"جامعو القمامة": واصلنا العمل رغم مخاطر فيروس كورونا الكارثية

"جامعو القمامة": واصلنا العمل رغم مخاطر فيروس كورونا الكارثية
- عمال النظافة
- غطاسو الصرف الصحي
- جامعو القمامة
- عمال المستشفيات
- كورونا
- فيروس كورونا
- مستشفيات العزل
- عمال النظافة
- غطاسو الصرف الصحي
- جامعو القمامة
- عمال المستشفيات
- كورونا
- فيروس كورونا
- مستشفيات العزل
فى 12 مارس كانت مصر على موعد مع عاصفة لم تعهدها البلاد من قبل، أمطار غزيرة وسحب كثيفة حجبت الشمس وحولت النهار إلى ليل مظلم، فهرع الجميع إلى منازلهم ليحتموا بسقفها من عاصفة «التنين»، ودخل الجميع فى إجازة إجبارية بعدها بسبب انتشار كورونا وفرض الحظر.
فى «زرايب مايو» التى تعد واحدة من ضمن ست مناطق بالقاهرة لتجميع وفرز القمامة، تعيش 700 أسرة تضم 3500 نسمة بمنطقة عشوائية صنفت واحدة من أكثر المناطق خطورة بالقاهرة، ورفض أهلها مغادرتها لارتباط منازلهم بعملهم، حيث تفرز القمامة داخلها وسارع بعضهم ببناء منازلهم على مخرات السيول ما ضاعف الكارثة، فانهمرت السيول على المنطقة الجبلية وجرفت منازل أسقفها السماء وغرفها تضم أثاثاً متهالكاً جمعه أصحابه من غنائمهم فى رحلات يومية لجمع القمامة من المخلفات التى تقوم نساء المنزل بفرزها يومياً فاختفت عشرات المنازل من الوجود بفعل السيول، ولجأ أصحابها إلى الكنيسة التى فتحت أبوابها للمسلمين والأقباط ليتكدسوا غير آبهين بمرض غامض سمعوا أنه وصل إلى مصر وعلاجه الوحيد كمامات وتباعد اجتماعى مستحيل تطبيقه، بعدما فقدوا كل شىء يمتلكونه وفقد بعضهم عائلته وتكدسوا مع بعضهم لحين جفاف برك المياه وأنهار السيول والعثور على مفقودين، وبات الغد أمامهم ضبابياً، وينذر بكارثة بيئية، فكورونا أمامهم والمخلفات خلفهم ومصدر رزقهم توقف وتراكمت القمامة بالمنازل لحين انتهاء أزمتهم ومباشرة عملهم.
"مريم": نتعامل مع سرنجات ومخلفات ملوثة بالدماء
«نعيش وسط القمامة ونفرزها بأيدينا ونتعامل يومياً مع حقن ومخلفات ملوثة بالدماء وحفاضات، واستجد علينا خلال الأشهر الماضية مئات الكمامات التى نجدها يومياً فى أكياس القمامة»، بهذه الجملة تحدثت مريم رزق إحدى سكان المنطقة، وقالت: وقت العاصفة لم نكن نلتفت للتحذيرات من كورونا فهذه رفاهية لا نملكها لأننا نعيش فى منزل بلا حمامات كما هو حال أغلب من يقطنون هنا ويقضون حاجتهم فى الجبل وأخشى على بناتى الأربع أن يطاردهن أحد المسجلين ويسبب لهن الأذى، لكننا لا نملك تغيير الواقع الذى نعيشه منذ 25 عاماً.
على مقربة منها تسكن منى عطا فى منزل ليس أفضل وتعيش بصحبة أبنائها الخمسة فى كوخ من غرفة واحدة وزاد الطين بلة انتقال شقيق زوجها وأولاده للعيش معهم، بعدما جرفت السيول منزلهم.
"منى": الحمد لله لم يصب أحد منا بكورونا
استقبلتنا على مضض وهى تقول: «نحن أولاد ناس والزمن حوجنا لم نعرف لنا ملجأ سوى الزرايب رضينا بالهم والهم لم يرض بنا، تهاجمنا العقارب والحيوانات الضالة لا نجد لنا مستشفى أو صيدلية وأقرب عيادة على بعد ثلاث ساعات». استكملت ابنتها العشرينية إيمان سيد، التى كسا ملامحها الحزن بعد زواجها وهى دون الرابعة عشرة وإنجابها 3 أبناء فشلت فى إلحاقهم بالتعليم بعد أن تنمر عليهم زملاؤهم فى المدرسة التى تبعد عن منطقتهم نحو الساعة، وأتت كورونا على أحلامها فى جعل مستقبل أبنائها أفضل من مستقبلها، بعدما أصبح وجودهم فى المدرسة شبه مستحيل عقب رفض جميع من فى المدرسة التعامل معهم لأنهم أبناء الزبالين وكأنهم مصدر للوباء.
وتابعت: «فى الخامسة صباحاً يخرج زوجى وابنى ليطرقا أبواب شقق سكنية لا يعرفان ماذا تخفى خلف أبوابها ولا كيف سيستقبلهما سكانها، وطوال 6 أشهر من انتشار الفيروس رأينا ما لم نره طوال حياتنا، شقق تغلق فى وجوهنا، البعض يرفض التعامل معنا وإعطاءنا شهريتنا رغم أن قمامتهم تخرج بانتظام، والبعض الآخر لا نكتشف مرضهم إلا بعد وصول قمامتهم إلى منازلنا، حين نبدأ الفرز ونكتشف كمامات وقفازات وسرنجات حقن وأدوية مختلفة والحمد لله لم يصب أحد منا بكورونا، ما هى مش حتبقى من كل ناحية فقر ومرض».
على مقربة من منطقة القلعة التاريخية حى آخر من أحياء جامعى القمامة، وإن كان حال قاطنيه أفضل بمراحل وهو حى «الزبالين» بالمقطم، ووسط عشرات الزجاجات تجلس فاطمة أحمد تفرز ما تتحصل عليه من أجولة القمامة تلتقط بفرحة زجاجات بنية وخضراء ذات السعر الأعلى وتسارع بتحطيمها وإعادة تعبئتها فى انتظار نهاية اليوم الطويل لتحصل على يومية لا تتجاوز 80 جنيهاً، تصرف منها على أبنائها الخمسة وزوجها المريض، وتحلم بإتمام زواج ابنتها بجانب دفع إيجار المنزل وفواتير الكهرباء المتراكمة وعلاج الزوج، وسلسلة من طلبات الأبناء التى لا تنتهى، وقالت: «سايبينها على الله وناكلها بالحلال وربنا يسترها علينا بنلبس الجوانتى الصوف وبنلاقى حقن وسرنجات وإبر محاليل بنشيلها ونكمل شغل، واليوم اللى ما نتجرحش فيه عمره ما بييجى، كل جسمى من راسى لقدمى جروح أنا مشوهة وحلمى الوحيد ربنا يقوينى وأكمل رسالتى وأستر أولادى ونعدى من الموجة الثانية على خير».
شحاتة المقدس: لم نتخل عن دورنا أو يرفض عامل واحد الخروج خشية الإصابة
وأكد شحاتة المقدس نقيب الزبالين: «يوجد فى القاهرة الكبرى ست مناطق للزبالين، وفى البداية استهنا بالموضوع على اعتبار إننا زبالين وتعاملنا مع مختلف أنواع الفيروسات واكتسبنا مناعة على عكس الطبقات الأخرى المرفهة، لم نتاجر فى الأزمة كما فعل بعض ضعاف النفوس ممن قاموا بجمع الكمامات من القمامة وغسلها وبيعها، ولم نتخل عن دورنا أو نتوقف يوماً واحداً أو يرفض عامل واحد الخروج خشية الإصابة رغم حالة الذعر، وكنا أكثر إصراراً، وحين صدر قرار حظر التجول الذى تزامن مع ساعات عملنا سارعنا بمناشدة الحكومة وضعنا ضمن الفئات المستثناة، وهو ما حمى البلاد من كارثة محققة إذا رفضنا العمل وتراكمت القمامة، فمخلفات القاهرة الكبرى فقط تتجاوز 14 ألف طن يومياً».
مدير مشروع إدارة المخلفات الطبية والإلكترونية: حملات توعية وخطط استباقية لمواجهة سيناريوهات الموجة الثانية
وقال الدكتور طارق العربى، مدير مشروع إدارة المخلفات الطبية والإلكترونية بوزارة البيئة، إن تفشى فيروس كورونا سبب أزمات متعددة على جميع المستويات، ومنذ البداية تنبهنا لخطر المخلفات الشخصية ومعدات الوقاية الشخصية وما يرتبط بها من سلوكيات البعض ممن لا ينتبهون أن كمامة أو قفازاً قد ينقل المرض لعشرات، من أول جار فى المنزل أو عامل جمع قمامة أو عامل نظافة فى الشارع أو حتى النباشين والحيوانات الضالة التى قد تعبث بالقمامة وتتسبب فى نقل الفيروس من مكان لمكان مما يوسع من رقعة انتشار المرض، لذا قمنا بعمل أدلة إرشادية للتوعية وقمنا بتعميمها ونشرها.
وعن استعدادات مواجهة الموجة الثانية أكد العربى: «بدأنا مبكراً بحملات توعية وخطط استباقية تتماشى مع مختلف السيناريوهات المحتملة، وعقدنا ورشاً لعمال النظافة، ونناشد المواطنين وضع العامل فى الحسبان قبل التخلص من الكمامة، خاصة إذا ما كان فى عزل منزلى يغسل الكمامة ويغمرها بالكلور ويضعها فى أكياس منفصلة ويخبر عامل القمامة حتى لا يكون سبباً فى نشر المرض».