باشمهندس تين شوكي.. مشوار عبود من أسيوط للمنوفية: أبو حلاوة يستاهل

كتب: كريم عثمان

باشمهندس تين شوكي.. مشوار عبود من أسيوط للمنوفية: أبو حلاوة يستاهل

باشمهندس تين شوكي.. مشوار عبود من أسيوط للمنوفية: أبو حلاوة يستاهل

عربة بسيطة، تحمل ثمار التين الشوكي، يلتف حولها الصغار والكبار، على أمل نيل  الأفضل بينها، وفور أن يجدوها يشيرون إليه دون أن يمدوا إيديهم لالتقاطه، خوفًا من الأشواك، في أمر مباشر لذلك الشاب البائع الذي يرتدي قفازا بالكاد يحميه من نكزات التين، لأن يقطع تلك الثمرة ويجعلها جاهزة للأكل ثم يتقاضى ثمنها، قبل أن يثني عليه الزبون قائلًا: "شكرًا يا باشمهندس".

محمود ممدوح عبد الحكيم عبود، شاب من أقصى الصعيد، الاجتهاد لديه عادة، قاده مجموعه الكبير في الثانوية العامة لأن يصل لحلمه، ببلوغ كلية الهندسة، قبل أن يواجه أزمة مادية، من أين يأتي بالمال لمصاريف جامعته، وشراء مستلزماتها من كتب وغيرها؟، وسط عزة نفسه التي تجبره أن يأبى مساعدة والديه بعد أن وصل لهذا العمر.

طالب الصف الثاني بكلية هندسة مدني جامعة أسيوط، لم يجد عملًا مناسبًا يسد احتياجات دراسته، سوى أن يعمل بائعًا للتين الشوكي، مهنة بعيدة تماما عن ما تعلمه، ولكنها على حد قوله لـ"الوطن": "ولا عيب ولا حرام شغلانة تستاهل وبتجيب فلوس كويسة".

ابن الـ22 عاما، اتفق مع أحد أصدقاءه على أن يستأجر منه عربة للتين الشوكي، مقابل 5 جنيهات يوميًا، على أن يبتاع "عبود" تلك الفاكهة، في مركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية، والذي يبعد عن مسكنه في قرية الأنصار بمركز القوصية داخل محافظة أسيوط، بمسافة تمتد لأكثر من 6 ساعات. 

   

"أبو حلاوة يا تين".. كلمات ينادى بها طالب الهندسة على المارة لشراء التين الشوكي منه دون خجل، تلك الفاكهة التي رغم أشواكها التي تلف ثمرتها الأشبه بالكمثرى، إلا أنها حلوة المذاق كالتفاح، وعلى وجهه ابتسامة شبه دائمة، عقب مجيئه للمنوفية من أجل كسب لقمة العيش من بيع التين، لتوفير مصاريف دراسته وتخفيف الحمل عن كاهل أسرته.

لم يكتفِ ابن القوصية بالبيع وجني الأموال فقط، بل يصطحب معه خلال عمله كبائع، عددا من الكتب، يهدف بعضها للثقافة العامة والآخر لتعلم المزيد في مجال الهندسة، "معظم الوقت بكون قاعد لحد ما زبون يجيلي، فبستغل الوقت إني أخلص كتاب واتنين".

يعمل "عبود" منذ الساعة التاسعة صباحًا وحتى الثانية بعد منتصف الليل، حتى يتمكن من توفير ثمن صندوق التين الذي يشتريه وإيجار السيارة، "رزقي يوم بيوم، بشتري القفص وببيعه، والمتوسط بكسب من 100 لـ160 جنيها".

موسم بيع التين الشوكي يكون في فترة فصل الصيف، وبالأخص في شهر يوليو، لذا يسافر "البشمهندس" كما يحب أن يطلق عليه، في رحلة إلى المنوفية يوميًا، قبل أن يقرر اتخاذ منزل هناك يمكث فيه حتى نهاية الموسم، "في الشتاء بقى لو جالي شغل فلاحة بشتغل، وأوقات بشتغل صنايعي سيراميك".

لا يشعر الفتى الصعيدي بالحرج من عمله على الرغم من أنه يدرس في إحدى كليات القمة، "مش بتحرج من شغلي، أنا بساعد نفسي وأكيد أحسن ما أمد إيدي لحد"، فيما تظل أحلام الشاب الشاب العشريني صوب عينيه وسط أشواك التين، "بحلم أتخرج واستقر في بلدي وافتح مكتب فني في تخصصي، أعمل من خلاله مشاريع كبيرة". 


مواضيع متعلقة