بلازما المتعافين من كورونا.. بين التبرع والتجارة الحرام

بلازما المتعافين من كورونا.. بين التبرع والتجارة الحرام
- البلازما
- الجيش الابيض
- وزارة الصحة
- فيروس كورونا المستجد
- كوفيد19
- covid 19
- البلازما
- الجيش الابيض
- وزارة الصحة
- فيروس كورونا المستجد
- كوفيد19
- covid 19
على أسرَّة عديدة متكدسة داخل المستشفيات، يتراصون تحت أجهزة التنفس الصناعي الذي اتخذوه سلاحا جديدا في مقاومة رئتهم للفيروس الذي أنهكها حربا بشكل مخيف، في انتظار العلاج لينهي تلك المعاناة على يد أبطال الجيش الأبيض، بينما وضع آخرون بالخارج أنظارهم عليهم، في انتظار مغادرتهم للمستشفى، لفتح المزاد على دمائهم والمتاجرة بها لشفاء آخرين من كورونا المستجد "كوفيد 19".
حرب ضروس طرفيها فيروس مستجد حصد أرواح الآلاف حول العالم وآخرون يرفضون الاستسلام متسلحين بالأمل، معادلة تختلف نسب الفوز فيها من بدن لآخر، بينما في الجانب الآخر يقف "تُجار أرواح" ينتظرون من ينتصر في الحرب من البشر على فيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد -19 ليستغلوا دماء تعافيه في بيعها لآخرين يطلبون النجدة تحت أي مقابل.
في مطلع الأسبوع الجاري، أعلنت وزارة الصحة والسكان نجاح تجربة حقن المصابين بكورونا ببلازما المتعافين من الفيروس، لعلاج الحالات الحرجة، والذي بدأ تجربته، منذ نهاية أبريل الماضي، حيث أظهرت التجربة نتائج مبدئية مبشرة من خلال نسبة تعافي جيدة للمرضى، وتقليل احتياج المرضى لأجهزة التنفس الصناعي مع زيادة نسب الشفاء وخروج المرضى من المستشفيات، ومنذ ذلك الحين سارع الكثيرون لدعم التبرع عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتدشين مجموعات، ليظهر بينهم من حاول استغلال الأزمة عبر "التبرع" و"السمسرة"، وهو ما وثقته "الوطن" في رحلتها للكشف عن رواد السوق السوداء لبيع بلازما متعافي كورونا.
تهافت المتعافون على نشر استعدادهم للتبرع بالبلازما من أجل علاج المرضى والحالات الحرجة، بعد مرورهم بتجربة مؤلمة، من بينهم شاكر خير، القاطن بمنطقة عين شمس، حيث سارع بزيارة مستشفى جامعة عين شمس وإجراء الفحوصات التي أثبتت قدرته على التبرع لحوالي 4 أفراد، وهو ما أسعده بشدة.
بعد عودته من المستشفى استعدادا للتبرع، كتب عبر صفحته بموقع "فيس بوك"، تجربته ورغبته في التبرع مرة أخرى خلال الشهر الحالي، ليفاجأ بعدها الرجل الأربعيني بكم كبير من الاتصالات من أرقام مجهولة لطلب الحصول على البلازما منه، وهو ما قابله بالرفض الشديد، لكن الطرف الآخر لم يقبل بذلك وخاضوا معه مفاوضات كبيرة وصلت لـ3 آلاف دولار مقابل كيس الدم الواحد، إلا أن المتعافي لم يأبه بهذه الصفقة المريبة.
قال المتعافي شاكر،"اتعرض عليا أبيع بلازما دمي بـ1000 دولار من سمسار وسيط بين أسرة المصاب وبيني ولما سألته وانت هتاخد كام قالي هاخد زيهم"، لم يملك الرجل الأربعيني نفسه وأغلق هاتفه في وجه المتصل بعد أن وبخه بالكلام، حسب تعبيره.
وهو أيضا ما تعرض له محمود أحمد، المتعافي من كورونا، حيث تلقى قبل ساعات قليلة، اتصالا هاتفيا يعرض عليه بيع البلازما لصالح شخص آخر بدافع مرضه الشديد، بصوت يملؤه الهلع والخوف، مقابل 20 ألف جنيه.
"قولتله أنا ممكن أروح المستشفى أتبرع عادي، قالي لا التبرع هيبقى بمعرفتنا، وقالي حكاية فهمت إنها كدب".. كلمات رنانة اخترقت أذن الشاب العشريني، الذي فطن إلى أنها تجارة فاسدة، لم يرضخ لها، مؤكدا رفضه لذلك "بيتاجروا باسم ربنا"، واستعداده في التبرع بشكل سليم عبر مستشفيات وزارة الصحة.
التجارة بالدم على خلافهم، لمعت الأموال في عينه، وباتت هدفه، ليكون أحد أفراد المتعاونين مع السوق السوداء لبيع البلازما، حيث سارع "أ. ر"، إلى إعلان استعداده الكبير في بيع دمائه من أجل الاستفادة منها، بحجة شفاء الآخرين من أصحاب الحالات الحرجة، بشرط ألا يقل المبلغ عن 10 آلاف جنيه "وبين البايع والشاري يفتح الله"، على حد قوله.
بعد أيام من تعافي "أ"، وخروجه من مستشفى دمنهور التي مكث فيها للعلاج 15 يوما، قال إنه تلقى اتصالات عديدة لشراء البلازما
"بس مكنش حد جاد، وأنا لازم الجدية الأول بالنسبة ليا قبل أي حاجة"، على حد قوله، حيث لم يخجل من إبداء رغبته في تحديد المال، منوها بأنه تم عرض 20 ألف جنيه عليه.
وبعد مفاوضات، طلب المتعافي البائع للبلازما 15 ألف جنيه مقابل تقديمه لها، ثم رضخ لحوالي 12 ألف جنيه، مؤكدا أن ذلك "هو أقل سعر"، حيث اشترط توفير سيارة لنقله من منزله إلى باب المستشفى التي سيقدم فيها البلازما للحالة، ليدعي حرصه الشديد على المصاب بكورونا وكونه في وضع حرج يحتاج لسرعة التصرف للضغط النفسي على المشتري.
وبالحديث معه، اتضح أنها شبكة كبيرة في دمنهور يديريها أفراد على علم ودراية، حيث رفض بشكل كبير في 3 اتصالات إرسال أي بيانات شخصية أو نتيجة المسحة للتأكد منها، قائلا: "قالولي مينفعش علشان ميتعملش محضر ليك بيها"، وهو ما أظهر وجود شبكة خفية لإدارة ذلك الأمر مع أفراد آخرين، مضيفا: "متقلقش هاجي بكره ومعايا الملف بتاعي وكل حاجة".
مع تكرار الطلب للإطلاع على النتائج والتحاليل له، قال: "أنا في ناس تانية عارضة عليا في إسكندرية وجادين، لو هنفضل كده هتضيع الحالة اللي عندك وهروحلهم بسعر أحسن"، ليظهر التجرد البالغ في المشاعر الإنسانية مقابل المال.
سماسرة البلازما لم يقف الأمر عند ذلك الحد فقط، حيث اتضح استغلال فئة انسلخت عن احتياجات المجتمع لتفضيل المال، من خلال إدارة شبكة للتجارة بالبلازما التي يحتاجها آلاف المرضى من فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، حيث تواصلت "الوطن" أيضا مع أحد سماسرة الدم، من خلال شخصية وهمية، على اعتبار بيع البلازما له.
اتصال هاتفي بسيط مع السمسار "ط"، الذي لم يكشف عن هويته سريعا وطلب التأكد من المتصل أولا قبل أن تجذبه فكرة استقطاب أكثر من فرد للاستيلاء على البلازما، حيث أكد قابلتيه للحصول على الدم من المتعافين بشرط وجود تحاليل طبية تثبت ذلك ومسحة للتعافي من كورونا، على أن سيتم توفير خدمة خاصة بنقل البائعين لدمائهم من المنزل وحتى المكان المخصص لذلك.
وفرض "ط" السرية التامة عن الجهة التي سينقل لها الدماء، مدعيا أنه يقدم خدمة خيرية "بنعمل لصالحكوا وأنتوا أكيد غلابة ومحتاجين، ولصالح المرضى اللي لا حول لهم ولا قوة"، مستغلا الأزمة الحالية بين عدة فئات بالشعب.
المثير للجدل هو تفاوضه للثمن، حيث تساءل بشأن الرغبة في المقابل بأن يكون بالجنيه المصري أم بالدولار الأمريكي، حيث تراوح الأمر بين 25 وحتى 25 ألف جنيه قابلة للزيادة في حال وجود أكثر من شخص للتبرع، مؤكدا الامتناع عن الإدلاء بأي تفاصيل بخصوصه، حيث يظهر الأمر تفاوضه مع جهة أخرى بشأن المال والتفاصيل لعملية البيع.
الصحة: يجب الإبلاغ عن المتاجرين بالبلازما
الدكتورة جيهان العسال، نائب رئيس اللجنة العلمية لمكافحة كورونا، نددت بظهور السوق السوداء للتجارة ببلازما متعافي كورونا، مطالبة بسرعة الإبلاغ عن القائمين على ذلك الأمر سريعا.
وشددت العسال، لـ"الوطن"، على مختلفة ذلك التبرع الإنساني للحالات الحرجة المصابة بكورونا، مقابل عدة آلاف، والتي تتجه لأشخاص غير جديرين بذلك، بينما يحتاجها الآلاف من المصابين بالفعل، مشيرا إلى أن وزارة الصحة ستتخذ إجراءات حاسمة تجاه أي مؤسسة أو مستشفى يثبت اتباعها لتلك الطريقة بشكل غير قانوني.
وتابعت أن عملية التبرع التي تتم خارج وزارة الصحة تجري من خلال طريقة غير صحيحة، حيث إن البلازما تعتبر جزءا من مكونات الدم البشري والتي يتم استخلاصها بطريقة معينة، وبحث توافقها مع الحالات الأخرى قبل الحقن، للتأكد من فاعليتها، حيث يجب توافر شروط أساسية بين الطرفين.
سراج الدين: إجراءات محددة لقبول المتعافي تتم خلالها عملية التبرع بالبلازما
إجراءات قانونية محددة يتبعها خدمات نقل الدم القومية لقبول المتعافي، أوضحها الدكتور إيهاب سراج الدين، مدير عام خدمات نقل الدم القومية، في حديثه لـ"الوطن"، أولها أنه لا يجوز أن يصطحب أهالي الحالة أي متبرع معه بنفس الفصيلة إلى بنك الدم للتبرع بالبلازما، معتبرًا ذلك تقنينا للسوق السوداء لبيع البلازما.
وتتم عملية التبرع من خلال آلية محددة، أوضحها سراج الدين، تتمثل في التواصل المستمر مع اللجنة العليا لعلاج فيروس كورونا بخاصة غرفة الأزمات التي تمدهم بأسماء المتعافين وأعمارهم وتاريخ آخر مسحة سلبية، وبعد فلترة الأسماء لاختيار من يصلح للتبرع بالبلازما يتم التواصل معهم مباشرة بالهاتف لتحديد الوقت المناسب ليهم للتبرع بالبلازما، وسؤالهم على الأسئلة الأساسية التي يمكن من خلالها استبعاد بعضهم.
عند حضور المتعافي يتم استقباله من خلال فريق مدرب من أفضل الأطباء في خدمات نقل الدم، ويشرح له عملية التبرع، وتستغرق عملية التبرع ساعة واحدة فقط من بداية دخول المتعافي للمركز حتى خروجه، تنقذ حياة 2 مرضى لأن كل متعافي يمكنه التبرع بكمية تصلح لعلاج 2 من المرضى، بحسب قول سراج الدين.
ما التحاليل التي يخضع لها المتعافي؟
التحاليل تتمثل في تحليل فصيلة الدم وتحاليل الأجسام المضادة للفصيلة وتحاليل فيروسية للكشف عن الكبد الوبائي B والكبد الوبائي C والإيدز والزهري، وهي تحاليل مكلفة يصعب عملها خارج أي جهة حكومية، إلى جانب تحليل الحمض النووي للكشف عن الفيروس الكبدي الوبائي B و C للوصول إلى أعلى درجات السلامة للبلازما.
إلى جانب أنه يتم إجراء تحليل للكشف عن الأجسام المضادة لفيروس كورونا، ويتم اكتشاف نسبتها وكفاءتها، لأنه قد تكون موجودة في البلازما ولكن ليست بالكفاءة التي تفيد المريض، وكل تلك التحاليل تتم من خلال خدمات نقل الدم القومية ووزارة الصحة والمعامل المركزية، ولذلك لا يجوز التحرك مع أي متعافٍ للتبرع بالبلازما دون تلك الخطوات.
مراكز عدة يمكن خلالها التبرع ببلازما الدم أوضحها سراج الدين، أولها المركز القومي لنقل الدم بالعجوزة، وهو المركز الرئيسي التابع لخدمات نقل الدم القومية، إلى جانب مراكز إقليمية في الأقصر والمنيا وطنطا والإسكندرية، لتصبح بذلك 5 مراكز أساسية على مستوى الجمهورية.
وأكد سراج الدين أن تلك العملية خدمة مجانية سواء لمرضى المستشفيات الحكومية أو الجامعية أو حتى الخاصة، جميعهم مسؤولون من وزارة الصحة.
وأوضح سراج الدين أنه لا يمكن إجراء تلك التحاليل إلا بالجهات الحكومية أو وزارة الصحة، وأي جهات أخرى لن يكون لديها القدرة على إجراء تلك التحاليل.
أما عن فصائل بلازما المتعافين، أوضح سراج الدين أنها تحتوي على أجسام مضادة كدور مساند لمرضى فيروس كورونا، كل مريض يأخذ الفصيلة الخاصة به من البلازما.
وأوضح سراج الدين أن دور خدمات نقل الدم القومية يتمثل في توضيح الخطوات الكاملة المتبعة لقبول المتعافي للتبرع بالبلازما، أهمها أن يدرج اسمه ضمن قائمة المتعافين المعتمدة من الصحة والتي يتم استلامها بشكل يومي من وزارة الصحة لخدمات نقل الدم القومية.
وتابع، بعض المتعافين الذين يطلبون التبرع تطوعا منهم، يتم التأكد من صدق التحاليل وصلاحيتها من خلال التواصل مع غرفة الأزمات مع وزارة الصحة للتأكد من كونه متعافيا ونتيجة آخر مسحة سلبية.
ووجه سراج الدين، رسالة للمتعافين ناشدهم فيها بالتبرع بالبلازما لإنقاذ حياة 2 من المرضى، معبرًا بقوله: "هناك بعض الحالات التي تكون في حالة ماسة".
وناشدهم بالتبرع في الأماكن المحددة لخدمات نقل الدم التابعة للصحة سواء من خلال الاتصال على الرقم 15366 أول من خلال التسجيل على الصفحة الرسمية لخدمات نقل الدم القومية على فيس بوك.
قانوني: يجب وضع تشريع لمنع تلك التجارة غير الرسمية
ومن ناحيته، أكد الدكتور نبيل سالم، أستاذ القانون الجنائي، أنه لا توجد عقوبة قانونية على التجارة بالدم، والتي لا تندرج تحت بند تجارة الأعضاء في القانون رقم (142) لسنة 2017، حيث إن التبرع يتم بموافقة المتبرع وبحرية شخصية كاملة ولم يظهر من قبل ذلك الأمر.
وأضاف سالم أن ظهور السوق السوداء للتجارة ببلازما المتعافين من كورونا، يستدعي تدخل المشرع المصري وأن يسن قانونا لتنظيم تلك العملية، وفرض عقوبات رادعة لتجريم تلك التجارة بطريقة غير قانونية، بينما يحتاجها آخرون بشدة.
وينص القانون رقم (142) لسنة 2017، بتعديل بعض أحكام القانون رقم (5) لسنة 2010، بشأن تنظيم زرع الأعضاء البشرية، في مادته (19) على أن: "يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه، ولا تزيد عن مليوني جنيه كل من نقل بقصد الزرع أو زرع العضو المنقول عن طريق التحايل أو الإكراه، وتتطبق ذات العقوبة إذا وقع الفعل على جزء من عضو إنسان حي، فإذا وقع الفعل المشار إليه على نسيج بشري.
وأن تكون العقوبة السجن المشدد، وتكون الإعدام إذا ترتب على الفعل المشار إليه في الفقرة السابقة وفاة المنقول منه أو إليه".
أمين الفتوى: المشاركة في تلك التجارة هي إثم عظيم
لم يختلف رأي الدين عن ذلك كثيرا، حيث أكد الشيخ خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنه لا شك أن استغلال الأزمة والبيع في السوق السوداء بهذه الطريقة حرام شرعا، وفاعله والمشارك فيه آثم، لما فيه من ضرر، حيث إن السوق السوداء للتجارب ببلازما متعافي كورونا غير أخلاقية وتدر ذنبا عظيما أمام الله سبحانه وتعالى.
وأكد عمران أنه في تلك المحنة التي يمر الشعب المصري وخاصة المصابين، يجب المواساة، فالمؤمن للمؤمن كالبنيان، والمؤمنون كالجسد الواحد يشد بعضه، وإذا اشتكى منه عضو دعا له سائر الأعضاء.
وتابع أن البيع في السوق السوداء والمخالفة بهذه الطريقة، سيدر ضررا كبيرا علينا، وسيجعل عددا كبيرا من المرضى غير قادرين على الحصول على العلاج، والمشاركة بها إثم كبير وينبغي أن يكون الناس بعضهم لبعض في حالة شكر خصوصا الذين من الله عليهم بالشفاء من المرض عليهم أن يقدموا الشكر العملي بالتبرع لهذا، داعية لسرعة التبرع عبر المناطق التي حددتها وزارة الصحة والسكان.
وكان مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية أكد أن يبيع المُتعافى بلازما دمهِ مُستغلًا الجائحة فلا يجوز شرعًا؛ إذ أن جسد الإنسان بما حواه من لحمٍ ودَمٍ ملك للخالق سُبحانه لا ملكًا للعبد، ولا يحق لأحد أن يبيع ما لا يملك، وقد نَهى رسول الله عن ثمن الدَّم صراحةً فيما يرويه عَوْنُ بْنُ أَبِى جُحَيْفَةَ، بينما لا يجوز قِياس بيع بلازما المُتعافين على بنوك الدّم؛ لأن وجود بنوك الدّم ضروري للتداوي والعلاج، أما بيع المتعافي بلازما دمه فإتجار محرَّم مُتَّفَق على تحريمه، وأشدُّ منه حُرمةً أن يُتاجِر المُتعافي بآلام الناس فيبالغ في ثمن دمه، ويعقد عليه مزادًا سريًّا أو علنيًّا، وأن يستغل حاجة الناس ومرضهم وفاقتهم؛ فهذه والله لأخس أنواع التجارة وأذمها؛ لمنافتها الدين والمروءة ولين القلب وكرم النفس وشكر النعمة؛ وهي صفات لا تليق بصحيح فضلًا عن أنْ يتعامل بها مريضُ الأمس مع مريضِ اليوم.