أرملة الشهيد رامي حسنين: قائد عظيم.. ولكنه كان زوج مثالي و«بيدلعني»

كتب: نرمين عفيفي

أرملة الشهيد رامي حسنين: قائد عظيم.. ولكنه كان زوج مثالي و«بيدلعني»

أرملة الشهيد رامي حسنين: قائد عظيم.. ولكنه كان زوج مثالي و«بيدلعني»

تجد الونس بين جدرانه، تحتضنك كأنها أم رؤوم تهدهد وليدها؛ تداعب شعرك بحنان وتشم بين جنباتها نسمات الياسمين، صوره المعلقه على الجدران كخيوط النور المنثورة على رمال الشواطئ، بمجرد الدخول إلى منزله تجد صورا هنا وهناك، صغيرة وكبيرة، دروع وتكريمات وشهادات حصل عليها حيا قائدا، وشهيدا بطلا، تجد روحه مخلدة بكل ركن بالمنزل بين صور ومقتنيات ودروع وشهادات، تشعر وكأنه معك في كل تفصيله بمنزله، وفي ملامحه التي ورثها لابنتيه نورسين ذات التسع سنوات، ودارين ذات الخمس سنوات، وذكراه العالقة في أذهان نورسين ابنته الكبرى، والتي لم تستطع الحديث معنا عن والدها البطل، وإن حاولت إقناعها تنهمر دموعها بمجرد الحديث عنه، فهي تفتقد والدها الذي حرمها منه الإرهاب الغادر قبل أن تعيش قصصا وذكريات كثيرة معه، فقد تركها والدها وهي في سن الخمس سنوات، أما دارين فتعرف ملامح والدها من صوره، فحرمتها خسة المجرمين من والدها وهي ابنة خمسة أشهر.

وبعيون مليئة بالفخر والعزة والشرف ممزوجة بدموع الحزن والقهر، جلست الدكتورة رشا فريد أرملة الشهيد البطل العقيد أركان حرب رامي حسنين قائد الكتيبة 103 صاعقة، لتحدثنا عن ذكريات زوجها وحبيبها ووالد طفلتيها، والقائد معلم الأبطال بشمال سيناء، الذي وصفه وزير الدفاع السابق الفريق أول صدقي صبحي في أحد الندوات بـ«العظيم رامي حسنين»، ويظهر حبها الكبير وتعلقها بزوجها البطل من احتفاظها بكل صغيرة وكبيرة تخص زوجها من ديكور منزلها الذي لا يخلو من مقتنيات البطل وهداياه لها، من عيونها التي تلمع حبا واشتياقا بمجرد الحديث عنه.

«عمره في حياته ما كان بينام غير لما يسمعني»

على الرغم من مسؤلياته الكبيرة وقيادته لكتيبة الصاعقة بشمال سيناء في وقت صعب وفي ذروة مجابهة قواتنا المسلحة للإرهاب إلا أن زوجها كان لا يقصر أبدا معها ولا يهملها ولا يمر يوم إلا ويعلم عن تفاصيل اليوم مع أسرته، «رغم إنه كان مشغول إلا إنه عمره في حياته ما كان بينام غير لما يسمعني ويتصل عليا بالليل مهما كان الوقت متأخر، وأدق التفاصيل اللي ممكن تبقى كانت بالنسباله تافهة إلا إنه كان بيسمعها باهتمام»، حسبما أكدت أرملة الشهيد رامي حسنين لـ«الوطن». 

«كان مطمني أوي»

وعلى الرغم المخاطر الجسيمة التي كانت تواجهها قواتنا المسلحة وأبطالنا المقاتلين بالصفوف الأولى المواجهة للإرهاب الغاشم الذي تعرضت له مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، إلا أن الشهيد البطل كان لا يخبر أهل بيته وعائلته بما يواجهونه ولا يشعرهم بحجم المخاطر التي يواجهونها، «رمضان اللي كان قبل السنة اللي استشهد فيها رامي كان في قائد كتيبة استشهد هناك وكان معاه، وسمعت عن الاستشهاد، فبقوله الدنيا شكلها قلق، قالي ولا قلق ولا حاجة عادي.. دي حوادث بتحصل في كل حتة، هو كان مطمني أوي لدرجة إني فاكرة إنه في مكان تاني غير اللي فيه الكلام ده من كتر ما أنا مصدقاه وإنه عادي معايا وبيخرج ويتفسح ويلعب مع ولاده وعايشين حياتنا طبيعي جدا».

«كان معايا زوج مثالي بيخرجني ويدلعني»

كان لا يتحدث عن عمله وعن تفاصيل عمله نهائيا، بل وتفاجأت بقيمة ومكانة زوجها كقائد بقوات الصاعقة بشمال سيناء، وقائد كتيبة بثقل الـ103 صاعقة، «رامي كان دايما يفصل بين البيت والشغل.. ده أنا حتى بعد استشهاده واللي سمعته كنت بستغرب هو إزاي كان قادر يفصل أوي كدا ما بين الشغل والبيت، يعني شخصية الشغل عرفت إنه أد إيه كان قوي، وفي المقابل في البيت كان طيب وحنين وعطوف وكان معايا زوج مثالي بيخرجني ويدلعني أنا وبنته وكان بيتعامل مع بنته كأنه قدها»، مستعيدة حوار مازح دار بينها وبين زوجها قبل استشهاده حيث كان يقول لها «يارشا أنتِ مش مقدرة والله ده أنا أسطورة في الصاعقة». 

«كان إنسان بجد مع الناس»

«بعد استشهاده كل زمايله واللي اتعاملوا معاه بمجرد معاملات عادية قالولي قد إيه كان إنسان وقد إيه كان إنسان بجد مع الناس، ودي حاجة فرقت معايا قوي.. آه رامي كان بطل وفي شغله شاطر بس في ناس كتير شاطرة في شغلها، ولكن مش كل الناس عندهم الصفة دي».

«الخبر انتشر على الإنترنت باستشهاده ومكنتش عارفه» 

وعن كواليس اليوم الذي فقدت به شريك حياتها وتلقيها نبأ استشهاد زوجها البطل، روت لنا الدكتورة رشا تفاصيل ذلك اليوم، قائلة «الخبر انتشر على النت باستشهاد قائد الكتيبة 103 صاعقة ومكنتش عارفة وماشوفتش الأخبار دي واتصلت بيا أختي بتسألني هو رامي كلمك النهاردة، فقولتلها لأ بس عادي مش طول اليوم رامي بيكلمني في أيام مبيعرفش يتكلم فبيتصل بالليل يطمن، وهو كان قايل قبل ما يسافر إنه هيبقى عنده شغل كتير فممكن ميعرفش يكلمني كتير، وسألتها أنت بتسألي ليه عن رامي، فردت قالتلي مش عارفة أصل بيقولوا في تفجيرات في العريش، فقولتلها عادي ما الفترة دي كلها مشاكل وتفجيرات في العريش».

«رنيت عليه ييجي 1000 مرة»

وبرجفة ودموع منهمرة استكملت أرملة الشهيد حديثها، قائلة: «أول ما فتحت فيس بوك لقيت خبر استشهاد رامي، جبت الموبايل وقعدت أرن عليه بجنوب على رقمه وتليفونه، وبعد شوية أختي قالتلي بيقولوا ده مصاب وعنده إصابة، وفضلت على أمل إنه مصاب أو دخل عمليات وكدا ورنيت عليه ييجي 1000 مرة، ولقيت الناس بدأت تتجمع في الشارع عندنا فنزلت لوالد رامي وقولتله هو رامي جاي؟.. قالي آه رامي جي.. قولتله جاي حي ولا ميت، قالي المهم إنه جاي، ولقيت أخت رامي بتقولي البقاء لله».

«كل حاجة جتلي احتفظت بيها» 

وأكدت أرملة الشهيد على أنها لم تتخل عن أبسط متقنياته التي عادت إليها بعد الاستشهاد، حتى هاتفه المحمول الذي تفتت مع الانفجار لم تفرط به «كل حاجة جتلي احتفظت بيها الموبايل اتكسر آه بس احتفظت بيه، فنجان قهوته اللي كان بيشرب فيه وكان محتفظ بيه في عربيته عندي وساعته وسبحته، وأفروله وهدومه كله في مكانه أنا مشلتش حاجة.. دولابه زي ماهو زي ماسابه فمش حابة حاجته تتشال أبدا هو حي حوالينا، وتكريماته وشهاداته وميدالياته محتفظة بيهم كلهم، الميدالية بتاعته اللي أخدها في الرماية لما كان في منتخب مصر للرماية.. كل حاجة موجودة عندي».

رسالة من أرملة الشهيد لزوجها البطل

ووجهت الدكتورة رشا فريد رسالة لزوجها البطل، قائلة «في حضن نورسين ودارين بحس إنك معايا وموجود حواليا وإن شاء الله يكبروا ويكونوا كويسين وأحس وقتها إني عملت اللي عليا ويوصلو لبر الأمان ويكونوا إن شاء الله خير خلف لخير سلف». 


مواضيع متعلقة