ذكرى انهيار "صخرة الدويقة" حكايات الدم والألم والأحلام المدفونة

ذكرى انهيار "صخرة الدويقة" حكايات الدم والألم والأحلام المدفونة
رأى "خالد" الموت يسير بين الناس وتحت قدميه، رآه يهوى على من حوله واضعا نهاية مروعة لكل شيء، هدوء الصباح وصمت المنازل، الانهيار العظيم، والصرخات الصاخبة، ضباب الجهل بما حدث يملأ كل مكان.. خرج مسرعا محاولا معرفة ما يجري، هام على وجهه في الشوارع مستجديا الاطمئنان من المحيطين. يسأل الصارخين حوله ولا مجيب.
يقترب أكثر من مكان الانهيار فيجد نفسه أمام ما عرف بعد ذلك بـ"صخرة الدويقة" ترقد بقسوة على منازل النائمين، لتزيد سكينتهم سكينة وتشعل قلب من كانوا بعيدين عن المكان ألما وحسرة.
12 عاما مرت على ذكرى سقوط صخرة الدويقة على رؤوس الغلابة، يروي خالد معروف، أحد الناجين من الحادث، لـ"الوطن"، كواليس ما جرى.
يعود خالد للتاسعة من صباح يوم السبت 6 سبتمبر 2008، الموافق 6 رمضان 1429: "استيقظت فزعا على أصوات صراخ وانهيار، لم أكن أعلم حينها أنا وأسرتي ما يحدث في الخارج".
لم يستطع الشاب استيعاب ما حدث، وقف شاردًا محدقًا في الأنقاض التي تبتعد عن منزله البسيط بـ 100 متر: "أنا عمري 45 سنة، دي أكتر مرة حسيت فيها إن الموت قريب مني"، فكان الغبار يغطي كل شيء، منازل جيراني وأصدقائي انهارت وأجسادهم تحت الصخور، وآثار الدماء في كل مكان".
وحادث "صخرة الدويقة"، في عام 2008، هو الأكبر من نوعه في مصر، دمر أكثر من 166 مسكنًا، وراح ضحيته نحو 119 شخصًا، وأصيب 55 آخرين، حسب البيانات الرسمية.
لم يستطع "خالد"، رؤية أصدقائه وجيرانه تحت الأنقاض دون مساعدتهم، وظل يعمل مع أبناء المنطقة في مساعدة قوات الحماية المدنية في استخراج الجثث من تحت الأنقاض: "فضلنا نساعد لمدة 3 أيام متواصلة، كنت بخرج صحابي متوفين تحت الأنقاض، بعد ما الصخور تركت آثارها على أجسادهم من جروح عميقة".
أحلام عديدة كان شاهدا عليها دفنت تحت الصخور، فأحد جيرانه كان يحتفل بمولوده الأول الذي رزق به بعد سنوات من الانتظار: "كان عامل عقيقة في يوم سقوط الصخرة، والأسرة كانت تجتمع لتحضير العقيقة".
أم جمال.. سيدة أخرى كانت تسكن بجواره وأحد ضحايا الحادث، كانت تعيش في شقة صغيرة عبارة عن غرفة وصالة، مع ابنها وزوجته: "كانت طيبة جدا، وبتساعد الناس، طول عمرها كانت بتحلم أن تخرج من الدويقة، لكن كتب لها أن تدفن بها".
الحادث الأليم لا يبرح رأس خالد حتى الآن: "أشعر بالزعر والأرق، كأن الواقعة التي هزت الرأي العام باتت لعنة تطاردني باستمرار، دون أن أجد ملجأ منها غير الدعاء بالنسيان".