قانون الخدمة المدنية مسمار في نعش "إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه"

كتب: ماهر هنداوي

قانون الخدمة المدنية مسمار في نعش "إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه"

قانون الخدمة المدنية مسمار في نعش "إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه"

"إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه" مثل شعبي دارج بين طبقات المجتمع المصري، توارثته الأجيال عبر عقود طويلة من الزمان، احتذى به وسار على دربه أجيال متعاقبة من الشباب، والخريجين.

وكان يُضرب هذا المثل للدلالة على أن الوظيفة الحكومية، أكثر أمنًا وأمانًا واستقرارًا للموظف وأسرته، من القطاع الخاص والعمل لدى الغير، لأنهم كانوا يرون في الوظائف الحكومية، كل الامتيازات التي لا تتوافر في هيئات ومؤسسات وشركات ومصانع القطاع الخاص، من تأمين صحي واجتماعي ومعاش مضمون وغيرها، بينما يعتبرون العمل بالقطاع الخاص، وظيفة غير مستقرة، قد يستغى فيها صاحب العمل عن موظفيه في أي لحظة شاء.

قانون العمل الموحد أعطى امتيازات كثيرة للعاملين بالقطاع الخاص 

لذلك حتى وقتنا الحاضر، على الرغم من صدور العديد من القوانين واللوائح، مثل قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 المعروف بقانون العمل الموحد، الخاص بأوضاع العاملين بالقطاع الخاص، الذي أعطى امتيازات كثيرة للعاملين بالقطاع الخاص لم تكن فيما سبقه.

إلا أنه حتى الآن، نجد التسارع والتنافس والتحفز بين الغالبية العظمى من الخريجين على الالتحاق بوظيفة حكومية، وإن قل راتبها عن مرتبات وظائف القطاع الخاص، وظل الزحف والإقبال على العمل الحكومي، إلى أن وصل الأمر إلى أن أصبح عدد العاملين بالجهاز الإداري للدولة، يفوق عدد المكاتب والمنشآت، وأصبحت الدولة تشعر بوجود ترهل كبير في الجهاز الاداري للدولة.

الإصلاح الإداري للجهاز الحكومي والقضاء على الترهل أحد ثمار ثورة 30 يونيو 

إلى أن جاءت ثورة 30 يونيو، وزوال نظامي مبارك والإخوان، وبدأ عصر ثورة الاصلاح الإداري في الدولة، منذ بداية عهد الرئيس السيسي في عام 2014، وبدأت ثورة تطهير وتنقية واصلاح الجهاز الاداري، من الفساد والارهاب، والقضاء على عوامل البيروقراطية والروتين، التي كانت تعرقل مصالح المواطنين، وتؤخر قضاء احتياجاتهم، على مدار العقود الماضية.

كان صدور قانون الخدمة المدنية، رقم 81 الصادر في فبراير 2016، ولائحته التنفيذية الصادرة في مايو 2017، الذي جاءت مواده لتسير مواكبة لاتجاه الدولة للاصلاح الاداري، ومن بينها المادتان 12 و13، التي نصت كل منهما، على عدم الاعلان عن وظائف بالحكومة، إلا عند الاحتياج لها، وبقرار من رئيس مجلس الوزراء، واجراء مسابقة يشرف عليها الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.

وكذلك تضمنت المادتان 12 و13، أن الدولة غير ملزمة باجراء مسابقتين للتعيينات في شهري يناير ويوليو، إلا عند الاحتياج للوظائف وسد العجز بالجهاز الإداري للدولة، وذلك بهدف تنفيذ خطة الإصلاح الإداري والقضاء على حالة الترهل الشديد التي وصل إليها الجهاز الإداري للدولة، بوجود أكثر من 6.5 مليون موظف حكومي.

انخفاض معدلات العاملين بالجهاز الإداري للدولة إلى 5.4 مليون موظف 

ونجح الإصلاح الإداري في تخفيض معدل العاملين بالجهاز الاداري للدولة، "الحكومة" إلى حوالي 5.4 مليون موظف، ليكون قانون الخدمة المدنية بمثابة، دق مسمار في نعش المثل الشعبي الدارج "إن فاتك الميري اتمرمغ في ترابه"، حتى اضطر الخريجون مجبرين على صرف النظر عن الالتحاق بالوظيفة الحكومية، واللجوء إلى البديل المتمثل في القطاع الخاص.


مواضيع متعلقة