"حورية المقابر" تعاني من العجز وبتر أصابع القدم: "عايزة أوضة تسترني"

كتب: أحمد ماهر أبوالنصر

"حورية المقابر" تعاني من العجز وبتر أصابع القدم: "عايزة أوضة تسترني"

"حورية المقابر" تعاني من العجز وبتر أصابع القدم: "عايزة أوضة تسترني"

بعد أعوام طال أمدها، عاشت حورية عويس، في هدوء تام وسط رفات الأموات، بمقابر الغفير بمحافظة القاهرة لم تزعجهم يوما، ولم تعكر صفوهم، عقود طويلة قضتها حورية الملقبة بـ"الحاجة" على الرغم من أنها لم تزر الكعبة المشرفة من قبل، إلا أن بعض سكان المقابر أطلقوا عليها ذلك اللقب تباركا به إلى جانب محاولة تحسين حالتها المعنوية بعد بتر أصابع قدمها.

في عام النصر كانت بداية علاقتها بالمقابر، حيث انتقلت إليها رفقة زوجها الذي كان قد أصيب حينها بقطع في ذراعه أقعده عن العمل لسنوات عديدة اقتربت من الثلاثين، حتى بلغ من العمر 65 عام حتى استطاع الحصول على المعاش.

منذ قدومها للمقابر عاشت السيدة الستينية، على بيع المناديل لزوار المقابر حتى تتمكن من الإنفاق على زوجها القعيد وابنتها الوحيدة: "عايشة بقالي أكتر من 45 سنة في حوش الشربيني، جيت هنا مع جوزي الله يرحمه بعد ما دراعه اتقطع وهو شغال في المعمار وصاحب الشغل قال مليش دعوة بيه وملوش تأمين، وطرده، ومكنش معانا فلوس ولا أي حاجة، فجينا هنا قعدنا عند صاحب الحوش، وكنت بسترزق من بيع المناديل لزوار الترب، فضلت 30 سنة أراعيه لأنه كان قاعد من غير شغل وفي أواخر أيامه مكنش بيقدر يتحرك، وكنا بننام على الأرض طول المدة دي".

داخل الحوش الذي كانت تعيش بداخله "الحاجة" كان بعض الجيران يساعدون في إزالة سقف الغرفة الخشبي التي كانت تحمي العجوز من البرد القارس والحر الشديد، وبعد أن علمت أنه لزاما عليها ترك الحوش حتى تقوم الشركة المنفذة لمشروع محور الفردوس، بهدمها وإضافتها للطريق من أجل توسعته، احتارت في أمرها، فكيف لها أن تتصرف وإلى أين ستذهب، ولكن سكان المقبرة المقابلة لها عرضوا عليها العيش في كنفهم، لكي تصبح الفرد الخامس عشر في الأسرة يعيشون معا في غرفة صغيرة بجوار الرفات.

جدران الغرفة التي كانت تعيش بها العجوز تشهد على العلاقة القوية التي ربطت السيدة وبنتها وزوجها بالحوش، آثار رمال وتكسير وبعثرة أشياء وكرسي متحرك، وحصيرة، فقط هم الناجون من آثار الهدم: "الراجل صاحب الحوش لما شاف حالة جوزي قبل ما يموت، صعبنا عليه وقال لينا اقعدوا هنا براحتكم، وفضلنا عايشين على بيع المناديل، لحد ما جه موضوع الهدد".

تنهمر دموع العجوز فجأة وكأنها تذكرت شيئا يؤلمها، نظرت إلى السماء ثم إلى الأرض، وأشارت إلى أصابع قدمها المقطوعة بعد أن تمكن منها مرض السكري وأصاب قدمها بغرغرينه أوجبت قطع عدد من أصابع القدم اليسرى: "عايزة أوضه بس أقعد فيها، فضوا الحوش علشان يهدوه، وأنا مليش حق في أي حاجة، لأن الحوش حتى مش بتاعي، بس أنا نفسي في أوضه تلمني بدل ما اترمي في الشارع". 


مواضيع متعلقة