حمدي غيث «شمشون» الفن الذي أنقذه «أبوذر الغفاري» من «تهمة الشيوعية»

كتب: هبة أمين

حمدي غيث «شمشون» الفن الذي أنقذه «أبوذر الغفاري» من «تهمة الشيوعية»

حمدي غيث «شمشون» الفن الذي أنقذه «أبوذر الغفاري» من «تهمة الشيوعية»

«شمشون الفنانين» لقب حظى به الفنان الكبير حمدي غيث، بعد سنوات طويلة من مشواره الفني الذي إستمر ما يزيد عن نصف قرن، بدأه قبل نهاية الأربعينيات حتى رحيله يوم 7 مارس عام 2006، لما تميز به من صرامة وحِدة في التعامل سواء خلال فترة عمله بالمسرح القومي، أو الإصرار على تطبيق القانون بـ«حاذفيره» أثناء جلوسه على مقعد نقيب الممثلين لعدة دورات، وعمله أستاذًا بأكاديمية الفنون.

97 عامًا تمر على ميلاد حمدي غيث، والذي ولد في مثل هذا اليوم 7 يناير عام 1924 داخل قرية شلشلمون، بمركز منيا القمح، محافظة الشرقية، لأب مثقف ومتعلم كان يدرس الطب بدولة بريطانيا، ولكنه عاد لمصر بالتزامن مع إندلاع الحرب العالمية الأولى، ليصبح «عمدة» قريته، وكان لديه زوجتان أحدهما والدة «حمدي وعبدالله» وهى الزوجة الثانية، والأخرى أمًا لأبناءه الثلاثة.

انتقال الأسرة للسكن بحي الحسين بعد وفاة الأب

توفى الأب قبل أن يكمل حمدي غيث عامه الرابع، بينما شقيقه عبدالله مازالا طفلًا رضيعًا، لتقرر الأم مغادر الشرقية، والذهاب إلى القاهرة للسكن لدى الجد الأزهري بجوار حي الحسين، الذي كان سببًا في أن يتقن الصغار مبادئ اللغة العربية، وأن يتربيا على حُسن الذكر والإنشاد الديني، فضلًا عن قُرب المكان من بقية الأحياء التي تميزت بوجود السينما والمسارح التي كان ملاذًا أمنًا لهذه الأسرة الصغيرة للترفيه والتعلم.

تسلل حب الفن رويدًا رويدًا إلى قلب حمدي غيث، الذي قرر أن يلتحق بمعهد التمثيل بخلاف دراسته بكلية الحقوق التي تخلى عنها فيما بعد، ليصبح من الرواد الأوائل الذين تخرجوا من المعهد، وسافر في بعثة إلى فرنسا لدراسة أصول الفن المسرحي، ليعود بعدها متلهفًا للوقوف على خشبة المسرح، وأمام شاشة السينما.

بدأ العمل بالسينما في خمسينيات القرن الماضي

عام 1953 حصل على دورًا صغيرًا بفيلم «غلطة العمر» من إخراج محمود ذوالفقار، الذي شارك هدى سلطان البطولة، وتأليف عبدالعزيز سلام، ويوسف جوهر، ليحصل بعدها بعام واحد على مساحة أكبر من خلال فيلم «صراع في الوادي» أمام فاتن حمامة، وعمر الشريف، ومن إخراج يوسف شاهين، تأليف حلمي حليم وعلي الزرقاني.

«ريتشارد قلب الأسد» من أشهر الأدوار التي لعبها حمدي غيث، وجسدها من خلال فيلم «الناصر صلاح الدين» عام 1963 أمام أحمد مظهر، نادية لطفي، ليلى فوزي، زكي طليمات، إخراج يوسف شاهين، والذي أصبح ضمن قائمة أفضل 100 فيلم بتاريخ السينما المصرية بصحبة «صراع في الوادي».

امتلك حمدي غيث، صوتًا ذهبيًا ولغة عربية سليمة وملامح استطاع تطويعها مابين الخير والشر في عدد من الأعمال منها «المدبح، اغتيال مدرسة، التوت والنبوت، صراع العشاق، طريق الانتقام، الحكم آخر الجلسة، إسماعيلية رايح جاي».

بخلاف تجسيده شخصية «أبو سفيان» في فيلم الرسالة مع المخرج العالمي مصطفى العقاد.

في الدراما التلفزيونية إستطاع حمدي غيث أن يترك بصمته المميزة على ااشاشة بعدد من الأعمال منها تجسيده شخصية «الشيخ بدار» بـ«ذئاب الجبل»، وهو «الحاج رضوان» بـ «الشهد والدموع»، و«العز بن عبدالسلام» في «الفرسان»، بخلاف أعمال أخرى منها «الأيام، خالتي صفية والدير، بوابة الحلواني، السيرة الهلالية، زيزنيا».

كان يعتبره شقيقه الصغير عبدالله غيث ابنًا له 

«عباس الضو» من أصعب الشخصيات الدرامية التي جسدها حمدي غيث، والتي أداها في الجزء الثاني من مسلسل «المال والبنون»، بعد رحيل شقيقه الأصغر عبدالله غيث عام 1993 بأزمة قلبية مفاجئة، وطلب منه صناع العمل أن يقوم الأخ الأكبر بتأدية دور شقيقه في الجزء الثاني، الأمر الذي سبب له ألمًا نفسيًا انعكس على صحته خلال التصوير.

«كان قطعة مني.. وكنت قدوته» كلمات وصف بها «حمدي» علاقته بشقيقه الصغير «عبدالله»، والذي كان يصفها بأنها علاقة أبوة، «بعد وفاة الأب مبكرًا، ورغم صغر سني اعتبرت نفسي مسئولًا عن شقيقي الصغير، وكنت أصطحبه معي دائمًا وبالتالي عشق التمثيل من خلالي وثبتت موهبته الرائعة»، حالة من الحزن سيطرت سنوات على حمدي غيث، بعد رحيل الشقيق الأصغر، لم يستطع تجاوزها بالرغم من فراقه الحياة بعده بنحو 13 عامًا.

في عهد الرئيس جمال عبدالناصر، اتُهم الفنان حمدي غيث بأنه «شيوعي»، وبناء عليه تعرض لمضايقات كثيرة منها فصله من المسرح القومي، ولكن أنقذه الصحابي الجليل أبي ذرالغفاري، وهى الشخصية التي كان يجسدها أمام ميكرفون الإذاعة، وبالصدفة سمعه عبدالناصر، الذي أمر على الفور بإعادته للمسرح «كيف يكون ملحدًا وهو بهذه البراعة في الأداء الديني؟».

أما فيما يخص أسرته الصغيرة، تزوج حمدي غيث مرتان، الزيجة الأولى من زميلته والتي كانت تدرس معه بمعهد التمثيل، وأنجب منها ابنته ميادة، ثم توفيت الزوجة في سن صغيرة، ليتزوج مرة أخرى لينجب ابنته مي.


مواضيع متعلقة