"حدوتة وفستان قديم".. "زينة" عثرت على منزل جدها بفلسطين بعد 70 سنة تهجير

كتب: عبدالله مجدي

"حدوتة وفستان قديم".. "زينة" عثرت على منزل جدها بفلسطين بعد 70 سنة تهجير

"حدوتة وفستان قديم".. "زينة" عثرت على منزل جدها بفلسطين بعد 70 سنة تهجير

مفتاح العودة الفلسطيني، ليس أبكم ولكنه متحدثٌ بليغ، يروي حكاية اللجوء الفلسطيني وجرح النكبة النازف منذ 7 عقود، يحتضنه الجد ويحمله الأب، ومن جيل إلى جيل ينتقل وتنتقل معه ذات الإرادة المتشبثة بالعودة إلى الأرض والمنزل الذي هجروه قسرا، يحمل ذاكرة وأسرار وحكايات المشتاقين للعودة لديارهم.

يعلق عليه الفلسطينيون المهاجرون من فلسطين الأبية على مدار العقود الماضية، آمال العودة إلى منازلهم وبيوتهم المغتصبة، يتشبثون به مؤمنين أنه سيقودهم لمنازلهم وأوطانهم من جديد، يورثونه لأبنائهم مع الآمال والإيمان واليقين بالعودة، مفتاحٌ حققت به "زينة أبو ميتا" حلم جدها وعادت للديار بعد رحلةٍ طويلة.

حكايات والد الشابة الفلسطينية لابنته عن تهجيره مع جدها وهو في السادسة من عمره، وانتقاله من دولة لأخرى للبحث عن الاستقرار، ظلت عالقة في ذهنها، تحلم دائما بالعودة إلى مدينتها الأم في عكا، ورؤية منزل جدها الذي عاش فيه والدها طفولته الأولى، قبل أن تقرر في سن الثلاثين البحث عن منزل والدها واستعادة الذكريات.

خيط رفيع التقتطه الفتاة الفلسطينية خلال محاولاتها للبحث عن منزل جدها، الذي غادرته الأسرة بالقوة منذ أكثر من 71 عاما، بتعرفها على شاب فلسطيني يدعى طارق البكري، يساعد المهجرين على إيجاد منازلهم، لتسافر له رفقة خطيبها طمعًا في اصطياد معلومة تدلها على المنزل المفقود.

"كعودة الروح إلى الجسد".. أحاسيس متضاربة شعرت بها فور أن وطأت قدمها أرض مدينتها عكا، ما بين الفرحة والسعادة لعودتها لوطنها الذي تزوره لأول مرة، والحزن لعدم مقدرتها طوال تلك السنوات من زيارته أو العيش فيه مرة آخرى، ثم مرت في طريقا متجهة نحو الشاب الفلسطيني "طارق" لمساعدتها.

"طارق" شاب فلسطيني يساعد المهجرين من أرضهم على إيجاد منازلهم

قبل 8 سنوات بدأ "طارق"، مبادرة لمساعدة الفلسطينيين المهجرين في العثور على منازلهم، وذلك بالاعتماد على 3 وسائل، التوثيق البصري بالصور المختلفة للمنزل، الخرائط، والحكايات الشفوية، "في حالة زينة كان الوضع صعب لعدم وجود صور للمنزل أو خريطة توضح مكانه، فكان الاعتماد على الرواية الشفهية" على حد قوله.

معلومات عديدة حرص صاحب المبادرة على استخراجها من ذاكرة "زينة" وحكي والدها لها، عن أبرز الأماكن المحيطة بالمنزل وأسماء الأسرة والأقارب، "توصلت لأحد أقارب زينة كانت جدته شقيقة جدة زينة"، وفقا لحديثه لـ"الوطن"، ما أرشده إلى المنزل الذي كان خاليا رغم أن الاحتلال كان يعطي هذه المنازل للمستوطنين، ليبشر زينة بالأمر.

زينة: ارتديت الفستان الذي ورثته أمي عن جدتها خلال زيارتي لعكا

فور علم "زينة" بإيجاد المنزل، فتحت حقيبتها وأخرجت فستانا قديما، أكلت منه "العتة" ولكنه ظل محتفظًا بقوامه، تفوح منه رائحة جدتها التي طالما لازمتها حتى عقب وفاتها، تعود حكايته لجدتها التي سلمته لابنتها والدة زينة، لتصبح الفتاة الشابة الوريث الشرعي له، مع وصية من الوالدة بأن ترتديه إذا وجدت المنزل وذهبت لهناك.

على بعد خطوات من "طارق"، وقفت زينة للمرة الأولى أمام منزل جدها، تشتم رائحة زمن مر عليه عقود من الزمان، طيف الأحبة يحوم حولها، ليسكن في قلبها الاطمئنان والسكينة، ها هنا وقفت جدتها تطهو لأبنائها، وفي ذلك الركن البعيد ناضل جدها ضد الاحتلال، "ما أجمل الأيام تمضي غفلةً زمن الصفاء يمر في عجلات" هكذا عبر الشاعر بكر موسى هارون إذ يصف  شعور الفتاة ببلوغها مرادها، هنا فلسطين بيت الجد والجدة، ها هو قد عاد.


مواضيع متعلقة