بعد النجاح في زيادة المخصصات.. هل تعاود أرباح البنوك النمو في 2021؟

كتب:  فاطمة نشأت

بعد النجاح في زيادة المخصصات.. هل تعاود أرباح البنوك النمو في 2021؟

بعد النجاح في زيادة المخصصات.. هل تعاود أرباح البنوك النمو في 2021؟

لم يكن عام 2020 هو الأفضل على الإطلاق من حيث معدلات التشغيل والإنتاجية وتحقيق الأرباح على جميع المؤسسات الاقتصادية حول العالم بسبب تفشى جائحة كورونا، وخاصة القطاعات المصرفية التى عادة ما تحمل على عاتقها مسئولية الاستقرار المالى والنقدى وموازنة الاقتصاد.

وعلى الرغم من صلابة القطاع المصرفى المصرى وإظهار مرونة كبيرة فى التعامل مع تداعيات الجائحة، ودعم القطاعات الاقتصادية من خلال إطلاق العديد من المبادرات لدعم القطاع الصناعى والسياحى والإسكان لمتوسطى الدخل بفائدة منخفضة تصل إلى 8%، إلى جانب خفض تراكمى لأسعار الفائدة بلغ 400 نقطة أساس خلال عام 2020، فإن البنوك المصرية تمكنت من تحقيق طفرة استثنائية فى مؤشرات أدائها لهذا العام.

وذلك ما أكدته المؤسسات الدولية، حيث ذكرت مجلة «ذا بانكر» العالمية، فى تقرير حديث لها، أنه على الرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة فى فترة الجائحة فإن البنوك المصرية واجهت تداعيات كورونا بمؤشرات مصرفية قوية، وبنمو ائتمانى كبير، كما حافظت على معدلات سيولة مرتفعة كحائط صد حال تفاقم الأزمة.

وشهد صافى أرباح البنوك المصرية تراجعاً طفيفاً مقارنة بحجم الأزمة نسبته 29% خلال عام 2020، ليسجل 58.9 مليار جنيه خلال العام الماضى، مقارنة بـ83.18 مليار خلال عام 2019، وذلك بعدما ارتفع صافى أرباح البنوك المصرية خلال عام 2019 بنسبة 18.5%، ليصل إلى 83.1 مليار جنيه، مقابل 70.2 مليار جنيه بنهاية 2018.

ولعل توجُّه البنوك لتعزيز حجم مخصصاتها واحتجاز جزء من أرباحها للتحوط ضد المخاطر الائتمانية المتوقعة أو الفعلية للمقترضين حفاظاً على سلامة أموال المودعين فى المقام الأول هو السبب الرئيسى لتراجع صافى أرباح البنوك خلال عام 2020.

حيث شهدت المخصصات ارتفاعاً بنسبة 27.30% خلال عام 2020، وسجلت 162.27 مليار جنيه بنهاية العام الماضى، مقابل 127.47 مليار جنيه بنهاية 2019، مما يعنى احتجاز حوالى 34.80 مليار جنيه إضافية من أرباح البنوك وتوجيهها لتعزيز المخصصات خلال عام 2020.

وتواصل المؤسسات الدولية تكهناتها حول ربحية البنوك المصرية خلال عام 2021، بدأتها وكالة «موديز» للتصنيف الائتمانى بمنح القطاع المصرفى المصرى نظرة مستقبلية مستقرة مدعومة بالإصلاحات الاقتصادية والمالية، متوقعة نمو الودائع بنسبة 10 إلى 12%، ونمو القروض بنسبة 7 إلى 9% فى 2021.

 «موديز» و«فايننشال تايمز» تتوقعان ضغوطاً على ربحية البنوك بسبب انخفاض هوامش الفائدة.. وتؤكدان: القطاع المصرفي المصري حقق أداءً قوياً فى 2020

بينما تتوقع «موديز» أن تواجه معدلات ربحية البنوك ضغوطاً خلال عام 2021 مدفوعة بانخفاض صافى هوامش الفائدة التى تعنى الفرق بين الفائدة على الودائع والفائدة على القروض، خاصة بعد خفض الفائدة بنحو 400 نقطة أساس.

كما استندت «موديز» لتوقعاتها حول ربحية البنوك فى العام الحالى باستمرار توجه البنوك نحو تعزيز أرصدة المخصصات لديها فى ظل استمرار جائحة كورونا وزيادة مخاطر سداد القروض، مما قد يعرّض الأرباح لضغوط على مدار العام، بينما سيظل القطاع المصرفى الأفضل مقارنة بالعديد من القطاعات المصرفية فى دول أخرى.

على نفس المنوال ترى مجلة «فايننشال تايمز» البريطانية، فى تقرير حديث لها حول أداء البنوك المصرية خلال عام 2021، أن أرباح البنوك قد تواجه ضغوطاً لعدم السيطرة على القروض المتعثرة، ما سيدفع البنوك لزيادة مخصصاتها، بينما ستظل فى المنطقة الآمنة فى ظل انخفاض معدلات توظيف الودائع فى القروض ووجود معدلات سيولة كبيرة.

كما أشار البنك المركزى المصرى، فى نشرته الإحصائية الشهرية، إلى زيادة مخصصات البنوك لترتفع من 162.27 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2019، وتصل إلى 163.71 بنهاية يناير 2021، بمعدل نمو 0.89% خلال أول شهر من العام الحالى.

ولم يكن نمو مخصصات البنوك معضلة فى حد ذاته بينما يفضّل القطاع المصرفى المصرى تقليص صافى أرباحه واحتجاز جزء منها لتعزيز حجم مخصصاته، ويرجّح دائماً كفة حماية وسلامة أموال المودعين عن زيادة أرباحه، خاصة فى أوقات الأزمات.

فتاريخياً اتسم القطاع المصرفى بالأداء القوى والمرن، فهو يبحث عن دعم المجتمع من مؤسسات وأفراد ويحافظ على أموال عملائه، والدليل على ذلك أنه منذ افتتاح أول بنك فى مصر منذ حوالى 150 عاماً لم تظهر حالة واحدة لتعثر بنك يعمل فى السوق المصرية عن سداد أموال مودعيه مهما كلفه الأمر.

على صعيد آخر أصدر بنك الاستثمار «هيرمس» تقريراً لتوقعاته حول أداء البنوك فى الربع الأول من 2021، متوقعاً أن تشهد أرباح البنوك المصرية نمواً بشكل عام بعد انخفاض تكاليف المخصصات.

وأشار تقرير «هيرمس» إلى 8 بنوك محل الدراسة؛ البنك التجارى الدولى، بنك قطر الوطنى الأهلى، بنك فيصل الإسلامى، بنك التعمير والإسكان، بنك كريدى أجريكول، مصرف أبوظبى الإسلامى، بنك البركة، والبنك المصرى الخليجى، متوقعاً أن يصل متوسط معدل نمو صافى أرباحها خلال الربع الأول من العام الحالى إلى 10% على أساس سنوى.

ولعل ذلك ما دفع «الوطن الاقتصادى» لرصد أرباح بنكين من البنوك المدرجة فى البورصة المصرية بعد الإعلان عن نتائجهما المالية للربع الأول من 2021، وهما بنك قطر الوطنى الأهلى QNB الذى تمكن من تحقيق أرباح بقيمة مليارَى جنيه، مقارنة بـ1.869 مليار جنيه للفترة المناظرة من 2020، بنمو بنسبة 7%.

بنفس الخطى تمكّن بنك فيصل الإسلامى المصرى من تحقيق صافى أرباح بقيمة 537.5 مليون جنيه خلال الربع الأول من 2021، مقابل 469.023 مليون جنيه للفترة المناظرة من 2020، بنمو بنسبة 14.6%.

ربما تشير النتائج المالية لنمو أرباح البنكين خلال الربع الأول من 2021 إلى استقرار الأوضاع المالية والاقتصادية الذى ينعكس على أداء البنوك ومعدلات ربحيتها، وقد يشهد العام الحالى نمواً فى ربحية البنوك بخلاف العام الماضى.

 عاكف المغربي: أتوقع ثباتاً أو زيادة متوسطة في صافي أرباح البنوك خلال العام الحالي

من جانبه يرى عاكف المغربى، نائب رئيس مجلس إدارة بنك مصر، أن أداء البنوك خلال عام 2021 سيكون أكثر استقراراً ونمواً فى منح القروض، خاصة بعد تراجع أسعار الفائدة فى العام الماضى، مشيراً إلى الحفاظ على نسب القروض المتعثرة فى المعدلات الآمنة.

وأضاف «المغربى» أنه خلال العام الماضى، ومع ظهور الموجة الأولى من جائحة كورونا، انضم كثير من الأفراد غير المتعاملين مع البنوك للمنظومة المصرفية باعتبارها الأسرع والأكثر أماناً فى إتمام المعاملات المالية والمصرفية، كما شهد العام الماضى نمواً ملحوظاً فى زيادة أعداد المتعاملين مع قنوات البنوك الإلكترونية كالموبايل والإنترنت البنكى والمحفظة الإلكترونية.

وتابع حديثه لـ«الوطن الاقتصادى» بأن العوامل السابقة ستعزز من فرص نمو أرباح البنوك خلال 2021، متوقعاً ثباتاً أو زيادة متوسطة فى صافى الأرباح، وفقاً لمدى استقرار الأوضاع الاقتصادية المحيطة فى ظل استمرار جائحة كورونا.

وأشار إلى احتجاز البنوك نسباً كبيرة من أرباحها لتعزيز المخصصات لديها تحوطاً من تفاقم تداعيات جائحة كورونا خلال العام الماضى، بينما قد تحتجز البنوك هذا العام جزءاً أقل من أرباحها للمخصصات مما يدعم استقرار ربحية القطاع المصرفى.

ميرفت سلطان: مبادرات «المركزي» والسياسات التحوطية للبنوك دعمت القطاع المصرفي المصري في تحقيق أداء استثنائي في الأسواق الناشئة

واتفقت معه ميرفت سلطان، رئيس مجلس إدارة البنك المصرى لتنمية الصادرات، على أن أرباح البنوك خلال 2021 ستشهد استقراراً أو نمواً طفيفاً، وذلك على الرغم من الضغط على هوامش فائدة البنوك.. إلا أنها مازالت من القطاعات المربحة والمستقرة.

وأضافت أن القطاع المصرفى يحافظ على أدائه الناجح الذى ظهر فى استقرار القروض المتعثرة من إجمالى القروض منذ ظهور جائحة كورونا خلال 2020.

وأشارت إلى أن أداء القطاع المصرفى المصرى من أفضل القطاعات المصرفية فى الدول الناشئة، مشيدة بمدى حكمته ومرونته فى التعامل مع تداعيات جائحة كورونا من خلال المبادرات الاستباقية التى أطلقها البنك المركزى لدعم القطاعات الاقتصادية بفوائد منخفضة، فضلاً عن الإجراءات التحوطية والاحترازية التى اتبعتها البنوك للحد من تفاقم الأزمة.


مواضيع متعلقة