غلب الشباب.. عم عبده بائع تين مسن حصل على الإعدادية ويحلم بالجامعة

كتب: كريم عثمان

غلب الشباب.. عم عبده بائع تين مسن حصل على الإعدادية ويحلم بالجامعة

غلب الشباب.. عم عبده بائع تين مسن حصل على الإعدادية ويحلم بالجامعة

عربة بسيطة، تتناثر فوقها ثمار التين الشوكي، يلتف حولها الصغار والكبار، على أمل نيل الأفضل بينها، وفور أن يجدوها يشيرون إليه دون أن يمدوا إيديهم لالتقاطه، خوفًا من الأشواك، في أمر مباشر للبائع المسن الذي يرتدي قفازا بالكاد يحميه من نكزات التين، لأن يقطع تلك الثمرة ويجعلها جاهزة للأكل ثم يتقاضى ثمنها، وفور الانتهاء من عملية البيع، يخرج من أسفل العربة كتابا يحاول مسكه دون أن تبتل أوراقه، ليذاكر فيه قبل امتحانه بأيام قليلة، استكمالا لتعليمه الذي انقطع عنه من زمن، حتى نجح بتقدير جيد.

عبدالفتاح يوسف عبدالراضي، أو «عم عبده» كما يعرفه سكان منطقة فيصل بمحافظة الجيزة، حيث يبتاع بضاعته هناك، رجل هادىء ذو وجه راضي مبتسم، يدفع عربته البسيطة بيديه الشقيانتين لمكان عمله في الشارع يبتاع التين الشوكي، ليكسب منه رزقه المتواضع، ليكفي قوت يومه وأبناءه، وأيضًا يكمل رحلته التعليمية التي قرر بدأها رغم تقدم العمر.    

May be an image of 1 person

عام 1984، ترك «عم عبده» التعليم بسبب ظروف أهله الصعبة، وطرق باب العمل، عمل في أشياء مختلفة وتزوج وأنجب أبناء عكف على تربيتهم وتعليمهم، ولكن بقيت بداخله غصة من عدم استكمال تعليمه، قبل أن يقابل أحدهم ويسأله عن شهادته، لينصحه بتحضير أوراقه وخوض امتحانات المنازل، لاستكمال مهمة تعليمه.

على مدار 3 ساعات يوميا، ظل ابن مدينة جرجا بمحافظة سوهاج، يذاكر يوميا، بشكل متواصل تارة وأخرى متقطع، وامتحن جميع المواد «الإنجليزي كان صعب عشان مش عارف أقراه، لكن بالإصرار برضه عديت، الواحد بيتحرج لما حد يسأله عن حاجة وهو مش عارف يقرا، كل اللي كنت أعرفه عن التعليم هو الحساب بس عشان البيع والشراء».

يروي الرجل الخمسيني لـ«الوطن»، مدى سعادته باستكمال تعليمه بعد فترة طويلة من الانقطاع، «في الأول كنت مكسوف، ماهو مش بعد ماش شاب ودوه الكتاب يعني، بس بعد كدة لقيت نفسي اتحسنت وبقيت عارف أقرأن وغلبت الشباب الصغيرين فيىمجو الأمية، والصراحة سهلوا عليا إن كل حاجة كانت من البيت، لحد ما خلصت إعدادي».

May be an image of 1 person

الجيران من حول «عم عبده» حفزوه على ما قام به بعد علمهم بأمره، ومن بينهم الشاب مؤمن السحيمي ابن منطقة فيصل، الذي أثنى على إصراره وعزيمته، «الحاج عبده ده قديم أوي في منطقتنا وكل الناس عارفاه، بيبيع ذرة وتين وكل حاجة على العربية مبيغلبش ولا بيقول لأكل العيش لأ، ليا معاه ذكريات كتير، واتبسطت اوي لما كمل تعليمه وقولتله انا بتشرف إني أعرفك، هو راجل بركة ويستاهل كل خير»، على حد قوله لـ «الوطن».

يأمل «عم عبده» في استكمال مشواره التعليمي، وتقديم طلب لخوض دراسة دبلوم التجارة من المنزل، «أنا هكمل على طول الخط مش هرجع خطوة خلاص لحد ما أجيب آخر المشوار ده، هشتري كل اللي يلزمني ويساعدني على التعليم على قد مقدرتي وهتعلم أنا وعيالي».


مواضيع متعلقة