عمال المستشفيات.. "جيش مصر البُني" في الصفوف الأولى لمواجهة فيروس كورونا

كتب: رضوى هاشم وشيماء عادل

عمال المستشفيات.. "جيش مصر البُني" في الصفوف الأولى لمواجهة فيروس كورونا

عمال المستشفيات.. "جيش مصر البُني" في الصفوف الأولى لمواجهة فيروس كورونا

«جيش مصر الأبيض» أطباء وممرضون وقفوا حائط صد قوياً أمام فيروس قاتل لا يبقى ولا يذر، ولكن خلف جيشنا الأبيض جيش آخر مجهول يضم آلافاً من عمال النظافة بردائهم البنى بالمستشفيات العامة والخاصة ومستشفيات العزل ومعامل التحاليل ممن يتعاملون يومياً مع مرضى بعضهم مصابون بـ«كورونا» أو مشتبه بهم، وتكون المهمة أصعب بأقسام النساء فى المستشفيات، فالفيروس يُهدّد حياة أم مناعتها هى الأضعف، وجنين لم يرَ النور بعد، وهذا ما يحدث يومياً بقسم النساء بمستشفى قصر العينى.

"فردوس": نحن الأكثر عرضة للعدوى.. وشهدت موت أم وجنينها بالفيروس.. وأصبت من مريضة وعزلت نفسى بمنزلى

مع بدء ظهور المرض فى مارس الماضى، بدأت تتوافد مريضات وأمهات على وشك الوضع درجة حرارتهن مرتفعة وغير معروف ما إذا كن مريضات بكورونا أم لا، وتقول فردوس صلاح الدين، إحدى العاملات بالمستشفى: «إحنا مجبرين على التعامل مع المريضات، ماكناش بنروح بيوتنا لأيام متواصلة مع اشتداد الموجة، ومع الحظر ماكناش بنلاقى مواصلات للعودة إلى بيوتنا، كنا نعود للمستشفى ونباشر العمل مرة ثانية».

وأضافت: «رغم كل الإجراءات الاحترازية التى وفرتها لنا إدارة المستشفى من قفازات وملابس واقية إلا أنه فى رمضان الماضى شعرت بإعياء شديد وارتفعت درجة حرارتى، وبدأ الخوف ينتابنى وحُسم الأمر بالتحليل بأنها الكورونا، فعزلت نفسى فى غرفة أسفل شقتنا التى أسكن فيها مع زوجى وأبنائى الأربعة، ولم أخشَ الموت، ولكن ما كنت أخشاه أن أكون سبباً فى تهديد ابنى الصغير المريض صاحب المناعة الضعيفة».

وتابعت قائلة: «نحن الأقرب للمرضى ومخلفاتهم ونحن المسئولون عن رعايتهم، لذا فنحن الأكثر عرضة للفيروس، ومنذ أيام رحلت أم فى الشهر التاسع، وبعد ساعات من الولادة لحقها رضيعها، ليعم الحزن المكان ونصب لعنتنا وغضبنا على الكورونا».

وقالت وفاء عبدالستار، عاملة بقسم الحوادث: «أصبحت لدينا خبرة فى معرفة مريضة الكورونا من الأعراض الأولية، سخونة مستمرة وأعراض أخرى ما إن تظهر حتى نرفع درجة الاستعداد، ولا نكون سبباً فى نشر المرض بين باقى المريضات، ولأننا الأكثر عرضة للمرض أصبح يومنا دوامة من الأفكار السيئة من أننا سنكون السبب فى حمل المرض إلى منازلنا، ولكم أن تتخيلوا أن إحدى العاملات معنا كانت فى شهورها الأخيرة بالحمل، وبدأت التنبيهات بأن الحوامل هن الأكثر عرضة للمرض، ولكن لم يكن لديها بديل، حيث كانت تعمل فى أوقات الحظر وهى فى قمة الخوف وحتى بعد وضعها لا يزال الخوف مستمراً، بل وتضاعف عليها وعلى رضيعها، أين ستتركة؟ وهل تصطحبه معها ليكون معرضاً للمرض؟ هذه أسئلة كثيرة لا رد لها».

وقالت لبنى على، مشرفة العمال فى قصر العينى: «نعمل بعد أن نترك قلوبنا فى المنزل مع أبنائنا، ولا أنسى اليوم الذى وصلت إلينا فيه أول حالة اشتباه كورونا ونحن فى الخطوط الأولى للمواجهة، وأول من يستقبل الحالات ويحملها لأُسرها، خاف الجميع وانزوى البعض حتى أهل المريضة، وسارعنا وتعاملنا مع الموقف وعقمنا الغرفة والمعمل، وتوزعت المهام على العاملات وأزلنا النفايات، وباشرنا مهمتنا ونقلناها لمنطقة إعدام النفايات الطبية».

وتضيف «لبنى»: «أكثر ما يؤلمنى بعد عودتى للمنزل كان صدى ونهرى لابنى الصغير حين يحاول معانقتى، وأخشى ما أخشاه من الموجة الثانية التى قالوا إنها ستكون أصعب من الأولى، وأشعر أننى لن أمر منها وسوف أكون ضحيتها، ولكننا مضطرون أن نكمل رسالتنا ونحمل أرواحنا بين أكفنا ونتضرع إلى الله أن ينجينا».


مواضيع متعلقة