كشف خلايا وضبط شبكات.. مصر تحارب الإرهاب بالتعاون مع 38 دولة

كتب: محمد عيسى

كشف خلايا وضبط شبكات.. مصر تحارب الإرهاب بالتعاون مع 38 دولة

كشف خلايا وضبط شبكات.. مصر تحارب الإرهاب بالتعاون مع 38 دولة

انتهت مصر من عملية تقييم النظم المطبقة لديها في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقام بها خبراء من مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا «MENAFATF»، وتتمتع مصر بعضويتها، في إطار تنفيذ التزامات مصر، بالمعايير والاتفاقيات الدولية المطبقة، في مجال مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، وتمت عملية التقييم وفقًا لمنهجية تقييم الالتزام الصادرة عن مجموعة العمل المالي «FATF»، وهي الجهة الدولية المسؤولة عن وضع المعايير الدولية التي يتعين على الدول الالتزام بها.

وبذلت وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، برئاسة المستشار أحمد سعيد خليل، رئيس مجلس أمناء وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، باعتبارها الجهة التنسيقية الوطنية لعملية التقييم، جهودا كبيرة خلال عملية التقييم، واستغرقت وقتًا طويلًا، وحرصت الوحدة على التواصل الفعال بين كل الجهات المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح بالدولة، وإجراء تقييم ذاتي لنظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال خبراء وطنيين، قبل بدء عملية التقييم رسميًا بوقت كافٍ، ما ساعد على حصر المسائل التي كانت تمثل قصورًا في نظم المكافحة، وانتهى ذلك التقييم الذاتي إلى عدد من المخرجات التي تم العمل على استيفائها، بالتنسيق بين الوحدة وجميع الجهات المعنية في الدولة، وعقدت الوحدة لقاءات وورش عمل مع ممثلي الجهات المعنية، للتعريف بالمعايير الدولية ومساعدتهم على فهمها وكيفية استيفاء الاستبيانات والطلبات الواردة من فريق التقييم، ومتابعة استيفاء المعلومات والإحصاءات والحالات العملية، ما كان له أثر بالغ في حصول مصر على درجات تقييم مرتفعة، وظهورها بصورة مشرفة أمام الجهات الدولية.

وأسفرت عملية التقييم عن صدور تقرير تفصيلي، يتضمن كل أوجه تنفيذ المعايير الدولية من قبل مصر، بهدف مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح، وتم مناقشته واعتماده في أثناء الاجتماع الثاني والثلاثون للمجموعة، المنعقد بتاريخ 7 يونيو2021، بحضور الدول الأعضاء ومجموعة المراقبين من دول ومنظمات دولية.

وجاء التقرير الصادر من الوحدة على النحو التالي:

- أثبتت مصر أن لديها فهمًا جيدًا لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، التي تتعرّض لها من خلال قيامها بإجراء تقييم وطني لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وبمشاركة كل الجهات المعنية، وتم الاعتماد على منهجية وطنية لتحديد التهديدات، ونقاط الضعف والعواقب، ومشاركة المخرجات مع كل الجهات الوطنية والقطاع الخاص بالدولة، وأظهرت من خلاله التنسيق المحي الفعال، وتوفير ومشاركة البيانات بين القطاعين العام والخاص، وتبنت مصر سياسات وتدابير تتلاءم مع المخاطر التي تم تحديدها، وتهدف هذه السياسات إلى معالجة الأطر التشريعية والرقابية وزيادة فعالية جميع الجهات والمؤسسات المعنية بمتطلبات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ودعم الإطار المؤسسي والتعاون المحلي والإقليمي في هذا المجال.  

وتطرق التقرير إلى جهود الدولة في مكافحة عمليات تمويل الإرهاب، مشيرا لتبني مصر إستراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب وتمويله تتميز بالمرونة، وفقًا للمستجدات الدولية والمحلية التي تطرأ على تلك الظاهرة، وتعتبر مصر مكافحة الإرهاب وتمويله هدفًا من أهداف السياسة المتبعة في الدولة، وأشاد التقرير بالتقدم الكبير الذي أحرزته مصر في مكافحة الإرهاب وتمويله، ما انعكس على انخفاض الأعمال الإرهابية، ويعود إلى جهود الدولة في القضاء على العديد من الجماعات الإرهابية، وتطبيق عقوبات فعالة ومتناسبة ورادعة عند ارتكاب جريمة تمويل الإرهاب، بما في ذلك تمويل الإرهاب المستقل.

وأوضح التقرير الجهود المبذولة من قبل الدولة في سبيل تحديد أنشطة تمويل الإرهاب والتحقيق فيها، وما تتمتع به الجهات المعنية بمكافحة الإرهاب وتمويله من كوادر متخصصة ومدّربة، حاصلة على دورات تدريبية متخصصة في قضايا التمويل وأنماطه، وأبرز مصادر التمويل والطرق المستحدثة التي يلجأ إليها ممولو الإرهاب وشبكات التسهيل لتمويل الأنشطة الإرهابية، وأشاد التقرير بالجهود التي تقوم بها الدولة لتعزيز قدرة السلطات على تحديد أنشطة تمويل الإرهاب المحتملة وإجراء تحقيقات في الأنشطة ذات الصلة بالإرهاب، وتوجد دوائر مختصة للنظر في القضايا ذات العلاقة وتدريب موظفيها، للرفع من جودة التحقيقات، وبالتالي تحقيق أهداف الإستراتيجية الوطنية.

وأشاد التقرير بالتعاون الذي تقوم به مصر، مع ما يزيد على 38 دولة عبر العالم في مجال مكافحة الإرهاب وتمويله، وما أفضى عنه هذا التعاون من إلقاء القبض على عدد من الإرهابيين وتفكيك شبكات تمويل الإرهاب، وإبلاغ دول أخرى بمقاتلين إرهابيين أجانب، وضبط أموال على الحدود دخولًا، وضبط العديد من الشبكات الإجرامية، وكشف خلايا إرهابية في دول أخرى وتفكيكها ومحاكمتها، والقضاء على جماعات إرهابية في مصر، من بينها انصار بيت المقدس، وأجناد مصر وكتائب أنصار الشريعة في أرض الكنانة، بالإضافة إلى القضاء على خلايا عنقودية، تنتمي إلى تنظيمات إرهابية كبرى.

وأشار التقرير أن لدى مصر آليات فعالة لتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بمنع الإرهابيين والمنظمات الإرهابية وممولي الإرهاب، من جمع الأموال ونقلها واستخدامها، من إساءة استخدام قطاع المنظمات غير الهادفة للربح، ومنع الأشخاص والجهات المتورطة في تمويل انتشار أسلحة الدمار الشامل، من جمع الأموال ونقلها واستخدامها، وفقًا لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وأشاد التقرير بفهم السلطات التنظيمية والرقابية على القطاعات المالية وغير المالية، على رأسها البنك المركزي المصري، لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وقيامهم بإجراء تقييم قطاعي بصفة مستمرة للمؤسسات المالية الخاضعة لرقابتهم، الأمر الذي من شأنه أن يتيح لهم مواصلة تكوين فهم واضح للمخاطر التي تواجه تلك المؤسسات والجهات، ويتوفر لدى المؤسسات المالية فهمًا جيدًا لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تواجهها، وتطبق تدابير للحد من المخاطر على أساس المنهج القائم على المخاطر بشكل جيد.

وأوضح التقرير الجهود والتدابير التي اتخذتها السلطات المصرية، للتخفيف من مخاطر إساءة استخدام الأشخاص الاعتبارية والترتيبات القانونية، وحرص الدولة على إتاحة المعلومات المتعلقة، بإنشاء الأشخاص الاعتبارية وتوفير عدة قنوات، للوصول إلى المعلومات الأساسية والمعلومات المتعلقة بالمستفيد الحقيقي من الكيانات الاعتبارية المنشأة في الدولة، ما أدى إلى حصول الدولة على درجة التزام تعادل تلك التي حصلت عليها كبرى الدول، ومن ثم سيكون له آثار إيجابية في جذب الاستثمارات الأجنبية من كل الدول، ويعد أحد أهم الركائز الاقتصادية لأي بلد.

- أشار التقرير إلى جهود الدولة لتعزيز التعاون الدولي لأغراض مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والجرائم الأصلية ذات الصلة، وأوضح التقرير بأن مصر تستخدم مجموعة واسعة من أشكال التعاون الدولي، مع نظيراتها الأجنبية من أجل تبادل أنواع مختلفة من المعلومات المالية والاستخباراتية لأغراض مكافحة غسل الأموال والجرائم الأصلية ذات الصلة وتمويل الإرهاب.

وأثنى التقرير على قدرة وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب على الوصول المباشر وغير المباشر إلى شريحة واسعة من المعلومات المالية والاستخباراتية، وغيرها من المعلومات ذات الصلة في أثناء النظر في قضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية ذات العلاقة وتمويل الإرهاب، وجودة تقارير وإحالات الوحدة التي تدعم الحاجات التشغيلية للسلطات المختصة، ولا سيما في مجال تمويل الإرهاب، وتقوم الوحدة بإنتاج معلومات استخبارية مالية باستخدام مجموعة متنوعة من المصادر، وتقوم جهات إنفاذ القانون وباقي السلطات المختصة الأخرى، باستخدام تلك المعلومات في تطوير الأدلة وتعقب العائدات الإجرامية، وتوافر موارد بشرية ولوجستية ومعلوماتية متميزة، تساعد الوحدة على معالجة وتحليل المعلومات المالية، التي تتلقاها أو التي تقوم بجمعها، وإسهامات الوحدة في بالبحوث والتحليل الاستراتيجي للتقارير والمعلومات الواردة، بهدف تحديد اتجاهات وأنماط غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والدور الفعال للوحدة في التعاون المحلي والدولي وتبادل المعلومات، وفي ضوء نتائج ذلك التقرير، جاءت وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في ترتيب متقدم جدا، بين وحدات التحريات المالية النظيرة على المستوى الدولي والإقليمي والقاري.

وأكد التقرير فعالية استخدام السلطات المختصة المعلومات المالية، والمعلومات الأخرى، ذات الصلة لتطوير الأدلة، للتحقيق في عمليات غسل الأموال، والجرائم الأصلية المرتبطة بها وبتمويل الارهاب، وتعقب المتحصلات الإجرامية، ومدى تمكن السلطات من استخدام المعلومات المالية، من خلال الوصول المباشر وغير المباشر إلى شريحة واسعة من قواعد البيانات الوطنية، ما يسهم في متابعة الحركات المالية المحتملة، وتوافر الموارد والخبرة اللازمة لدى هذه الجهات، للقيام بالتحري في قضايا غسل الأموال والجرائم الأصلية وتمويل الإرهاب والاعتماد على المعلومات المالية.

وأظهر التقرير مستوى التزام مصر، من حيث اتساق قوانينها وإجراءاتها ولوائحها بالمعايير الدولية في هذا الخصوص، وتعتبر نتيجة هذا الجانب المهم من عملية التقييم إيجابية جدًا، وأشار التقرير إلى أن لدى مصر نظامًا قانونيًا متسقًا مع توصيات مجموعة العمل المالي، وعززت الدولة في وقت مبكر الأطر التشريعية، اتساقًا مع المعايير الدولية الخاصة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومن أهمها التعديلات الخاصة بقانون مكافحة غسل الأموال ولائحته التنفيذية، وقانون مكافحة الإرهاب وقانون تنظيم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، وإصدار قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي وقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي، وإجراءات العناية الواجبة والتعرف على العملاء المطبقة في المؤسسات المالية وغير المالية، وتعديل اللائحة التنفيذية لقانون السجل التجاري، لتعزيز سبل التعرف على المستفيدين الحقيقيين من الشخصيات الاعتبارية، بما يضمن تعزيز الشفافية في الدولة، وغيرها من الأطر التشريعية والرقابية.

وتجدر الإشارة أنه في حال، ما أسفر تقييم أي دولة وفقًا للمعايير الصادرة عن مجموعة العمل المالي «FATF» عن درجات التزام منخفضة، وفقًا لمعايير محددة تم وضعها في هذا الخصوص، فيمكن أن تحال الدولة للمتابعة من قبل فريق مراجعة التعاون الدولي بمجموعة العمل المالي «FATF»، وفي هذه الحالة يتعين على الدولة الالتزام بخطة العمل التي تضعها لها مجموعة العمل المالي، لمعالجة أوجه القصور لديها، وخلال هذه الفترة يظهر اسم الدولة في بيان عام، يتم إصداره ونشره على الموقع الإلكتروني للمجموعة، عقب كل اجتماع عام لها، ويفيد أن الدولة لديها أوجه قصور جوهرية ويتم متابعة مدى قيامها بالالتزام بخطة العمل الموضوعة لها، وفي حال عدم تمكن الدولة من تصويب كل أوجه القصور الخاصة بها، خلال الموعد المحدد بخطة العمل، تضع المجموعة اسم الدولة في بيان عام آخر، ينشر على الموقع الإلكتروني للمجموعة المشار إليها، تطلب فيه من دول العالم اتخاذ تدابير احترازية ضد هذه الدولة، ما يكون له آثار سلبية على الوضع الاقتصادي والاستثماري للدولة.

وبصفة عامة تعد تجربة مصر في عملية التقييم المتبادل، تجربة فريدة في دول المنطقة، وعلى مستوى العالم بشهادة العديد من الجهات الدولية، للظروف الاستثنائية التي واجهت الدولة خلال عملية التقييم.


مواضيع متعلقة