عام أزمة كورونا.. جهود الحكومة والمبادرات الشعبية حولت «المحنة» إلى «منحة»

عام أزمة كورونا.. جهود الحكومة والمبادرات الشعبية حولت «المحنة» إلى «منحة»
- عام كورونا
- فيروس كورونا
- الصحة
- الجيش الأبيض
- مستشفيات العزل
- عام كورونا
- فيروس كورونا
- الصحة
- الجيش الأبيض
- مستشفيات العزل
عام كامل راح خلاله فيروس كورونا يعيث فى أنحاء الدنيا فساداً، منذ انطلق من مقاطعة صغيرة فى إحدى المدن الصينية، حتى طرق باب كل بيت فى مختلف أنحاء العالم، أصاب وقتل، وأغلق منشآت تجارية وسياحية، وهزم اقتصاديات أعتى الدول بضربة قاضية، وأجبر الملايين على البقاء فى منازلهم، ولم تكن مصر بعيدة عن الوباء، فقد زارها الفيروس كما زار غيرها من الدول، إلا أن عدة قرارات اتخذتها الحكومة ساهمت فى تقليل وطأة انتشار الفيروس، فمنحت العمالة المؤقتة منحة شهرية لتعويضهم عن «وقف الحال»، الذى تسبَّب فيه الفيروس الشرس، وأغلقت المدارس، وألغت الامتحانات، وسمحت لمئات الآلاف من الموظفين بالعمل من المنازل، كما فتحت المستشفيات، ودعمت القطاع الطبى الذى واجه الفيروس بصدر عارٍ، أما المصريون، فقد أثبتوا كالعادة أن كل «محنة» تحمل فى ثناياها «منحة»، حيث تضامنوا مع بعضهم البعض، ودشنوا مبادرات للتكافل الاجتماعى، ووقفوا صفاً واحداً فى مواجهة ذلك المجهول الذى هبط عليهم من السماء.
«الوطن» ترصد ما جرى خلال العام الماضى، وتفتح ملف تعامل الدولة والمواطنين مع فيروس كورونا، على أمل أن يهل العام الجديد وقد تخلص العالم من ذلك الضيف الثقيل، حتى تعود الحياة سيرتها الأولى بأقل الخسائر الممكنة.
«الجيش الأبيض»: «هنحميكم.. حتى لو الثمن حياتنا»
شهدت وزارة الصحة والسكان حالة من الطوارئ على مدار عام لم تشهد مثله أروقة الوزارة من قبل بسبب تفشى جائحة كورونا، الذى أربك الأنظمة الصحية فى أكثر دول العالم تقدماً، فمنذ إعلان منظمة الصحة العالمية عن ظهور أول حالة مصابة بالفيروس، الذى انتشر بسرعة كبيرة بين آلاف المواطنين فى مدينة ووهان الصينية، وامتد خلال ساعات إلى خارج الحدود لينتشر فى 24 دولة، ومع تحذيرات المنظمة منه، شرعت الدولة ممثلة فى وزارة الصحة والسكان فى رفع درجة الاستعداد القصوى بجميع أقسام الحجر الصحى فى مختلف المنافذ الجوية والبرية والبحرية بعد أسبوعين من التفشى، وتحديداً فى يناير الماضى.
«الصحة»: بدأنا بـ10 سيارات ذاتية التعقيم لمكافحة العدوى ونقل حالات الاشتباه
ولم تقتصر إجراءات الوزارة على ذلك، بل تفقَّد قياداتها الحجر الصحى بالمطار وسير العمل والإجراءات الاحترازية، ووفرت مع ظهور أول حالة حاملة للفيروس 10 سيارات ذاتية التعقيم مجهزة لمكافحة العدوى ولنقل حالات الاشتباه بتكلفة بلغت 55 مليون جنيه، ولم تغفل الدولة آنذاك دورها فى حماية أبنائها، وأعادت من يرغب من المصريين فى الصين إلى أرض مصر، حرصاً على سلامتهم، خاصة أن الصين يعيش بها عدد كبير من الباحثين والدارسين فى الجامعات بمدينة ووهان، وهى البؤرة التى انتشر منها الفيروس، جاء ذلك بعد توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسى بتوفير كافة سبل الأمان لنقل المواطنين.
حجر صحى لـ304 قادمين من الخارج.. وتأهيل 34 مستشفى حميات وصدر وتحويلها لـ«عزل»
ووضع قطاع الطب الوقائى خطة استعداداً للأزمة، وكان أول بند من بنودها توفير حجر صحى يستوعب 304 مصريين قادمين من الخارج لمدة 14 يوماً، هى فترة حضانة الفيروس، لتبدأ بعدها إجراءات إخلاء مستشفى «النجيلة» بمحافظة مطروح، وهو مجهَّز ومطوَّر وفقاً للأكواد العالمية لبناء وتجهيز المستشفيات، وبهذا أصبح أول مستشفى للعزل، ثم اعتمدت وزيرة الصحة فى ثانى بند فى الخطة على كل من مستشفى حميات وصدر العباسية للوقوف على أعمال تطويرهما ورفع كفاءة البنية التحتية والأعمال الإنشائية لكل منهما، ضمن استراتيجية الوزارة لتجهيز وتأهيل 34 مستشفى حميات وصدر على مستوى الجمهورية لتصبح مستشفيات عزل لمصابى فيروس كورونا بشكل تدريجى، حيث تقدم كافة الخدمات الطبية بداية من إجراء الفحوصات اللازمة وتشخيص الحالة وحتى العزل، وتقديم العلاج، ومتابعة الحالات بعد الشفاء والخروج، بالإضافة إلى توفير خدمات البحث العلمى.
وبدأت وزيرة الصحة، الدكتورة هالة زايد، بتكثيف الاجتماعات عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، مع الأطقم الطبية بمستشفيات الحميات على مستوى محافظات الجمهورية، لتوفير خدمات البحث العلمى لهم ومتابعة توفير مخزون كافٍ من المسحات وعينات الاختبار الخاصة بتحليل «بى سى آر»، للحالات المشتبه فى إصابتها. وسرعان ما شكّلت وزيرة الصحة لجنة علمية لمكافحة الفيروس تضم مجموعة من الخبراء على أعلى مستوى لوضع بروتوكول للعلاج. وقررت الوزارة، فى أبريل، زيادة عدد معامل تحليل الفيروسات على مستوى الجمهورية إلى 27 معملاً آنذاك، وتوسعت فى العدد حالياً وأصبحت 62 معملاً، بهدف زيادة عدد المسحات للحالات المشتبه فى إصابتها، كما تمتلك المعامل أكثر من 36 جهاز تحليل «pcr» خاصاً باختبارات فيروس كورونا، منها 9 بالمعمل الرئيسى، و27 بالفروع بالمحافظات، حيث تم ربط المعامل المركزية بالفرعية من خلال شبكة إلكترونية موحدة لضمان سرعة وصول النتائج حتى يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة وضمان السرية التامة للبيانات، وخصصت الوزارة 19 مستشفى عزل فى بداية أزمة الفيروس، ثم بدأت فى التوسع بالمستشفيات التى تقدم خدمات التعامل مع الفيروس تدريجياً إلى 101 مستشفى ثم 111 ثم 150 مستشفى حتى وصلنا الآن إلى 363 مستشفى على مستوى الجمهورية لإدارة الجائحة، وتقديم الخدمات الطبية للمواطنين.
وضمت المستشفيات، وفقاً لتقارير وزارة الصحة، 35 ألف سرير و4500 سرير رعاية، و2500 جهاز تنفس صناعى، و200 جهاز تنفس صناعى آخر، كما خصصت مستشفى عزل فى كل محافظة، وخطاً ساخناً لتلقى كافة استفسارات المواطنين، وأيضاً 400 مقعد، ومع الدخول فى الموجة الثانية زادت إلى 800.
لم تغفل وزارة الصحة والسكان دور الأطقم الطبية وتضحيتها فى أزمة الفيروس، ووجهت بالاستجابة لكافة احتياجات الأطقم الطبية والتعامل الفورى مع أى تحديات قد تواجههم وتذليلها، تقديراً لجهودهم الوطنية والاستثنائية للتصدى للفيروس والحفاظ على صحة المواطنين.
وإقليمياً، مدت مصر يد العون لبعض الدول لمواجهة الأزمة، فسافرت وزيرة الصحة إلى الصين وإيطاليا، وتم إرسال شحنات لهما عبارة عن مستلزمات طبية للمساعدة فى الأزمة التى حولت العالم إلى غرفة مظلمة، وسرعان ما جاء مردود هذه المساعدات، وأرسلت الصين إلى مصر هدية عبارة عن 4 أطنان مستلزمات طبية تتضمن 70 ألف كاشف تحليل حامض نووى خاص بفيروس كورونا، و10 آلاف كمامة طبية «N95»، و10 آلاف مجموعة من الملابس الوقائية.
وبدأ العالم رحلة التجارب السريرية على مجموعة من اللقاحات من خلال شركات الأدوية الكبرى للبحث عن لقاح لهذا الفيروس، وشاركت مصر لأول مرة فى التجارب السريرية على اللقاح الصينى لفيروس كورونا بالاشتراك مع عدد من الدول تحت شعار «من أجل الإنسانية»، ووصل عدد المتطوعين فى هذه التجربة لـ3 آلاف متطوع على رأسهم الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة.
ووضعت الدولة فى أولوياتها ملف توفير اللقاح للمصريين، وهو ما تعمل عليه حالياً فى اختيار أنسب لقاح، وتم استقبال عدد من الشحنات من اللقاح الصينى، ومن المقرر بدء تطعيم الفئات المستحقة منه خلال الأيام القليلة المقبلة، وبحسب إرشادات منظمة الصحة العالمية ستكون أول فئة هى الأطقم الطبية والحالات الشديدة الخطورة.
وبدوره وصف الدكتور رضا محمود، طبيب مستشفى عزل، أول حالة عالجها فى بداية تفشى الجائحة، قائلاً: «عندما دخلت على أول مريض كانت أشبه بلحظة الموت، خاصة أن الفيروس لم نعلم عنه أى شىء، كنا نحارب شيئاً مجهولاً لم نملك أدوات للمحاربة أو أى شىء نثق فيه»، وأضاف لـ«الوطن»، أنه «مع مرور الوقت والأيام والتعامل مع أكثر من مريض نسيت كل الأمور المتعلقة بالخوف والموت، وبد التعامل على أن الأمر هو إنسانى فى إنقاذ المواطنين، وحالات كورونا فى بداية الأمر كانت لديهم حالة من الفزع، عندما كنا نرى ذلك كأطباء لم يكن أمامنا سوى حل واحد هو إنقاذ حياتهم حتى لو كلف الأمر حياتنا نحن».
أما الدكتور محمد علام، نائب رئيس أول مستشفى عزل سابقاً، فقد وصف بداية انتشار الجائحة، قائلاً: «كانت أيام عجاف ومرهقة، كنا خايفين على نفسنا، وولادنا ماكناش بنشوفهم، بس المريض حياته كانت أهم بالنسبة لنا، خاصة لما كنا بنشوف الخوف فى عيونهم».
«حسنى»: مستعدون لـ«الموجة الثانية».. و«هنشتغل إلى أن ننتصر على الفيروس»
وقال الدكتور حسام حسنى، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، إنه «منذ تسجيل أول حالة مصابة وضعت الوزارة بروتوكولاً علاجياً، وحدَّثته أكثر من مرة حتى وصل إلى نسخته الرابعة». وأوضح «حسنى»، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، أن «البروتوكول المصرى قائم على العلم والخبرة، واعتمد بعض الأدوية التى حذرت بعض الدول من استخدامها، لكن بعد ذلك ثبتت فاعليتها، وبدأ استخدامها مرة أخرى فى تلك الدول»، منوهاً بأن جميع قرارات اللجنة مدعومة بأبحاث علمية ودراسات بحثية، حيث تضم لجنة بحثية، ولجنة لتدريب الأطباء على البروتوكولات، وأخرى لأخلاقيات المهنة، ويعملون جميعهم كفريق واحد هدفهم الحفاظ على صحة المصريين»، مؤكداً أن اللجنة تعمل وستعمل للسيطرة على الفيروس، وقريباً سنعلن انتصارنا عليه.