أسرت القلوب والعقول في «ألف ليلة وليلة» في حضرة «ماما زوزو».. احكي يا شهرزاد

كتب:  جهاد مرسى

أسرت القلوب والعقول في «ألف ليلة وليلة» في حضرة «ماما زوزو».. احكي يا شهرزاد

أسرت القلوب والعقول في «ألف ليلة وليلة» في حضرة «ماما زوزو».. احكي يا شهرزاد

صوت رخيم ينطلق من حنجرة فريدة، يعلو فتصغى الآذان، ويخفت فتخفق القلوب شغفاً، وما إن يردد «بلغنى أيها الملك السعيد ذو الرأى الرشيد» حتى يبحر المستمعون فى رحلات ويحلقوا فى الآفاق وينسجوا بخيالهم قصصاً وحكايات أسطورية، صراعات بين الخير والشر، تأسر القلوب، وتزيد متعة الشهر الكريم.

عزيزة إمام حسين، أو زوزو نبيل أو ماما زوزو، أشهر «شهرزاد» والأقرب لقلب مستمعى ومشاهدى البرنامج الرمضانى «ألف ليلة وليلة»، نجحت على مدار ٢٦ عاماً فى تقديم المسلسل الأسطورى فى الإذاعة، بداية من منتصف الخمسينات، ثم قدمته على شاشة التليفزيون فى الثمانينات من القرن الماضى، ورغم خوض ممثلات كثيرات للتجربة، ظلت «ماما زوزو» الأصل والأساس.

خلف شخصية «شهرزاد» كواليس وحكايات ترويها الحفيدة الكبرى لزوزو نبيل السيدة هالة منصور صالح: «بدأت تقديمها فى الإذاعة عام 1955، وقتها كانت والدتى حاملاً فىّ لذا ظلت تقول لى انت طول عمرك وش السعد عليا».

تتذكر «هالة» جلسة «ماما زوزو» فى البيت بمنطقة المهندسين، ومن حولها أوراق وكراسات، كانت تدون بها تفاصيل دورها وتذاكر الشخصية جيداً، ولا تزال تحتفظ ببعض تلك الأوراق. نجاح المسلسل يرجع أولاً لأداء «ماما زوزو» وزملائها من الفنانين العظماء، بحسب «هالة»، فلا يمكن أن ننسى صوت القدير عبدالرحيم الزرقانى، والكاتب العبقرى طاهر أبوفاشا، والمخرج المبدع محمد محمود شعبان.

أداء «ماما زوزو» لدورها فى «ألف ليلة وليلة» لم يتغير فى التليفزيون عنه فى الإذاعة، فى رأى «هالة»: «نفس الشخصية والصوت والإتقان وحب واحترام العمل»، لكنها ترى فى كل وسيلة عرض مقومات ساهمت فى نجاح العمل.

«المؤثرات الصوتية فى الإذاعة كانت تجعل المستمع هو المؤلف للخيال، يتخيل شخصية شهرزاد وقوتها وتأثيرها على شهريار، أما فى التليفزيون فساعدت الصورة المبهرة على جذب المشاهد، خاصة أن ماما زوزو كانت تختار الملابس والإكسسوارات المناسبة بنفسها، وتقوم بتفصيل بعضها بناء على تصور فى ذهنها، ولا تعتمد على ملابس التليفزيون».

تواصل «هالة» حديثها: «المقومات الشخصية لماما زوزو جعلتها أفضل مَن قدَّم ألف ليلة وليلة، فهى تعيش الدور بكل وجدانها».

تتذكر «هالة» حديثاً دار بينها وبين جدتها عن سبب ظهورها على الشاشة أحياناً دون «ماكياج»، وكان ردها: «علشان أدخل قلب المشاهد لا بد أن أحترم الشخصية وأحترم عقل وذهن المتفرج، وإلا لن أكون مقنعة».

رغم تقديم «ماما زوزو» لأدوار الشر، فإنها على المستوى الشخصى أبعد ما تكون عن ذلك بشهادة حفيدتها: «كانت تتمتع بالطيبة والتواضع، أتذكر حين كانت تشاور لسائقى التاكسى كانوا يقفون لها ويرفضون تقاضى أجرة، كما أنها فازت بكلمة ماما من كل من يتعامل معها، فالجميع يراها أمه ويناديها بذلك».

«هالة حبيبتى.. كل سنة وانتم طيبين.. هذه صورة من مسلسل ألف ليلة وليلة، والشخصية بتقول عجوزة محنية قاعدة بتوشوش الميه، وهى تمثل القدر فى حياة الإنسان.. مايو 1986»، كلمات على ظهر صورة أرسلتها «ماما زوزو» لحفيدتها، تنمّ عن فرحتها بدورها فى المسلسل، وتتذكر «هالة» أن مشاركتها للفنانة شريهان عام 1987 فى حكاية «مشكاح وريما» أسعدتها كثيراً، وكان هذا الدور قريباً لقلبها من بين مواسم المسلسل المختلفة.

«ماما زوزو» كانت لا تفضل الراحة والخمول، بحسب «هالة»، فكانت نشيطة، وإذا لم تكن تذاكر الشخصية كانت تقوم بترتيب المنزل لأنها شديدة التنظيم أو تقوم بغسل الفاكهة، لكنها لم تكن تجيد الطبخ. وبين الحين والآخر، كانت «ماما زوزو» تحاول متابعة أعمال زملائها، وفقاً لحفيدتها: «كان عندها تليفزيون صغير فى حجرتها تديره إذا كان لديها بعض الوقت، وكانت دائماً تقف بجوار الوجوه الجديدة، خاصة فى المسرح، لكنها كانت تنزعج من تأخير البعض عن التصوير». لا يُعقل ألا تقص «شهرزاد» حواديت لحفيدتها، وهو ما أكدته «هالة»: «كانت تجلس معى وتقص علىّ حواديت، ولكنها واقعية من وحى شغلها، دون أساطير».

لا تعتقد «هالة» أن بالإمكان إحياء «ألف ليلة وليلة» فى الوقت الحالى: «شهرزاد كانت وستظل هى زوزو نبيل مع احترامى لكل من لعب هذا الدور».


مواضيع متعلقة