أشار إليه خالد منتصر.. نص مقال وحيد حامد «بيض الدجاجة.. وبيض الثعبان»

كتب: الوطن

أشار إليه خالد منتصر.. نص مقال وحيد حامد «بيض الدجاجة.. وبيض الثعبان»

أشار إليه خالد منتصر.. نص مقال وحيد حامد «بيض الدجاجة.. وبيض الثعبان»

تعيد «الوطن» نشر مقال للكاتب والسينارست الكبير وحيد حامد، الذي رحل عن عالمنا صباح السبت، داخل مستشفى الصفا بالمهندسين، بعد أزمة صحية طارئة تعرض لها قبل عدة أيام، عن عمر ناهز 77 عامًا، كتبها منذ 18 عاما، في إحدى المجلات، بعنوان «بيض الدجاجة.. وبيض الثعبان»، أشار إليها الكاتب والإعلامي الدكتور خالد منتصر، في إحدى حلقاته قبل سنوات، ونستعرضها في السطور التالية.

قال الراحل في بداية مقاله: «قد تغضب الحكومة أو الدولة أو السلطة، وسبب الغضب هو أنّ القبضة القوية التي تحكم الشعوب بداية من أمريكا وحتى إمارة موناكو أو قطر، لا تحب أن يراجعها أحد أو يقدم لها نصيحة لوجه الله، أما إذا تجاسر أي شخص وانتقد السلطة، يكون عقابه. إما التوبيخ أو الإهمال أو السخرية منه ومن كلماته، فدائما وأبدا الحكومة ترى نفسها في أبهى وأجمل صورة، وهي معقل الحكمة وبيت الصواب، هكذا ترى نفسها وعليها تحمل نتيجة هذه الرؤية يوما ما..؟».

وأضاف حامد في مقاله: «أيضا قد تغضب جماعات التأسلم وجماعات التكفير ومعهم الإخوان وأتباعهم وأشياعهم، وكل من يريد دولة الخلافة، وسبب الغضب هو كشف قواعد اللعبة الجديدة التي يلعبونها بمهارة فائقة، ويسجلون الهدف تلو الآخر بسهولة شديدة، حيث تصبح لهم السيطرة التامة على الملعب دون منافس، وهذه حقيقة لا ينكرها إلا مسطول أو مخدر، أو مكابر تمكنت منه الحماقة كانت هذه الجماعات على اختلاف أنواعها وتوجهها تريد الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح، وقد شهدت مصر معارك ضارية ودموية وحدثت اغتيالات وقتل للأبرياء وترويع للأجانب وتدمير للاقتصاد، وبالفعل تبدد الأمن والاستقرار لفترة ليست بالقصيرة وباتت مصر خطر حقيقي، إلا أنّ الحكومة دافعت عن نفسها في البداية، ثم عرفت وأيقنت أنّه لا مفر من المواجهة الحاسمة، والتي انتهت بفوز الحكومة التي أحكمت سيطرتها، وذلك لأنها الأقوى فعلا، بالإضافة إلى وعي شعبي مستنير ساندها في معركتها بعد أن ثبت له فساد منطق الإرهاب والآثار السلبية التي ترتب على تخريب الاقتصاد وقطع الأرزاق عن قطاع كبير من الناس، وأدركت هذه الجماعات أنّها خسرت حربها وهدفها، وأنّ الحكومة لن يتم الاستيلاء عليها بالقوة مهما طال الزمن، من يحارب الدولة هو هالك لا محالة، ولابد من الكمون إلى حين؟».

وتابع الراحل: «وهدأت الأمور وما زالت هادئة حتى الآن، ولكن المعركة لم تتوقف لحظة، طبعا الحكومة مبسوطة على الآخر بعد توقف إطلاق النار، ولكنه انبساط على طريقة جحا الذي لا يهتم بالخطر إلا إذا أصابه شخصيا، لا يهم بيته أو حتى أهله، إلا أن الحكومة أثبتت أنها القوية القادرة على حماية حقها وتأكيد وجودها، وفرض سيادتها وبسط نفوذها وفي ذات الوقت تزوجهت الجماعات إلى المجتمع نفسه، وقررت الاستيلاء عليه، قررت الاستيلاء على الناس أنفسهم، وبكل حسم وانضباط تحولت ميليشيات القتال إلى قوافل دعوة، وبدأ اللعب برؤوس الناس والدخول إلى عقولهم وحشوها حشوا بمفاهيم ظاهرها التدين وجوهرها الاستحواذ على أقدار البشر والتحكم فيهم.. والحكومة تتفرج وهي سعيدة فهي تحس بالأمان.. وليس هناك أي خطر يهدد سلامتها.. هكذا تظن!!، وهي أيضا لا تدرك أنّها مسؤولة عن سلامة المجتمع وتأمينه ودفع الخطر عنه، ولا تدري أنّ هذه الجماعات تجيش الجيوش وتحشد الحشود في صبر، وتخطيط محكم دقيق ومنظم، كما هو الحال عند أفراد الجماعات.. وإنّما هو دور وظيفي ينتهي بانتهاء سنوات الوظيفة، والدليل على ذلك أنّ بعض الشخصيات التي كانت مكلفة بمقاومة الإرهاب هي أول من أطلق اللحية، وأصبح يرتاد المساجد متعمدا أن يراه أفراد هذه الجماعات في هيئته الجديدة بعد تركه المسؤولية.. وكأنه يعلن التوبة أمامهم.. وإذا كانت الحكومة لديها القدرة الفعلية على سحق الطامعين في الاستيلاء عليها، فإنها سوف تكون في مأزق حقيقي عندما تواجه المجتمع، وقد تمت السيطرة عليه تماما من قبل الذين يبذلون أقصى ما في وسعهم للوصول إلى كرسي الحكم، وإقامة دولة الخلافة.. تستطيع الحكومة أن تواجه جماعة بل جماعات.. ولكنها تخسر عندما تواجه المجتمع.. والحكومة تعرف وتشاهد وترى كيف تتم السيطرة على المجتمع.. والاستيلاء عليه.. لأنها تملك وسائل المعرفة وتعرف دبة النملة و(العفريت مخبي ابنه فين).. ولكن لسبب لا ندريه.. ولأمر لا نعرفه هي تترك المجتمع يسرق منها، وبدلا من أن يكون معها يصبح عليها، وبهذا العجز فإننا سوف نورث الأجيال القادمة سنوات سوداء حقا، حيث يتراجع الدين الحقيقي، وتتقدم الخرافة وتنتصر الخزعبلات، ويموت العلم في زمن العلم، ويتحكم في مصائرنا الجهلاء لا العلماء، ونفقد حريتنا وتصبح رقابنا في انتظار أمر (الخليفة) لمسرور السياف، ويفرض علينا الأمر فنسمع ونطيع، ويصبح الحلال والحرام حسب رؤية مولانا وتفسير جلسائه وليس كما أنزل الله وفسره العلماء والأئمة.

وأتمّ الراحل مقاله: «إن الدجاجة ترقد آمنة فوق بيض الثعبان بعد سرقة بيضها الحقيقي.. والخوف كل الخوف لحظة (الفقس).. ساعتها سوف تدرك السلطة رغم كل عنفوانها أنّها كانت مجرد دجاجة سعت إلى حتفها».


مواضيع متعلقة