سهير حواس: القاهرة أنشئت في القرن الـ19 على نسق باريس "حوار"

كتب: إلهام زيدان

سهير حواس: القاهرة أنشئت في القرن الـ19 على نسق باريس "حوار"

سهير حواس: القاهرة أنشئت في القرن الـ19 على نسق باريس "حوار"

قالت الدكتورة سهير حواس أستاذ العمارة والتصميم العمراني بجامعة القاهرة، إن القاهرة الخديوية كانت واحدة من أجمل مدن العالم خلال النصف الأول من القرن العشرين، بعد أن قام الخديوي اسماعيل بالاستعانة بهاوسمان "المهندس الذي وضع تخطيط باريس"، واستكمل الخديوي توفيق مشروع إنشاء القاهرة، ومن بعدهما الحفيد الخديوي عباس كامل الثاني العديد من المباني الفخمة في القاهرة الخديوية.

وأشارت "حواس"، إلى أن القاهرة عادت للتدهور فى النصف الثاني من القرن العشرين، بعد خروج الجاليات الأجنبية، وتغير العلاقة بين المالك والمستأجر، وكذلك تغير الأنشطة القائمة فى المباني، مشيرة إلى أبرز مظاهر التشوه التى تعرضت له المدينة.

وأوضحت صاحبة "موسوعة القاهرة" أن للتنسيق الحضاري والقوانين دورا هاما في الحفاظ على جماليات القاهرة الخديوية.

وتنشر "الوطن" نص الحوار: 

حدثينا عن جماليات مدينة القاهرة في القرن الماضي

القاهرة كانت من أجمل مدن العالم، ونتاج مشروع تراكمي لفكر تخطيطي راقِ جدا، وتم تخطيطها على نسق يتميز بأنه يماثل التخطيط الذى وضعه هاوسمان "المهندس الفرنسي المؤول عن بلدية باريس في ذلك الوقت"، وفي ذلك الوقت وكان الخديوي إسماعيل منبهرًا بتخطيط باريس وعمارتها، وعند توليه الحكم 1863، أراد نقل الفكرة، فطلب إسماعيل من الامبراطور نابليون الثالث، الاستعانة بهاوسمان ليعينه على تخطيط عاصمة بلد ملكه، وخصوصًا أن الخديوي وقتها كان يستعد لافتتاح قناة السويس.

القاهرة الخديوية كانت فى البداية تنسب للخديوي إسماعيل وعرفت باسم (الإسماعيلية)، وكان المهندس علي مبارك يشرف على هذا المشروع .

ما الذي تميز به مخطط هاوسمان؟

المنطقة المحصورة بين القاهرة القديمة ونهر النيل كانت عبارة عن بساتين وأراضٍ من التلال تغمرها مياه الفيضان، واعتمد تخطيط هاوسمان فكر تخطيطي حديث اعتمد على نسيج هندسي، وعلى عدم التشابك، والتخطيط الإشعاعي، المشابه لباريس، أي يكون هناك ميادين تخرج منه عدة محاور، وأصبحت الشوارع تكون أكثر استقامة واستطالة، وأكثر اتساعًا في العروض، وكان الشارع يصل عرضه إلى 15 مترا وأكثر، وسمح بمرور الحركة الألية، وتم بناء قصر عابدين والأوبرا وفندق كونتننتال بميدان الأوبرا، من أجل استقبال ضيوف افتتاح قناة السويس.

ماذا تم بعد إسماعيل في القاهرة؟

اكتمل المشروع في مطلع القرن الـ20، وامتد الخديوي توفيق ابن إسماعيل بحي الإسماعيلية شمالا، وأنشأ حي التوفيقية شمال الإسماعيلية، ويضم (شارع الألفي، وميدان عرابي، وما بعد شارع 26 يوليو والذى عرف بشارع فؤاد الأول) ثم جاء الخديوي عباس حلمي الثاني (الحفيد)، بنى أجمل عمارات في هذه المنطقة، والمعماريون الأجانب كان لهم دورا كبيرا في إنشاء أجمل العمارات شديدة الجمال تترجم التكنولوجيا التي وصل إليها العصر، ومصاعد، وأدوار أعلى والمباني أضخم وهكذا، والشوارع استقبلت الحركة الآلية، كما صمم المعماري الإيطالي أنطونيو لاشياك "كان صديقا لعباس حلمي الثاني" بنك مصر على الطراز العربي، وهذه المظاهر الجميلة توافق معها المجتمع المصري، والذي كان آنذاك مستعد للتعامل مع هذه المظاهر، لأن كان هناك شريحة اجتماعية، من الأجانب والأقليات، كما أن المصريين كانوا منفتحون على الثقافة الغربية، وبالتالي أنا أطلقت على المنطقة المنسوبة إلى الحكام الثلاثة، القاهرة الخديوية.

*ما الظروف التي أدت إلى هذا التدهور؟

بعد ثورة 1952، سافرت الجاليات الأجنبية، وتم تأميم العمارات، وتغيرت العلاقة بين المالك والمستأجر، وأصبح إدارة هذه المباني مختلفا، وصار الهدف منه الاستثمار والمكاسب أكثر من صيانة هذه المباني، وتغيرت الأنشطة، وتحولت الأغراض المستخدم فيها هذه المباني وتحولت إلى مكاتب وعيادات وورش وغابت الصيانة ودخل في هذه المباني سكان مختلفين عن السابقين، كما أن الإدارة انتقلت من أصحاب العقارات إلى إدارة تتبع الهيئات الحكومية، وتبدلت المنطقة وأصبحت تعانى من الإهمال والتهميش بالإضافة إلى أنه كان ينظر إليها أنها منطقة أحدث وليست أثرية وبالتالي لم تكن هناك مجهودات تبذل في حمايتها.

ما أبرز مظاهر التدهور التي تعرضت لها المدينة؟

تم هدم العديد من المباني الجميلة، لإنشاء مباني خالية من مظاهر الجمال، فمثلا جراج البستان مبنى فوق أرض كانت قصر، عمارة "إيفر جرين" في طلعت حرب كانت مبنى، والمول الكبير الملون في طلعت حرب كان أحد مبنيين متشابهين، وكان هناك محاولات لهدم المبنى الآخر الموجود على ناصية شارع عبدالخالق ثروت مع طلعت حرب.

كما تم إضافة إدوار فوق المباني ذات الطراز المعماري المتميز لكنها لم تكن متوافقة مع جمال المعمار الأصلية، على سبيل عمارات باب اللوق مثلا نجد عمارات غاية في الجمال يعلوها طوابق إضافية كأنها (طربوش)، وكذلك تعرضت المباني للترميمات الخاطئة، وصدور قوانين غيرت العلاقة بين المالك والمستأجر.

ما أهمية الموسوعة التي أصدرتيها عن القاهرة؟

عندما أصدرت موسوعة "القاهرة الخديوية" في 2002، تنبهت الحكومة، وكذلك المجتمع المصري إلى أهمية حماية المناطق والعمران المتميز، والموسوعة معمارية وهي بمثابة توثيق متكامل لهذه العقارات، من خلال الرسومات التي تحتويها، وتأريخ للمنطقة بالكامل، وقد سبق أن أهديت نسخة رئيس الوزراء من الموسوعة.

ما دور جهاز التنسيق الحضاري؟

تم اختياري في الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، شارك الجهاز في مشاريع القوانين التي تم إقرارها لحماية هذه المباني التراثية غير الأثرية، وبالتالي صدر قانون 144 في 2006، وقانون 119 في 2008، والذي يقر تسجيل المباني والمنطقة كتراث، لحمايتها كما تضع القوانين اشتراطات خاصة لترميم المنطقة، ويمنع وضع إعلانات أو لافتات على هذه الواجهات والمباني.


مواضيع متعلقة