ردت فرنسا جمجمته قبل أيام.. حكاية مصري أشعل ثورة الجزائر

كتب: عبدالله مجدي

ردت فرنسا جمجمته قبل أيام.. حكاية مصري أشعل ثورة الجزائر

ردت فرنسا جمجمته قبل أيام.. حكاية مصري أشعل ثورة الجزائر

قبل أيام استعادت السلطات الجزائرية، رفات وجماجم 24 من ضحايا المواجهات مع الاستعمار الفرنسي، وكان من بينهم مصري شارك في المقاومة الجزائرية، يدعى موسى بن الحسن المصري الدرقاوي، أو صاحب الجمجمة رقم 5942، حيث قامت فرنسا بنقل جثامين الضحايا ورفاتهم إلى متحف الإنسان بباريس، وعلى مدار أكثر من 170 عاماً حملت جمجمة الدرقاوي الرقم 5942 حتى عادت إلى الجزائر مع آخرين، يوم الجمعة الماضي.

مطار هواري بومدين بالجزائر العاصمة، كان شاهدا على استقبال الرفات والجماجم بحضور الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، حيث جرت مراسم استقبال جنائزية رسمية لها، ونقلت إلى قصر ثقافة "مفدى زكريا" لتمكين المواطنين من إلقاء النظرة الأخيرة عليها، قبل أن توارى الثرى، في مربع الشهداء بمقبرة العالية بالجزائر العاصمة.

محمد بن أحمد الأمين الدرقاوي، أحد أحفاد الشيخ موسي، يروي لـ"الوطن"، محطات من حياة جده والتي سمعها من والده، حيث بدأ "الدرقاوي" رحلته خارج مصر في القرن الـ18، حينما قرر السفر إلى سوريا، وظل بها لفترة قصيرة، ثم انتقل إلى تركيا وظل بها ما يقرب من عامين، ليقرر الانتقال إلى غرب الجزائر، وفيها درس بعض العلوم الشرعية على يد الشيخ محمد بن حمزة ظافر المدني.

بعدما تلقي العلوم الشرعية، عمل "الدرقاوي"، على نقل الطريقة الشاذلية الصوفية في مدينة الأغواط بوسط الجزائر عام 1829، حيث استقبله سكانها بكل ترحاب، وبعد فترة انتقل منها إلى مدينة مسعد، فامتد صيته لمدينتي قصر البخاري ومدية.

لم يكتب لـ"الدرقاوي" رؤية ابنه الوحيد، فعقب استشهادة بعدة أشهر تبين أن إحدى زوجتيه حاملا، وأنجبت ولدا أسمته أبو بكر، وسار على نهج والده في أتباع الطريقة الصوفية ونشرها في الجزائر بين الناس، وأنجب أبو بكر ولدا سمي أحمد الأمين.

رغم أن جذور العائلة في مصر، إلا أنه لا يوجد أي تواصل بين فرع العائلة في مصر وباقي العائلة في الجزائر، "لكننا نتمني أن يكون هناك لقاء يوما ما نستجمع فيه تاريخ العائلة ويكون هناك تواصل مستمر، ونتمي زيارة مصر قريبا".

الذهول.. كان الأحساس المسيطر على "محمد"، حينما وقف أمام جمجمة رأس جده الأكبر والتي حملت رقم "5942" الذي حارب من أجل الحفاظ على الجزائر، "تخيلت مسيرته ونضاله التي سمعتها أمام عيني"، كذلك تفخر الأسرة بما قدمه الجد في هذا الوطن.

أستاذ تاريخ جزائري: الوثائق دونت مسيرة كفاح الدرقاوي

أستاذ التاريخ الجزائري، جمعي الطاهر، يروي لـ"الوطن"، سيرة الشيخ موسي البارزة في التاريخ الجزائري، والتي دونت أنه وُلد في ضواحي مدينة "دمياط" المصرية في نهاية القرن الثامن عشر حوالي عام 1796، من أب يدعى "الحسن" توفي وتركه صغيرا. فربّاه جدّه المسمى "الحسين الجندي الرازي".

في عام 1826، قرر "الدرقاوي"، الانتقال إلى طرابلس ومكث بها لفترة، ثم منها انتقل للمغرب وظل بها لسنتين، ثم غادر نحو الأغواط في الجزائر، ومكث بها عامين، انتقل بعدها لمدينة مسعد سنة 1831، حيث رحب به سكانها وأصبح له الكثير من المريدين، حسب حديث "جمعي".

مع توقيع الأمير عبدالقادر الجزائري معاهدة دي ميشال عام 1834 مع الفرنسيين، دعا "الدرقاوي" الناس للجهاد ضد فرنسا والأمير عبد القادر، وبالفعل نجح في تجميع الآلاف من حوله، ودارت بين الدرقاوي والأمير عبدالقادر معركة بالقرب من منطقة "وامري"، دامت حوالي 4 ساعات، انهزم فيها الدرقاوي، وتمت مطاردته من قبل الجنرال الفرنسي "ماري مونج" في مدينة مسعد، حيث مكث هناك 3 سنوات، فتوجه جنوباً نحو متليلي الشعانبة سنة 1847، حسب أستاذ التاريخ الجزائري.

في طريق "موسي" لخوض الجهاد ضد الفرنسيين وإسقاط الأمير عبدالقادر، كان أتباعه يزدادون بكثرة، وسار بهم صوب مدينة المدية بجيش وصل تعداده حوالي 3000 فارس و2000 من المشاة، وخاض هناك عدة معارك حتى فرض عليه حصار في مدينة "بسكرة"، وجري محاصرته هناك من قبل الفرنسيين، حتى صدرت الأوامر بإبادة سكان الـواحـة بمن فيهم الأطفال، النساء والشيوخ في 26 نوفمبر 1849، وصدرت الأوامر بقطع رأس زعيم الثورة الشيخ بوزيان ورأسي ابنيه والشيخ الحاج موسى الدرقاوي وتعليقهم على أحد أبواب مدينة بسكرة.


مواضيع متعلقة