خطأ في التشخيص.. «يحيى» دخل المستشفى بسخونية وخرج جثة هامدة

كتب: سهاد الخضري

خطأ في التشخيص.. «يحيى» دخل المستشفى بسخونية وخرج جثة هامدة

خطأ في التشخيص.. «يحيى» دخل المستشفى بسخونية وخرج جثة هامدة

انتظر والداه ولادته لسنوات، ولكن شاء القدر أن يولد مصاباً بواحد من أمراض الدم النادرة، وهو مرض الهيموفيليا،ورغم مرضه، فقد ملأ عليهما الدنيا، ولم يفارقهما الأمل في أن يكون سنداً لهما في كبرهما، وبالفعل اشتد عوده وبدأ يعمل في الصيد، لمساعدة والديه، إلا أن المرض الذي كان ينهش في جسمه، بالإضافة إلى الإهمال، تحالفا معاً للقضاء على فرحتهما مبكراً.

تروي «فريدة محمد رشاد»، من محافظة الدقهلية، لـ«الوطن» تفاصيل وفاة ابنها «يحيى عوض سليمان السعدني»، عن عمر 17 سنة، طالب بالصف الثالث الثانوي التجاري، مشيرةً إلى أنه كان مصاباً بمرض «الهيموفيليا B»، وأضافت: «رغم مرضه، كان مصدر سعادتنا وسنداً وعكازاً لنا، خاصةً وأن الأمراض تنهش فينا»، مشيرةً إلى أن والده لا يستطيع الحركة لمعاناته من ضمور بالحبل الشوكي، بينما هي مصابة بجلطة، وكان «يحيى» هو العائل الوحيد لهما.

وتابعت الأم بقولها: «أنا وزوجي أبناء خالة، وشاء القدر أن يولد ابننا الوحيد مصاباً بمرض النزف الوراثي، وكان يحتاج إلى نقل مشتقات البلازما بصورة مستمرة»، وأشارت إلى أنه بدأ خلال الفترة الأخيرة يعاني من تسارع في ضربات القلب، مما كان يؤدي إلى إصابته بالإغماء، وكان يعتمد على حقن «الفاكتور» في علاجه، وأضافت: «كنت باخاف عليه من الهوا الطاير، وكانت حريصة على توفير حقن الفاكتور له من جمعية أمراض النزف».

وعن الظروف التي دفعتهم للذهاب للمستشفى، قالت: «فوجئت به يعانى من سخونية  وترجيع وألم في المعدة، أعطيته أقراص باراسيتامول، ولكن لم تنخفض درجة حرارته، لذا اصطحبته إلى مستشفى التأمين الصحي في سندوب»، وأضافت أن ابنها دخل المستشفى بتاريخ 3 يوليو، وقام بعض الأطباء بتشخيص حالته باشتباه كورونا، ولم يكن يعانى من نزيف حينذاك، وطلبوا احتجازه في العزل المنزلي، إلا أنها أبلغتهم بإصابته بالهيموفيليا، فقرر الأطباء احتجازه بقسم العزل، وأثناء تلقيه علاج كورونا، شعر بآلام شديدة، جعلته يصرخ منهأ، وظل محتجزاً بالمستشفى لمدة 6 أيام، ولكن تدهورت حالته كثيراً، وزادت معاناته مع الألم والمغص الشديد، ثم بدأ جسمه في الانتفاخ بشكل كامل.

وأردفت الأم قائلة: «ابنى كان بيرجع ولا يأكل شيئاً، بعدما حصل على جرعة العلاج الخاصة بكورونا، وفجأة جسمه انتفخ»، مشيرةً إلى أنها تواصلت مع جمعية أمراض الدم، ورفض الأطباء بالمستشفى التواصل مع رئيس جمعية أمراض الدم، باعتبار أن ابنها حالة خاصة، وقاموا بإجراء مسحة له ليتبين سلبية إصابته بكورونا، وأضافت أن ابنها حدث له نزيف داخلي بمختلف أنحاء جسده، حيث حدث نزيف فى القولون، وساءت حالته حتى فقد البصر والوعي، ووصل النزيف للمخ، مما اضطر الأطباء إلى إيداعه وحدة العناية المركزة.

واستطردت الأم بقولها: «رغم حاجة ابني الملحة لجرعة فاكتور، لوقف النزيف، حصل عليها متأخراً، بعد أن وصل النزيف لكافة الأعضاء، الكبد والكلى والطحال والمخ والقلب»، وأكدت أن ابنها توفى بسبب أهمال الأطباء في علاجه، مشيرةً إلى أنها حررت محضراً بالواقعة، اتهمت فيه المستشفى بالإهمال الطبي، والتسبب في وفاة ابنها الوحيد.

وطالبت السيدة «فريدة» بمحاسبة المسؤولين عن الإهمال في حالة ابنها، مشيرةً إلى أنها تعرضت أيضاً للإهانة من قبل مدير المستشفى، حينما طلبت الاستعانة بطبيب متخصص أمراض دم، نظراً لعدم وجود طبيب متخصص بالمستشفى، وأضافت أن مديرة المستشفى نهرتها بقولها: «اقعدي مكانك وملكيش علاقة بابنك، ويوم ما يحصل لابنك حاجة المسؤولية علي أنا، أنتي بتتكلمي مع مديرة مستشفى، مش واحدة في الشارع».

وتوفى «يحيى» يوم 12 يوليو الماضي، بعد تشخيص حالته خطأ بكورونا، وكان بحاجة لـ4000 وحدة «فاكتور 9» في اليوم، حتى يتوقف النزيف، وأكدت الأم أن الأطباء رفضوا صرف حقن «الفاكتور» لابنها، رغم توافره بالمستشفى، وطلبوا منها تقديم طلب لعرضه على اللجان المختصة للموافقة عليه، وأضافت أنه لم يحصل سوى على حقنتين فقط، قامت الأم بتوفيرهما، ولكن بعد إصابته بنزيف في مختلف أنحاء جسده، مما تسبب في إصابته بالشلل والعمى، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، لتفقد أسرته ابنها وعائلها الوحيد. 

في المقابل، أكدت الدكتورة ماجدة رخا، رئيس جمعية أمراض النزف الوراثية، لـ«الوطن»: «قدمنا مذكرة رسمية لرئيس هيئة التأمين الصحي للتحقيق في واقعة الإهمال الطبي الذي تعرض له الطفل يحيى وتسبب في وفاته، لم يستمعوا لنصائحنا أو أقوالنا حينما خاطبنهم أكثر من مرة لمباشرة حالته، خاصةً بعد الإهمال الشديد الذي وقع له، ونتج عنه نزيف شديد»، مطالبة رئيس هيئة التأمين الصحي بأخذ موقف حاسم في تلك الواقعة، ومحاسبة المتورطين.

في المقابل، حاولت «الوطن» التواصل مع الدكتور محمد عبد الخالق، مدير هيئة التأمين الصحي، عدة مرات، للتعليق على اتهام أطباء مستشفى سندوب بالإهمال، الذي تسبب في وفاة «يحيى»، ولكن دون أن تتلقى رداً على محاولاتها المتكررة.


مواضيع متعلقة