«الحسين الجامعى».. عندما يجتمع الفقر والجمال فى مكان واحد

«الحسين الجامعى».. عندما يجتمع الفقر والجمال فى مكان واحد
حقيبة صغيرة امتلأت بجميع احتياجاته من ملابس وبعض الأطعمة المحفوظة، تظل عالقة فى كتفه طوال رحلته منذ دخوله من باب المستشفى وحتى وصوله إلى حجرة رقم 5 فى قسم الرجال بوحدة جراحات التجميل وعلاج الحروق بمستشفى الحسين الجامعى.
يبدو كأنه يعرف وجهته، يجلس على السرير الموجود فى آخر الغرفة، ويستعد بإخراج ملابسه، وانتظار موعد الفحص والتحاليل؛ قبل إجرائه للجراحة.
بخفة ظل واضحة يضحك محمد خالد، البالغ من العمر 41 عاما، والجالس بين آخرين أجروا جراحات مختلفة ويتسامر معهم بلكنة غير مصرية تلفت انتباه من يسمعها، لكنه سرعان ما يدرك أنه فلسطينى الجنسية، إشراقته وضحكاته لا تنم عن تعرضه لمشكلة صحية؛ لكنه وحسب رغبته يريد تعديل أنفه.[Quote_1]
محمد لم يفكر فى الذهاب إلى مستشفيات خاصة، رغم شهرة القطاع الخاص بالتميز فى مثل تلك الجراحات الدقيقة، ورغم قدرته المادية فمهنته كتاجر للجملة تجعله ميسور الحال، لكنه قبل شهرين أجرى جراحة لطفله الصغير بعد تعرضه لحرق شديد أدى إلى تشوهات فى جسده، ونتيجة لتميز أطباء جراحة التجميل بالمستشفى استعاد الصغير مظهره وملامحه ليعود جميلا من جديد، تلك كانت بداية معرفة محمد بجراحات التجميل لتبدأ لديه حقيقة جديدة كان يجهلها عن هذا المجال.
يتنقل محمد بين جميع الغرف لتزداد معرفته عن التجميل وأنواعه ويقرر بداخله أن يجرى جراحة لإصلاح أنفه الذى يبدو عليه اعوجاج بسيط، ينتهى به الحال ويتوقف عن العمل لمدة يومين، هما فترة بقائه فى المستشفى بعد إجراء الجراحة له، محمد مثله مثل كثيرين غيره اتجه إلى مستشفى الحسين ليس فقط لأن تكاليف جراحة التجميل به اقتصادية وغير مكلفة، ولكن لأن شهرة المستشفى وتميز أطبائه دفعا بالكثيرين للذهاب إليه وإجراء جراحات دقيقة تجميلية وأخرى تكميلية.
التجميل صار مطلبا يسعى إليه كثيرون، فتلك سيدة بلغت 37 عاما، جاءت بوزن فاق احتمالها بعد أن فشلت فى جميع أساليب «الريجيم» لإنقاص وزنها، صار وزنها 119 كيلوجراماً، جسد ضخم يشفق عليه البعض ويتقدم إليها آخرون بالنصيحة بضرورة إجراء جراحة لشفط الدهون لاستعادة قدرتها على الحركة ومنحها رشاقة افتقدتها لسنوات طويلة.
تخوفات ظلت تراود فريجة بكرى، خاصة أنها لا تعلم شيئا عن تلك الجراحات، ولا تعلم أى مكان تذهب إليه لإجرائها بمبالغ زهيدة، تتناسب مع حالتها المادية البسيطة، الذهاب إلى متخصصين على درجة عالية من الكفاءة كان حلما يراودها إلى أن التقت طبيبا نصحها بالذهاب إلى «الحسين الجامعى» لتنتهى معها آلامها التى عانتها لسنوات، توجهت فريجة إلى المستشفى الذى استئصل منها 7 كيلوجرامات دهوناً من داخل البطن وأجريت لها جراحة مزدوجة؛ عبارة عن شد البطن من الترهلات التى لحقت بها بعد استئصال الوزن الزائد، فريجة لا تزال فى المستشفى بانتظار أن تتعافى تماماً وتخرج لممارسة حياتها بشكل طبيعى بعدما أنهت المشكلة الكبرى فى حياتها وهى الوزن الزائد.[Image_2]
«فريجة» مثلها مثل كثيرات غيرها اصطففن على أسرة المستشفى بعدما أجرين جراحات لشفط الدهون رغبة منهن فى استعادة الوزن الرشيق، أغلبهن سيدات على مشارف الأربعين، حكايات المرضى تستأثر بها أمل شحاتة التى تعمل بالمستشفى منذ ما يقرب من 28 عاما، قضت منها 10 أعوام كاملة فى التمريض فى قسم جراحة التجميل، إلى أن ارتقت إلى منصب رئيس التمريض، وهى مسئولة عن توجيه 24 ممرضة، ما بين الحجرات والعمليات والعيادات، لتصبح الخدمة لدى المواطنين بقدر الإمكانات المتاحة، وبقدر ما تعلموه من كبار الأطباء ليشعر المترددون على المكان باختلاف يكسبهم الإحساس بالأمان والراحة، حتى إن أمل تشعر أنها بحاجة لإجراء جراحة شفط الدهون، وتؤكد أنها على مشارف إجراء تلك الجراحة، لكنها بحاجة إلى تنظيم وقتها لكى تحصل على وزن مثالى.[Quote_2]
الدكتور أحمد ماجد المفتى، رئيس قسم جراحة التجميل وعلاج الحروق بمستشفى الحسين الجامعى، يؤكد أن المقبلين على مثل تلك الجراحات أغلبهم يعانى تشوهات ناتجة عن الحروق والحوادث، وما لا يقل عن 25% من المترددين يلجأون إليها من أجل التجميل، وأضاف: «المواطنون لا يعرفون عن جراحات التجميل سوى أنها تجميل الوجه سينمائيا، لكن الحقيقة أن جراحة التجميل تنقسم إلى تكميلية وإصلاحية؛ للتشوهات وعلاج الحروق، وتجميلية، وهى تخصصات دقيقة ينبغى أن يعرفها المواطن العادى لكى يقضى على المفهوم القديم للتجميل».[Image_3]
وذكر ماجد أن المستشفى يجرى جميع الجراحات، إلا أن هناك أجهزة بالمستشفى بحاجة إلى إصلاح وتجديد، لكن نظرا لأن الميزانية لا تسمح فالأمر متروك للوقت، بالإضافة إلى أن هناك بعض المستلزمات التى يحتاجها القسم وبعض الأدوية، يتم التعامل مع الأمر بمنطق «التكافل الصحى»، وهو أن التبرعات التى يتقدم بها بعض المرضى من المقتدرين تكون فى صورة مستلزمات وأدوات طبية لرعاية الحالات غير القادرة ماديا. ويكشف المفتى عن أن القسم لا توجد به وحدة للرعاية المركزة ويتم الاعتماد على الرعاية الخاصة بالمستشفى، مؤكدا أن القسم يجرى ما يقرب من 5 جراحات يوميا، أى بمعدل 1000 جراحة سنويا.
أخبار متعلقة:
بيروت تسحب بساط"التجميل"من القاهرة
«التجميل» فى مصر.. رفاهية المشاهير وحلم الفقراء وتجارة النصابين
«الحسين الجامعى».. عندما يجتمع الفقر والجمال فى مكان واحد
عضو «الدولية لتاريخ الطب»: جراحة التجميل.. علم فرعونى أصيل
خبراء: «التجميل» كان للصفوة وأصبح شعبياً.. والحكومة تتجاهل «جراحات الفقراء»
الخبير العالمى د. أحمد نورالدين: الدولة لا تدعم السياحة العلاجية.. وتكلفتها فى مصر الأرخص بين دول العالم
رئيس «المؤسسات العلاجية»: أغلب مراكز التخسيس تعمل دون ترخيص
العيادات غير المرخصة.. «أوكار نصب» تبيع الوهم بـ10 جنيهات