"إيفيلين".. خزافة سويسرية تمنح قرية فقيرة بالفيوم جواز المرور للعالمية

كتب: أسماء أبو السعود

"إيفيلين".. خزافة سويسرية تمنح قرية فقيرة بالفيوم جواز المرور للعالمية

"إيفيلين".. خزافة سويسرية تمنح قرية فقيرة بالفيوم جواز المرور للعالمية

داخل منزل ريفي بسيط يطل على بحيرة "قارون" بالفيوم، مبني من الحجر الأصفر، يجمع بين أصالة الماضي وحداثة الحاضر، تجلس "إيفيلين بوري"، الخزافة السويسرية مرتديةً فستاناً باللون الأزرق، مُزيناً برسومات الأواني الفخّارية وأدوات صناعة الفخار الذي تعشقه كثيراً، على أريكة حديثة، أمامها صينية نحاسية قديمة، لتروي لـ"الوطن" رحلة حياتها في ذلك المنزل، وكيف نجحت في تغيير حياة الأهالي في قرية "تونس"، تلك القرية الفقيرة، التي أصبحت تحظى بشهرة عالمية.

أكدت "إيفيلين بوري" أنّها جاءت إلى قرية "تونس" منذ 45 عاماً، عندما كانت في نزهة ببحيرة "قارون"، رفقة زوجها السابق الشاعر سيد حجاب، وجذبت القرية أنظارها، حيث كانت عبارة عن ربوة عالية تكسوها الخضرة، وبها عدد قليل من المنازل الريفية البسيطة، وخلفها مساحة شاسعة من الصحراء، وأمامها بحيرة "قارون"، حيث أسرها ذلك التكوين الإلهي.

وقررت "إيفيلين" شراء قطعة أرض بتلك القرية، وشيدت منزلًا ظلت تعيش فيه مثل باقي أهالي القرية، تُضيء منزلها بـ"لمبة جاز"، وتشرب مياه "الطلمبة"، واستمرت حياتها هناك 10 سنوات، دون مياه أو كهرباء، حتى نظمت أول مهرجان للخزف بالقرية، الذي جذب انتباه المسئولين للقرية، في ذلك الوقت، لتبدأ أعمال توصيل مياه الشرب والكهرباء لأهالي القرية.

ولفتت الخزافة السويسرية إلى أنّها كانت تتجول في القرية ذات يوم، فوجدت الأطفال يلعبون بالطين، ويصنعون أشكالاً من الحيوانات والطيور بها، فقررت فتح مدرسة لتعليم صناعة الفخار.

ومن هنا تحولّت حياة القرية البدائية، حيث تعلّم أهلها صناعة الخزف، وكانت تُشارك بها في معارض دولية كثيرة، حتى ذاع صيت القرية الفيومية في جميع أنحاء العالم، وأصبحت حاضرة في كثير من المعارض العالمية في عدد من الدول.

وأصبحت "بوري" سببًا رئيسيًا في جذب السياحة للقرية وللمحافظة بالكامل، بدعوتها للكثيرين من أصدقائها من عدة دول، لزيارة القرية، والاستمتاع بالحياة وسط الطبيعة الساحرة.

وكشفت "إيفيلين" أنّه بعد ذلك جاء الكثير من الفنانين والمهندسين وطوائف مختلفة إلى القرية، وأبرزهم الفنان العالمي حسن فتحي، الذي بنى منزلًا معماريًا مميزًا من الطين ويتميز بالقباب، وأصبح هذا الشكل هو المنازل الرسمية بالقرية.

عقب ذلك جاء الفنان محمد عبلة إلى القرية، وبنى منزلًا ومتحف الكاريكاتير ومركز الفنون، وتتابع الزوار إلى القرية بعد ذلك وشيدوا الكثير من المنازل، بالإضافة إلى رجال الأعمال والأجانب الذين شيدوا فنادق وفلل تؤجر للسائحين سواء من داخل مصر أو من خارجها.

وبيّنت أنها تفرح كثيرًا بطلابها الذين افتتحوا ورش خاصة بهم لصناعة الخزف، لا تبخل عليهم بأي معلومة، وتُعرفهم على أماكن شراء الخامات، كما أنهم تساعدهم في التسويق لمنتجاتهم وتصدرها لهم، بالإضافة إلى مشاركتهم في مهرجان "تونس السنوي" للخزف والفخار الذي يقام في شهر نوفمبر من كل عام.

وأكدت أنها تحزن كثيرًا في حالة فشل أي واحد من طلابها أو عدم تمكنه من فتح ورش خاصة به، حيث أنّهم لديهم معارض دائمة في بلجيكا وفرنسا وسويسرا، وتساعد طلابها في تصدير منتجاتهم من خلال بيعها في تلك المعارض.

وأوضحت أنّها تُفضل تعليم الفخار للأطفال الصغار قبل دراستهم لأنهم يكونوا أفضل في الرسم على الفخار من الطبيعة والبيئة المحيطة بهم، بعكس الذين تعلموا ويهتمون بالأساسيات وليس بالطبيعة.

وابتسمت قائلةً أنّها كانت في الكثير من قصص الحب والزواج، حيث أنّ هناك طلاب كثيرون يأتون من فرنسا ودول كثيرة لتعلم صناعة الخزف، وحدث الكثير من قصص الحب والزواج بين الفرنسيين والمصريين، وبين جنسيات أخرى خلال فترة تعلمهم صناعة الخزف بمدرستها.

ولفتت "إيفيلين" إلى أنّها لا تحب بناء منازل من الأسمنت وعدة أدوار هي فقط تُحب الطراز القديم البسيط المبنى بالطين ومكون من طابق واحد فقط وليس من عدة أدوار، فتلك المنازل الأسمنتية تُشوه جمال الطبيعة، مُبينةً أنّها أوصت بأن تدفن في حديقة منزلها بعد وفاتها.

وبعيون حزينة تقول إيفيلين، أنّها سعت كثيرًا للحصول على الجنسية المصرية فذلك هو حلمها وتتمنى تحقيقه قبل موتها، قائلةً "أنا مصرية أكثر من المصريين الذين يريدون أن يهاجروا ويتركوا مصر، فأنا تركت بلدي منذ أكثر من 45 عامًا حتى الآن ولا أسافر بلدي إلا لرؤية أشقائي كل 4 أو 5 سنوات.

وطالبت "إيفيلين" الدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم، بالتدخل لدى السلطات ومنحها الجنسية المصرية، خصوصًا أنّ ابنتها حاصلة على الجنسية المصرية ومتزوجة من مصري، ولكونها كبرت بالعمر ولم تعد قادرة على الذهاب للقاهرة من أجل تجديد الإقامة.


مواضيع متعلقة