كيف تساعد المساجد في بناء الإنسان؟.. علي جمعة يجيب

كيف تساعد المساجد في بناء الإنسان؟.. علي جمعة يجيب
قال الدكتور علي جمعة، رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب والمفتي السابق، إن رسول الله ﷺ تركنا على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك، وترك فينا كتاب الله، وهو سبحانه وتعالى قد مَنَّ علينا به، كلمة أخيرة للبشرية، فجعل رسول الله ﷺ خاتمًا للأنبياء والمرسلين.
وأضاف عبر صفحته الرسمية على «فيس بوك»: الرسول صلى الله عليه وسلم تركنا على المحجة البيضاء، وفيها يوصينا -كما ورد في الكتاب وسنته الشريفة المشرفة- بالمساجد، في عمارتها بنيانًا، وفي وظيفتها لبناء الإنسان، مشيرًا إلى أن العمارة معنى روحي، لا يقف عند البنيان، بل يسبق ذلك ويتلوه بناء الإنسان، وما بين عمارة البنيان وعمارة الإنسان، يأمرنا ربنا سبحانه وتعالى برسالة المسجد، حيث يقول رسول الله ﷺ: «مَنْ بنى لله مسجدًا ولو كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ، بنى الله له بيتًا في الجنة».
بناء الإنسان في المساجد
وأشار إلى أن البناء كما يكون بالتشييد ابتداءً، فإنه يكون بالعمارة والترميم انتهاءً، وإذا ما وسعنا المسجد، كما وسع الصحابة الكرام مسجد رسول الله ﷺ، كانوا من المعمرين لبنيانه، وكانوا أيضًا من المعمرين لإنسانه، لأن المسجد في بنائه هو أمر مهم، اهتم به رسول الله ﷺ وجعله ركن من أركان الدولة، عندما استقر بالمدينة المنورة، وترك ناقته حتى وصلت إلى مكان المسجد الذي نذهب إليه لزيارة المصطفى ﷺ، فكانت بداية الدولة.
ولفت إلى أنه في هذا المسجد، علم رسول الله ﷺ جيلًا من الصحابة، خرجوا ليخرجوا الناس من الظلمات إلى النور، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، خرجوا ليدعون الناس إلى الله الواحد الأحد، الفرد الصمد في عبادته سبحانه، حيث قال تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ» [الذاريات: 56].
وعن عمارة الكون كما أمر سبحانه وتعالى: «.. إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ..» [البقرة: 30]، وقال سبحانه: «.. هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ..» [هود: 61]، وفي تزكية النفس: «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا» [الشمس: 9، 10].
دور المساجد في المجتمع
وذكر أنَّ المسجد ينشئ مجتمعًا، ليس أنه يخدم من حوله مثل خدمة مؤسسات المجتمع المدني، كما يحلو لكثير أن يطلق عليها، بل لم يفرق ربنا سبحانه وتعالى بين جماعة المؤمنين الربانيين ومدني وغير مدني، بل جعل الجميع يعمرون، ويعبدون في نسق واحد، قال تعالى: «إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ» [التوبة: 18].