لأننا لا نيأس ولأن اليأس رفاهية لا نملكها ولا نريدها. لن أترك كلماتى تذهب هباء. ولذا أكرر ما أقول وأعيد وأزيد فيه لعله ينير طريق من يقودنا أياً كان موقعه. لماذا كل هذا الكلام؟ لأننى ومنذ أسابيع كتبت عن نظرية «الكل فى واحد» «One in all»، وكنت أعنى بها كيفية إعداد أراضى مصر ومؤسساتها لمؤتمر الدول المانحة لمصر المقرر عقده بإذن الله فى شهر فبراير المقبل. وتقوم النظرية ببساطة على أساس أن يبدأ وزراء الدفاع والمالية والاستثمار والتخطيط والآثار والإسكان والبترول والنقل والمواصلات والتضامن الاجتماعى، فى دراسة خريطة مصر عبر اجتماعات مغلقة فيما بينهم جميعاً، ويحددوا عليها -وفقاً لمعايير محددة- أماكن الاستثمار ومجالاته بعد موافقة وزاراتهم. من أجل توزيع أنواع الاستثمارات التى تحتاجها الدولة على الخريطة وفقاً لاحتياجات التنمية ومعدلات الفقر فى كافة المحافظات ومعايير التنافسية المتوافرة فى كل منها، من حيث الأيدى العاملة والمواد الخام والطرق والمواصلات فيها والمناخ. ثم تحديد الجهة المسئولة فى كل محافظة عن تسهيل وتذليل العقبات أمام أى مستثمر دون الحاجة لتوقف عمله فى حال واجهته أى مشكلة. بعدها تعلن الحكومة عن تخصيص مكتب واحد فى هيئة الاستثمار يذهب له كل المستثمرين على اختلاف مناحيهم. وتُوكل مسئولية الإشراف عليه لمتخصص اقتصادى يجيد فنون التسويق كما يجيد أكثر من لغة ويمتلك مهارة التفكير من خارج الصندوق والتحرر من البيروقراطية. ويُمنح سلطات إنهاء أعمال أى مستثمر طالما توافرت لديه الشروط التى ستضعها الدولة بحسم -اقتصادياً وقانونياً وأمنياً. فيذهب المستثمر لهذا المكتب ويعرض على المسئول نوع الاستثمار الذى يرغب فى القيام به، ليعرض عليه المسئول بدوره تلك الخريطة المتفق عليها من قبل جميع الهيئات المختصة ويحدد له الأماكن التى تتوافق ونوع الاستثمار المقترح وفقاً للخريطة الموضوعة مسبقاً. وأسعار الأراضى فيها والأوراق المطلوبة منه لتنفيذ مشروعه. فإذا ما اتفق الطرفان -المستثمر والمسئول- اتفقا على توقيع العقد فى اليوم التالى بمجرد سداد المستثمر للقيمة المطلوبة منه وإحضاره الأوراق المحددة. هكذا وببساطة يكون الاستثمار فى بلادنا أمراً مجدياً. وما أتحدث عنه لن يقلل فقط من إجراءات الاستثمار وما يتعرض له المستثمر من بيروقراطية تجعله يهرب من بلادنا، ولكنه سيغلق الكثير من منافذ الفساد المفتوحة على مصراعيها لحين تفعيل قوانين مكافحة غياب الضمير البشرى وما ينتج عنها من جميع جرائم التربح والرشاوى وفساد الذمم -بدءاً من كوب الشاى بالياسمين، انتهاءً بشيك فى البنك أو سيارة فارهة أو شاليه فى الساحل يرد الروح. نحتاج إلى ثورة فى عالم الإجراءات الاقتصادية والقانونية لدى كل العاملين بالدولة ليعلموا أن الباقى لنا كمصريين لإثبات قدرتنا على البقاء بقوة ومواجهة ما يدور حولنا من مؤامرات التقسيم والتفتيت والتركيع، ليس بالكثير بل هو قليل، فإما أن نكون أو لا نكون. وفى ظل ما قام به الرئيس المصرى فى الولايات المتحدة من لقاءات مع رجال الأعمال لإقناعهم بجدوى الاستثمار فى مصر، علينا أن نكمل المنظومة هنا فى الداخل حتى لا يذهب ما فعله هباءً.