سامي عبدالراضي يكتب: مفاجآت وكوارث في قطاري سوهاج .. «كلهم كدابين»

سامي عبدالراضي يكتب: مفاجآت وكوارث في قطاري سوهاج .. «كلهم كدابين»
- سامي عبد الراضي
- قطاري سوهاج
- وزارة النقل
- النيابة العامة
- عربات القطار
- سائق القطار
- سامي عبد الراضي
- قطاري سوهاج
- وزارة النقل
- النيابة العامة
- عربات القطار
- سائق القطار
تابعت البيان الذي أصدرته النيابة العامة صباح اليوم، في واقعة قطاري سوهاج.. الواقعة التي راح ضحيتها 20 شخصاً وأصيب 199.. التحقيقات النزيهة والعادلة والمكتملة التي قدمتها النيابة، أشارت إلى أن الحادث بكل أسف وقع نتيجة إهمال ونتيجة خلل في تركيبة العناصر البشرية المشاركة في المنظومة.. من سائقين لمساعدين لعمال أبراج لمديري مناطق مركزية.. وأثبتت التحقيقات دون أن تصرح علانية بأن بيان وزارة النقل عن أسباب التصادم والذي أصدرته بعد ساعة من وقع الحادث غير دقيق وغير حقيقي.. بيان اتهمت فيه «مجهولين» بشد فرامل اليد.
النيابة وبإشراف السيد المستشار حمادة الصاوي النائب العام، الذي انتقل لمكان الحادث، تتبعت الخيوط باحترافية كاملة، ووصلت إلى أدلة وبراهين وأقوال وكاميرات، أوضحت جميعها ما نعيش فيه من استهتار وعبث وعدم مسوؤلية.. هنا سائق «مستهتر».. سمح لمساعده بأن يقود.. هنا مساعد سائق يتعاطى حشيش وترامادول.. هنا عامل برج «مزاجه في الحشيش».. هنا سائقون ومساعدون عطلوا جهاز التحكم.. هنا رئيس إدارة يراقب الحركة.. ترك مكانه.. وهنا وزارة تقول إنها تدرب.. وتدريبها «ورقي».
- سائق «القطار المميز» ومساعده ادعيا في التحقيقات ظهور إشارات ضوئية بشاشة التحكم بكابينة القيادة، تفيد انخفاض معدل ضغط الهواء بالأنابيب الواصلة بين عربات القطار مما أوقفه آليًا، وأحالا أسباب هذا الانخفاض إما إلى سحب أحد مقابض الخطر بأي من العربات، أو غلق أحد صمامات تحويل الهواء المضغوط بالمكابح -الجزرات-، وأنه مع بدء ارتفاع معدل ضغط الهواء تحرك القطار متجاوزًا «مزلقان السنوسي»، ثم توقف آليًا مرة أخرى بموقع التصادم، فتبين مساعد السائق غلق أحد الصمامات بين العربتين الثالثة والرابعة وصورها بهاتفه، بينما شهد من سُئل من المصابين والركاب والعاملين بالقطار من الكمسارية وأفراد الأمن؛ بعدم رؤياهم سحب أي من مقابض الخطر أو سماعهم الصوت المميز الصادر عن سحبها، وأضاف كمساري تأكده من عدم سحب المقابض بأربع عربات. وقد قدمت «النيابة العامة» تلك الأقوال والصور إلى اللجنة الهندسية المشكلة لبحث حقيقة الأمر فنيًا، بينما أكد سائق القطار المميز في التحقيقات إيقافه جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) أثناء الرحلة، بدعوى تعطيله حركة القطار وتأخير مواعيد وصوله إلى المحطات.
- مساعد سائق القطار الإسباني قال في التحقيقات إنه تولى القيادة إبان وقوع الحادث، مدعيًا سيره على سرعة تسعين إلى خمسة وتسعين كيلومترًا في الساعة، وتأكده من إضاءة جميع الإشارات الضوئية «السيمافورات» باللون الأخضر على طول شريط السكة الحديدية قبل موقع التصادم، مما يسمح له بالمرور، ولكنه على مسافة خمسمائة إلى ستمائة مترٍ من موقع التصادم رأى توقف «القطار المميز» فاستخدم المكابح اليدوية لإيقاف الجرار والعربات، ولكنها لم توقفها فوقع التصادم.
- سائق القطار كذب تلك الرواية، مؤكدًا توليه هو القيادة وقت الحادث، وسيره على سرعة تسعين كيلومترًا في الساعة، ومشاهدته توقف «القطار المميز» على مسافة مائة متر، حيث استخدم ذات المكابح المشار إليها دون تمكنها من إيقاف القطار.
- أقر السائق ومساعده بإيقاف جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) بالقطار، وأحال السائق سبب ذلك إلى تأخيره الحركة مدعيًا إصدار الهيئة القومية للسكك الحديدية تعليمات شفاهية بعدم تشغيل هذا الجهاز، وسماعه بها بـ«معهد تدريب السائقين بوردان".
- التحقيقات أكدت أن «رئيس قسم المراقبة المركزية بأسيوط» ترك مقر عمله وقت وقوع الحادث، بالرغم من مسؤولية هذا القسم عن مراقبة حركة القطارات بموقع التصادم.
- التحقيقات مع اثنين من المراقبين بالقسم كشفت عن إخلالهما بمهام عملهما؛ حيث تأخر أحدهما عن تنبيه سائق «القطار الإسباني» بتوقف «القطار المميز»، وأخطأ في رقم هذا القطار حال بدئه في تنبيه سائقه، بينما لم يوال الآخر محاولات الاتصال بسائق «القطار الإسباني» لتنبيهه، بعد إخفاق محاولتين فقط ادعاهما للاتصال به، وقد أكدت سجلات الاتصالات التي أجراها المذكور المستخرجة من شركة الاتصالات عدم إجرائه المحادثتين اللتين ادعاهما (يعني قال إنه اتصل وهاتفه والفحص أكدا عدم الاتصال).
- «النيابة العامة» استمعت إلى محادثات لاسلكية سجلتها أجهزة الاتصالات بمقر القسم، فتبينت منها تأخر محاولات التنبيه واستمرارها بالرغم من وقوع الحادث. كما انتقلت «النيابة العامة» إلى برجي مراقبة محطتي «المراغة» و«طهطا» - وشاهدت بشاشات المراقبة إضاءات «السيمافورات» بشريط السكة الحديدية بين المحطتين قبل وقوع الحادث، فتبينت إضاءة سيمافورين يقعان قبل موقع التصادم بنحو كيلومترٍ وثلاثمائة وعشرة أمتار، أحدهما مضيء بلون أصفر يعني وجوب تهدئة السرعة، والآخر بالقرب من محل التصادم مضيء بلون أحمر يعني لزوم التوقف، وذلك على خلاف ما زعمه مساعد سائق «القطار الإسباني».. (وهذا يعني أن الإشارات صادقة وعملت الواجب.. ولكن كان الإهمال حاضراً).
- «النيابة العامة» عاينت النقطة التي تُرى منها إضاءة «السيمافور الأحمر» والقطار المتوقف بشريط السكة الحديدية؛ وحددت -بالاستعانة بخبراء هيئة المساحة المصرية- وقوعها على مسافة خمسمائة وخمسة وثلاثين مترًا من موقع التصادم، وأجرت من تلك النقطة 13 محاكاة لاستخدام كافة أنواع المكابح اليدوية بجرار مماثل للمستخدم بـ«القطار الإسباني» حال سيره على سرعة تسعين كيلومترًا في الساعة، فأسفرت النتائج عن توقف الجرار في كل مرة قبل نقطة التصادم.. (وهذا يعني أن السائق أو مساعده محدش منهم حاول يقف ولم ينظر أصلا إلى الإشارة الحمراء).
- إضافة لمًا سبق.. منطقة الحادث ليست من مناطق فك الارتباط التي يمكن فيها إيقاف جهاز المكابح والتحكم الآلي (ATC) بمحافظة سوهاج، وتعمل تلك المنطقة بنظام التقاطر الكهربائي الذي يستلزم تشغيل هذا الجهاز -على خلاف ما زعمه سائقا القطارين ومساعداهما- (إذا لم يقولوا الحقيقة وكذبوا في التحقيقات).
- «النيابة العامة» أجرت مشاهدة لتسجيلات آلات المراقبة بمحطة «سوهاج» الكائنة قبل محل الحادث يوم وقوعه، وكشفت عن جلوس مساعد سائق «القطار الإسباني» بمقعد القيادة، واستلامه بدلًا عن السائق النموذج «سبعة وستين (67) حركة» الصادر من المحطة، والثابت فيه السرعة المقررة بمنطقة الحادث والتي كانت لا تجاوز تسعين كيلومترًا في الساعة، فتحفظت «النيابة العامة» على النموذج وتبينت فيه الإمضاء باسم السائق بما يفيد الاستلام، فاستكتبت السائق ومساعده على هذا الإمضاء وأثبت تقرير «قسم أبحاث التزييف والتزوير» بـ«مصلحة الطب الشرعي» كتابة المساعد الإمضاء بدلًا من السائق.
- النيابة واجهت الاثنين بتلك النتيجة فأقرا بواقعة التزوير، وتمسك كل منهما بقيادته القطار وقت الحادث.
- تقرير «مصلحة الطب الشرعي» وسؤال محرره في التحقيقات قد أسفرا عن عدم تناسب الإصابات المشاهدة والموصوفة بسائق القطار الإسباني ومساعده، مع ما ادعياه في التحقيقات من بقائهما بالكابينة الأمامية للجرار إبان التصادم، وأنه من الجائز تصور مغادرتهما الكابينة قبل وقوعه، وعلى هذا شكلت «النيابة العامة» لجنة ثلاثية من أطباء «مصلحة الطب الشرعي» للتأكد من صحة تلك النتيجة، فانتهت اللجنة -بعد معاينة موقع الحادث في حضور السائق ومساعده وبإشراف «النيابة العامة»- إلى صحة ما انتهى إليه التقرير السابق، مُضيفة تصورين آخرين لما حدث هما إما تواجد السائق ومساعده بالممر الفاصل بين الكابينتين الأمامية والرئيسية وقت التصادم، أو تواجدهما بالكابينة الرئيسية -اللاحقة على الأمامية- في ذلك التوقيت، قاطعة بعدم جواز بقائهما بالكابينة الأمامية حسبما زعما (كذبهما مستمر.. وتركا القطار قبل التصادم).
- بعيداً عما سبق.. نذهب إلى المخدرات.. أسفرت نتائج تحليل تعاطي المواد المخدرة الصادرة من وزارة الصحة عن تعاطي كل من مراقب برج محطة المراوغة جوهر الحشيش المخدر، وتعاطي مساعد سائق القطار المميز ذات الجوهر وعقار «الترامادول».
كانت تلك نتائج تحقيقات «النيابة العامة» في الحادث.. مات من مات.. وسكنت عاهات مستديمة أجساد البعض.. حزنت وتحسرت أمهات.. وترملت سيدات.. وانكسر ظهر آباء.. لأن الكثير منا يعمل بلا ضمير.. بلا قلب.. بلا عقل.. البعض منا يعمل بإهمال و«تكبير دماغ».. لا يشغل باله غير «الحشيش والترامادول» ومرتب أول الشهر. ما أشارت إليه النيابة يؤكد انعدام الرقابة.. وكل يعمل في مكانه دون عين تراقب أو تمنع الخطأ والكارثة.. عين لا تتحرك إلا بعد الكارثة.. وحتماً تحرك لا فائدة منه.