ناتالي خزعل: الإعلام الموالي لترامب كان له تأثيرا سلبيا على الأمريكان

كتب: سماح حسن الجوهري

ناتالي خزعل: الإعلام الموالي لترامب كان له تأثيرا سلبيا على الأمريكان

ناتالي خزعل: الإعلام الموالي لترامب كان له تأثيرا سلبيا على الأمريكان

قالت الدكتورة ناتالي خزعل، الأستاذ المساعد في مدرسة اللغات الحديثة بجامعة لوس أنجلوس، بالولايات المتحدة الأمريكية، والمتخصصة في الصحافة والشؤون الدولية لعام 2019، إن الإعلام في أمريكا، وجود الرئيس الحالي جو بايدن، لن يتغير كثيرا، مضيفة أن الإعلام الذي كان تابعا لترامب، سيكون في عهد بايدن، إعلاما معارضا.

وأكدت «خزعل» في حوار خاص لـ «الوطن»، أن بعض القنوات كانت تحمي ترامب من الانتقاد، وتشجعه وتبرر له تصرفاته.

وإلى نص الحوار:

* هل ترين أن الإعلام الأمريكي كان له تأثيرا سلبيا على الرئيس السابق ترامب؟

- الإعلام في الولايات المتحدة متنوع من عدة نواح، بما في ذلك ميوله السياسية، لكن يمكننا أن نميز بين فئتين من وسائل الإعلام--الأولى موالية لترامب والثانية معارضة له، على سبيل المثال قناة «فوكس نيوز»، كانت من أكثر وسائل الإعلام تأييداً لترامب حيث إن برنامج «فوكس أند فرييندز» كان يحمي ترامب من الانتقاد ويكبر صوته ويشجعه ويحرضه ويبرر له كل تصرف، وتتمثل الفئة الثانية قنوات «إم إس إن بي سي» و«سي إن إن» و«الديمقراطية اليوم»، وبعض الجرائد والإذاعات التي انتقدت سياسات ترامب المدمرة وتصريحاته المسببة للخلاف والانشقاق وكلامه المتهور كنصيحته للشعب الأمريكي بأن يحقنوا مطهرات في أجسامهم لمحاربة فيروس كورونا، كما كان ترامب يتصل على الهواء بـ «فوكس أند فرييندز»، يومياً للحصول على تشجيعهم وليشكو من تأثير منتقديه على نفسيته. فيمكن القول بأن الإعلام الموالي له أثر إيجابياً على ترامب وسلبياً على البلاد.

الإعلام كان له تأثيرا إيجابيا على ترامب وسلبيا على الشعب الأمريكي

* ما مصير الإعلام الموالي للرئيس السابق ترامب؟

- في عهد الرئيس بايدن، الإعلام الموالي لترامب سيكون بمثابة إعلام معارض للحكومة الجديدة، النظام الديموقراطي الأمريكي لا يسمح لأي حكومة جديدة أن تجرم أو تعاقب الإعلام المعارض لذلك، لن نرى أي شيء من هذا القبيل، لكن التأثير يأتي من الجمهور، فعلى سبيل المثال قناة «فوكس نيوز» التي صنعت ظاهرة «ترامب»، قضت العقدين الماضيين في نشر الأكاذيب ومحاربة الحقائق وتحريض المحافظين الأمريكيين ضد الأقليات والمهاجرين وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية وغيرها من القضايا الانسانية، فانحيازها وعدم توازنها جعلها القناة الأكثر مشاهدة ومع ذلك، في عهد ترامب فقدت مرتبتها الأولى لقنوات من أمثال «إم إس إن بي سي» و«سي إن إن»، التي صورت الواقع وانتقدت سياسات ترامب الكارثية، ما أدى لدفع «فوكس نيوز» إلى القيام بتغييرات داخلية مخيبة تكمن في صرف موظفيها الأقل تأييداً لترامب واختيارها لمذيعين مشهورين بادعاءات لا أساس لها من أمثال ماريا بارتيرومو، بالإضافة لذلك حولت «فوكس نيوز» فترات البرامج الإخبارية إلى فترات برامج رأي (وخاصة الرأي المحافظ جداً) ونقلت البرامج الإخبارية من الساعة السابعة مساءً إلى الساعة الثالثة بعد الظهر، حيث قلت نسبة المشاهدة وزادت من نسبة التعليقات الجدلية المحرضة للكراهية، باختصار نرى أن الإعلام الموالي لترامب ينتقل إلى إعلام حزبي أكثر.

* هل سوف نجد حلفاء في الإعلام للرئيس بايدن؟

- بالتأكيد، فهناك شريحة كبيرة جداً من المجتمع الأمريكي من الديموقراطيين كما أيضاً بعض الجمهوريين يرحبون ببايدن ويتنفسون الصعداء بعد السنوات الأربع الأخيرة، وطبعاً وسائل الإعلام بشكل عام سوف تعكس هذه الأجواء.

هناك تغييرات في سياسة الجرائد وسنرى تغطية لأزمة الاحتباس الحراري

* هل نلاحظ تغييرا في سياسة الجرائد والمجلات الأمريكية خلال فترة جو بايدن؟

- سنلاحظ تغييرات كثيرة مثل زيادة التركيز على أزمة الاحتباس الحراري التي كان ترامب يرفض وجودها ويعرقل أي إجراءات لمحاربتها بنفس الوقت، لن تضطر الجرائد والمجلات الأمريكية تغطية تغريدات ترامب المختلة لأنه خسر الرئاسة التي أعطته المنبر الأكثر نفوذاً في البلاد وحتى ربما في العالم. ستهدأ الأمور كثيراً، لكن سنستمر برؤية محاولات الجرائد المحافِظة لليمين المتطرف بتحريض الجمهور المحافظ ضد سياسات الإدارة الجديدة وسنرى محاولات ترامب للبقاء على صلة بالجمهور، خاصة عبر الجرائد الالكترونية لليمين المتطرف المسمى بشكل خاطئ بـ «اليمين البديل».

* هل الرئيس الحالي جو بايدن سوف يغير من القوانين والأحكام التي صدرت في عهد ترامب؟

- بدون شك سيغير سياسة البلاد إلى الأفضل بشكل عام، علما بأنه ليس من صلاحياته أن يغير القوانين، فهذا عمل الكونغرس، لكنه يستطيع أن يلغي بعض الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب المتعلقة بعرقلة تأمين الصحة وتشجيع الاستغلال المدمر للبيئة وحماية الحدود ضد اللاجئين، وقراراته بالانسحاب من منظمات عالمية ومعاهدات دولية مهمة.

بايدن سيغير القرارات التي تمت في عهد ترامب للأفضل

* هل سنجد تغييرا في سياسة بايدن تجاه الشرق الاوسط؟

- على الرغم من امتلاك الرئيس السلطة لتوجيه سياسة البلاد الخارجية، إلا أنه تقليدياً لم تمتد هذه السلطة إلى اتخاذ القرارات بمفرده أو من دون استشارة طاقم له خبرة، رغم تغيير ترامب لبعض السياسات الأمريكية التقليدية في الشرق الأوسط، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران (2015)، والتي كانت عن انحيازه الشديد ضد المسلمين والعرب والمهاجرين ومحسوبيته في تعيينه لفريق متحيز مثله، بالتالي الكل يتوقع أن تتراجع إدارة بايدن عن معظم هذه السياسات،  طبعاً الظروف تغيرت بعد 4 سنوات، فأمام بايدن أن يأخذ كل المستجدات بعين الاعتبار حيث إنه من المتوقع إرجاعه للبلاد إلى طاولة المفاوضات مع إيران في قضية الاتفاق النووي، وتقبله بنقل السفارة، وفي كل الاحول فإن تعيين بايدن لأعضاء مهمين من فريق أوباما السابق المسؤول عن تفاوض الاتفاق النووي مع إيران يرمز إلى أهمية إيران في سياسة إدارة بايدن الشرق أوسطية.

نتوقع قيام بادين بمفاوضات مع إيران في قضية الاتفاق النووي

* ما الوضع السياسي تجاه القدس وإسرائيل في عهد بايدن؟

- كانت سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط قبل ترامب تهدف إلى تلبية مصالح الدولة الأمريكية، لكن كانت أيضاً تحتفظ بالمعايير الدبلوماسية المعتادة عالمياً، لذلك بحث ترامب عن المصلحة الشخصية وتعيينه لأفراد أسرته غير الأكفاء لينفذوا السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وكانت هذه القرارات في صالح نتنياهو الذي رأى في الوضع فرصة للهروب من وجه العدالة على الجرائم التي ارتكبها، كما استطاعت إسرائيل أن تحصل على تنازلات أمريكية جسيمة كنقل السفارة وزيادة المستوطنات ومعاهدات التطبيع وغيرها فقط مقابل إرضاء أنانية ترامب، حيث سَمّت إدارة نتنياهو مستوطنة على مرتفعات الجولان وميداناً في مدينة بتاح تكفا، باسم ترامب، على هذه الخلفية سترجع إدارة بايدن الجديدة إلى المعايير الدبلوماسية التقليدية، كما قال أنتوني بلينكن، وزير الخارجية المحتمل في إدارة بايدن الجديدة، في تصريح له. من المعقول أن نرى التمسك بالتحالف مع إسرائيل من قبل هذه الإدارة كما تعودنا عليه سابقاً، لكن في نفس الوقت سنرى الاعتراف بالأصوات الفلسطينية نحو سياسة أكثر توازناً ليس فقط شكلياً ولكن أيضاً فعلياً، مثلاً، الحد من المستوطنات واستئناف العلاقات مع الفلسطينيين وإعادة توفير المساعدات لهم.


مواضيع متعلقة