دينا عبدالفتاح تكتب .. تهيئة الشركات الناشئة!

دينا عبدالفتاح تكتب .. تهيئة الشركات الناشئة!
- الاقتصاد المصرى
- اتجاه الصعود
- التنمية الحالية
- التمويل
- الاقتصاد المصرى
- اتجاه الصعود
- التنمية الحالية
- التمويل
يمر الاقتصاد المصرى حالياً بمرحلة شديدة التطور، تتحرك فيها جميع مؤشراته فى اتجاه الصعود، وتتحول فيه الأسواق إلى أداء أفضل، مدعومة بزيادة معدل دوران النقود، وتحسّن دخول أغلب شرائح المجتمع، مع تطور ملحوظ فى التشريعات واللوائح والسياسات المنظمة.
وفى إطار هذه الحركة الإيجابية ينبغى الانتباه إلى تطور آخر يتعلق بالشركات الناشئة وريادة الأعمال فى مصر، حيث مهّد المناخ الاستثمارى الملائم الذى وفّرته الجهود الحكومية وبرنامج الإصلاح الاقتصادى طوال السنوات الماضية لتخلى الأفراد، وتحديداً الشباب، عن الفكر التقليدى، وفك قيود الخوف من المغامرة، وانطلقوا لتأسيس الكثير من الشركات الناشئة التى تتخصّص النسبة العظمى منها فى التكنولوجيا والتطبيقات الإلكترونية الجديدة.
هذه الشركات، ودون مبالغة، تمثل المستقبل الحقيقى لاقتصاد مصر فى العقدين المقبلين، وذلك لعدة اعتبارات، أولها أن هذه الشركات بدأت بأفكار مبدعة وبجهود شبابية لا تعرف اليأس، وستواصل من أجل النجاح، مهما كانت التحديات، والثانى هو تخصص أغلب هذه الشركات فى القطاع التكنولوجى، وهو ذلك القطاع الذى يمثل الرهان الحقيقى للاقتصاد العالمى ككل فى السنوات المقبلة، والثالث أن نسبة كبيرة من هذه الشركات استطاعت أن تثبت نفسها محلياً، وبدأت بالتفكير فى التوسع الخارجى، على غرار ما قامت به شركة «سويفل».
وهنا ينبغى تطوير فلسفة التعامل مع هذه الشركات، وعدم اعتبارها مشروعات فردية أو استثمارية مملوكة لأشخاص، بل ينبغى اعتبار أنها مشروعات قومية «صغيرة» أو بدايات أحلام كبيرة للدولة بالكامل.
وذلك لأن نجاح مشروع واحد من هذه المشروعات ووصوله إلى العالمية خلال المرحلة الحالية سيدعم بشكل كبير جهود الإصلاح التى تقوم بها الدولة فى الداخل، وسيعطى مؤشراً للعالم أن مصر بدأت تجنى بالفعل ثمار الإصلاح الاقتصادى والتشريعى والسياسى الذى قامت به، وسيعزّز بشكل كبير الثقة فى اقتصاد مصر بأنه بيئة استثمارية تصلح لاحتضان وتنمية الشركات والمشروعات الناشئة، مثلما فعلت الإمارات العربية ومن قبلها ماليزيا.
وتطوير فلسفة التعامل ينبغى أن يتضمن تعديلاً على مستوى السياسات واللوائح الحاكمة للمشروعات الاستثمارية، من خلال أن يتم تمييز الشركات الناشئة التى تتسم بالإبداع فى أفكارها وخططها الاستثمارية، ويتم منح الكثير من المزايا لهذه الشركات، سواء فى ما يتعلق بالتراخيص أو التمويل أو تقديم الدعم المباشر من الدولة.
وأتصور أن يتم تخصيص أو تأسيس جهة إدارية معينة تتولى تقييم الشركات الناشئة فى السوق المصرية وانتقاء أبرز الشركات التى تمتلك مقومات وفرصًا أكبر للنجاح، وتكوين خلايا عمل دائمة تضم الكثير من الخبراء والمتطوعين وكبار رواد الأعمال فى التخصّصات المختلفة لكى يتم توجيه النصائح لهذه الشركات، وتقديم الاستشارات المختلفة لها، ومساعدتها فى الجولات التمويلية المقبلة التى تستهدف تنمية أنشطتها، ولا مانع فى تقديم دعم مادى مباشر من الدولة لهذه المشروعات والأفكار الرائدة القادرة على حمل اسم مصر فى مختلف أنحاء العالم.
فلا بد أن يشعر صاحب الشركة الناشئة بأن دولته تشاركه الحلم فى تنمية المشروع، حتى يعزّز هذا الأمر من انتمائه لوطنه، ويشعر بأنه لم ينجح بجهوده فقط ولكن بجهود دولته أيضاً التى قدّرت فكرته وساندتها حتى تتطور وتخرج للعالم أجمع.
وأتوقع أنه فى حالة تقديم كل أشكال الدعم لـ1000 شركة ناشئة، ونجحت منها 10 شركات فقط، أى بواقع 1% فى الخروج للسوق العالمية وتدشين فروع خارجية لها، سيكون اقتصاد مصر هو الرابح الأول، وسيتمكن من جنى ثمار كبيرة نتيجة هذا الدعم، على مستوى بيئة الاستثمار، ونظرة العالم إليه، ودعمه لوصول نماذج مصرية للعالم خرجت من قلب تجربة التنمية الحالية.