كلية فيما بعد، وأوقف آثاراً إسلامية فى متحف الفن الإسلامى، منها سيوف ومشغولات ذهبية ومنابر مساجد ومصاحف ودروع، كما أسس جمعية محبى الفنون الجميلة ١٩٢٤، وشارك فى تأسيس الأكاديمية المصرية بروما، وترأس جامعة القاهرة فكان ثالث رئيس لها، ولعه بالفن والعمارة دفعه لتشييد عدد من القصور فى أرجاء مصر، منها قصره بالمطرية ومنزل بدرب الجماميز، وقصر بنجع حمادى وقصر ستانلى بالإسكندرية وآخر بمنطقة شدس، وعمارة بالمنشية، إضافة لقصره بقرية المريس بالأقصر، زار بلاد العالم وطاف بأرجاء مصر وأحب الصيد وأهدى مجموعة من الطيور المحنطة ورؤوس الحيوانات المفترسة من صيده إلى المتحف الزراعى، وبعضها فى متحف محمد على بالمنيل.
استيقظ أهالى المريس على صدمة جديدة، حيث أعلنت هيئة الأموال المستردة التابعة لوزارة المالية، والشركة القابضة للخدمات والمنتجات الزراعية عرض القصر للبيع فى مزاد علنى يوم ٣١ يناير ٢٠٢٢، وكما خاض أهل المريس معركتهم الأولى، ناضلوا ببسالة فى معركتهم الثانية، ووقف عدد من مثقفى القرية، ومنهم دكتور منصور النوبى، عميد كلية الفنون الجميلة بالأقصر، والفنان ناصر النوبى، مؤسس فرقة الجميزة، وانضم لهما عدد من المثقفين والمفكرين والإعلاميين، ونجحوا بعد أن فشل المزاد، وهو بالتالى نجاح قد يكون مؤقتاً ما لم تتنبه الدولة المصرية لخطورة ما يحدث!
فليس من المعقول أن تناقض الدولة نفسها، فالرئيس يبذل جهداً كبيراً فى الحفاظ على هوية مصر، وقد شاهدنا جميعاً حرصه على الاهتمام والمشاركة فى افتتاح متحف الحضارة وخروج موكب المومياوات بصورة أبهرت العالم، ثم افتتاح طريق الكباش بالأقصر، والعمل الدءوب بالمتحف الكبير، ثم تأتى بعض الجهات المحسوبة على الدولة لتفرط فى تاريخنا وتراثنا بتلك السهولة وبلا وعى لتبعات هذا التصرف، بما يحولنا لأضحوكة فى العالم، الذى يعرف جيداً قيمة ما نملك من تراث وكنوز لا تتوافر لمعظم دول العالم، والتى تتمنى لو أنها تمتلك جزءاً يسيراً مما نمتلك، بل إن بعض الدول تشترى تاريخاً بالمال حتى تجد مكاناً بين الدول ذات الحضارة.
الأمر جد خطير ويحتاج إلى وقفة ووعى، فلا يمكن أن يقتصر الوعى على رئيس الدولة، بينما هناك من يدمر ما يبنيه ويحافظ عليه. تحية تقدير واحترام لأهالى المريس الأبطال الذين حافظوا على قريتهم وكنوزها مرتين.