"محمود" علم والده الرسم لإحياء ذكرى أطفال مسجد الروضة: أخويا منهم

كتب: دينا عبدالخالق

"محمود" علم والده الرسم لإحياء ذكرى أطفال مسجد الروضة: أخويا منهم

"محمود" علم والده الرسم لإحياء ذكرى أطفال مسجد الروضة: أخويا منهم

الذكريات لا تسقط بالتقادم، والرسم يجدد الأشواق ويرسخها، فبلغ الشوق أقصاه بـ"محمود" ووالده، إلى الابن الأكبر للأسرة الصغيرة، المقتول غدرًا في حادث قرية الروضة، قبل 3 سنوات، والتي تحل ذكراها بعد يومين، ليعيدوا الأطفال الشهداء إلى الحياة مجددا داخل مدرستهم، بلوحتين.

ولدّ حب الرسم داخل محمود مجدي، منذ صغره، لكنه لم يخرج من كراسته الصغيرة على الإطلاق، وظل لأعوام مجرد "شخبطة على الورق"، ليدفعه رحيل شقيقه الأكبر في حادث مسجد الروضة الأليم في 24 نوفمبر 2017، إلى الكشف عن موهبته، بعد أن اجتاحه الحزن ليرسم صورة شقيقه الصغيرة التي يخفيها في محفظته، بكراسته الكبيرة للرسم، لتحصد إعجاب معلمه.

شكلت تلك الرسمة، علامة فارقة في حياة الشاب السيناوي، حيث اقترح عليه معلم الرسم بالصف الثالث الثانوي الالتحاق بكلية الفنون الجميلة أو التربية الفنية، لإثقال موهبته والتعمق في ذلك الفن الذي لا يقتصر العمل به على التدريس فقط، وبالفعل استجاب له "محمود" وخضع لاختبارات القبول حتى التحق بكلية التربية الفنية بجامعة قناة السويس في الإسماعيلية.

محمود: بتجنب أي حاجة تخص الحادث.. بس مقدرش أرفض طلب والدي

بزغت موهبة "محمود" بشدة مع الدراسة، وخاصة تركيزه على رسم الوجوه وتفاصيلها العميقة، ليكون أشد المتأثرين به هو والده معلم الرياضيات في مدرسة قرية الروضة، ليقترح عليه قبل حوالي عام رسم لوحة للأطفال ضحايا الحادث مع المعلم وشقيقه، بعد أن جمع بنفسه صورهم، وبالفعل استجاب له نجله سريعا، رغم تجنبه للواقعة تماما خلال تلك الفترة، ليصنع لوحة من الفحم تجمعهم.

تأثُر الأب البالغ باللوحة التي وضعها في المدرسة، ولمس بها الحياة في نجله الشهيد والأطفال، امتزج مع إعجابه البالغ بموهبة "محمود" التي ازدادت تميزا، ليقرر أن يخطو خطوة أخرى معه وأن يكون الوالد واحدا من طلاب ابنه الصغير في صفوف دروس الرسم التي بات يقدمها لأبناء شمال سيناء، حتى يتمكن من التجربة بنفسه.

في أقل من شهر، تمكن الأب من تعلم الرسم بمهارة وشغف سريع على يد نجله، ليكون أول مشروعاته صناعة لوحة بالرصاص جديدة للأطفال الشهداء لتزيين المدرسة بها، بمساعدة "محمود"، بالتزامن مع الذكرى الثالثة للحادث، لتتجاور لوحتيهما سويا داخل أسوار المدرسة كدافع قوي للطلاب لمواجهة الإرهاب وحماية أسرهم وبلادهم.

"مبسوط اني كرمتهم بالطريقة البسيطة دي، واني كمان ساعدت والدي في اللافتة دي".. بات ذلك هو الإحساس المسيطر على محمود مجدي، في حديثه لـ"الوطن"، حيث يرى أن اتجاهه لذلك المجال بات مهمة كبيرة، لذلك يحرص على نشر التوعية بالرسم في شمال سيناء، فضلا عن تعليم الأطفال والشباب لذلك الفن والتعمق به واكتشاف مواهبهم، لمساعدتهم في التميز به.


مواضيع متعلقة