"قطاع الأعمال": نستهدف إنتاج 25 ألف سيارة كهربائية سنويا

كتب: محمود الجمل

"قطاع الأعمال": نستهدف إنتاج 25 ألف سيارة كهربائية سنويا

"قطاع الأعمال": نستهدف إنتاج 25 ألف سيارة كهربائية سنويا

أعطت الصين وماليزيا قبلة الحياة لشركة النصر للسيارات العريقة بعد مرور 11 عاما على قرار تصفية الشركة التي أسسها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1961 ضمن سلسلة من الشركات الوطنية حملت أغلبها اسم النصر مثل النصر للمقاولات والنصر للغزل والنسيج والنصر للأدوية وغيرها.

تعود أزمة شركة "النصر" لعام 2009 حين أصدرت الجمعية العمومية لشركة النصر للسيارات التابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية إحدى شركات قطاع الأعمال العام بتصفيتها منذ 11 عاما لعدم جدوى بقائها في ظل تقادم معداتها وتأخر التكنولوجيا التي تدار بها عن الركب العالمي قبل أن تتراجع في القرار بعد 7 سنوات وإلغاء قرار تصفية "النصر للسيارات".

تأسست شركة النصر لصناعة السيارات في عام 1961 حين انتهج الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في تلك الحقبة سياسة التنمية الصناعية الشاملة المتكاملة لشبكة من الصناعات الثقيلة والخفيفة فى آن واحد لقطاعات مثل الحديد والصلب والغزل والنسيج والألومنيوم والسيارات والأدوية.

كانت أهم الأعمدة الرئيسية التى بُنيت عليها الاستراتيجية الصناعية فى الحقبة الناصرية لتنقل الدولة المصرية من دولة زراعية بحتة، إلى دولة صناعية متقدمة تكنولوجياً، كما أرادها.

ناصر: "كانوا بيقولوا علينا زمان بنستورد إبرة الخياطة"

عند الافتتاح الرسمي لشركة "النصر" قال عبد الناصر في خطاب شهير في 21 يوليو 1961 بحضور تونكو عبدالرحمن، رئيس حكومة ماليزيا في ذلك الوقت: "زيارة شركة النصر لصناعة السيارات نشعر فيها بالتطور والتقدم فى حياتنا كلها، كانوا بيقولوا علينا زمان بنستورد إبرة الخياطة، كانوا بيقولوا علينا إن إحنا بلد زراعي، والآن نتجه إلى الصناعة".

بعد التأسيس انطلقت "النصر للسيارات" لتصبح في هذه الفترة من الشركات القليلة في منطقة الشرق الأوسط فى إنتاج اللورى والأوتوبيسات والجرارات الزراعية وسيارات الركوب، وتطور إنتاج الشركة تطوراً كبيراً بفضل العمالة الماهرة والمدربة عن طريق أكبر مراكز التدريب الألمانية، وتحول الحلم إلى حقيقة لتتحول إلى مشروع قومى وبدأت الشركة بـ290 عاملاً حتى وصلت لأكثر من 12 ألف عامل من العمالة الفنية المدربة، بالإضافة إلى العمالة فى مصانع الصناعات المغذية للشركة.

ونجحت "النصر" في إنتاج سيارة مصرية الصنع التي اشتهرت بـ "رمسيس" بأسعار منخفضة مقارنة مع نظيرتها المستوردة من الخارج، واستمرت فى إنتاجها من عام 1960، حتى توقف إنتاجها تماماً بحلول عام 1972.

لاقت السيارة "رمسيس" محلية الصنع منذ طرحها في الأسواق، ترحيباً وإقبالاً من المواطنين، تشجيعاً منهم للمنتج الوطني، بجانب سعرها المنخفض الذي كان يعتبر سعراً أقل من السيارات الأخرى، واستطاعت الشركة إنتاج 8 سيارات من موديل "رمسيس" يومياً، ونجحت في تجميع سيارات "فيات" الإيطالية في مصانعها وشهدت إقبالاً من المصريين لانخفاض ثمنها، بالإضافة إلى قطع غيارها المتوافرة لدى الشركة.

بدأت الشركة العريقة في التراجع مع مطلع التسعينيات مع تشجيع الحكومة القطاع الخاص على ضخ الاستثمارات في كل القطاعات والتوسع في إنشاء مصانع خاصة لإنتاج وتجميع السيارات، ومع دخول عدة شركات عالمية لإنشاء مصانع لها في مصر وتقديم عدة موديلات حديثة تلبي احتياجات المستهلك مقارنة بما كانت تقدمه "النصر" من موديلات أوقف إنتاجها في مصانع فيات منذ سنوات، خاصة مع ظهور ماركات أخرى مثل سوزوكى وهيونداي وبيجو.

في عام 2009 أعلنت الحكومة المصرية تصفية الشركة العريقة ثم تراجعت عن قرارها بعد 7 سنوات لتعلن إلغاء تصفية الشركة وإعادة تشغيلها مجدداً في سبتمبر 2016 وبدأت الحكومة تبحث عن شريك أجنبي متخصص في صناعة السيارات وتلقت عروضا سابقة صينية وألمانية وروسية وإيطالية.

بعد سلسلة من المحاولات الفاشلة مع شركات ألمانية وإيطالية وروسية لتشغيل الشركة منذ عام 2014 وحتى عام 2019 توصلت الحكومة هذه المرة بطموح الشراكة الصينية على أمل إنتاج 25 ألف سيارة كهربائية سنوياً على أن تبدأ الإنتاج الفعلي قبل نهاية العام المقبل تزامناً مع شراكة أخرى ماليزية لإنتاج نحو 20 ألف سيارة سواء كهربائية أو تقليدية.

وأعلنت وزارة قطاع الأعمال العام ظهر الخميس الماضي التوصل إلى اتفاق مع شركة "دونج فينج" الصينية المتخصصة في مجال صناعة السيارات، عبر تقنية الفيديو كونفرانس.

أسفر الاتفاق بين الجانبين عن توقيع مذكرة تفاهم بين شركة النصر لصناعة السيارات (المملوكة للدولة) مع الجانب الصيني لإنتاج 25 ألف سيارة كهربائية سنوياً على خطوط الشركة تحت العلامة التجارية العريقة "النصر".

عقب توقيع الاتفاق قال هشام توفيق وزير قطاع الأعمال العام إن المشروع يعد بمثابة انطلاقة لصناعة السيارات الكهربائية في مصر وبوابة لإدخال هذه التكنولوجيا في شمال أفريقيا.

وأضاف في بيان صحفي، أن إدارة شركة "النصر" ستعمل في الوقت على إنهاء كل الدراسات وخطط العمل التفصيلية بالتنسيق مع إدارة "دونج فينج" قبل نهاية صيف 2020، لبدء الإنتاج قبل نهاية 2021.

وأكد أن المفاوضات بين الجانبين استمرت على مدار الـ9 أشهر الماضية، والتي تأخرت نتيجة أزمة وباء كورونا خاصة أن مصانع شركة دونج فينج تقع في مدينة ووهان الصينية.

في سبتمبر العام الماضي التقى "توفيق" وزير الصناعة الصيني وكبرى مصنعي السيارات في الصين، وزار مصنع شركة دونج فينج وبعد شهرين رد الجانب الصيني الزيارة للاطلاع على مواقع الشركة في القاهرة والحصول على كل المعلومات اللازمة.

وزير قطاع الأعمال أكد في البيان، أننا دَرَسنا التجربة الصينية في صناعة السيارات الكهربائية، وتواصلنا مع عدد من الجهات الحكومية المعنية بشأن الإعداد لمشروع إنتاج السيارات الكهربائية واتفقنا على وضع حزمة من المحفزات الخاصة بالسيارات الكهربائية من بينها دعم بقيمة 50 ألف جنيه لأول 100 ألف مشترٍ وفقا لضوابط محددة، والتنسيق مع وزارتي الكهرباء والتنمية المحلية لإنشاء 3 آلاف محطة شحن سريع على مدار 3 سنوات، ومشروع إحلال التاكسي الأبيض بسيارات كهربائية أسوة بمشروع إحلال التاكسي الأبيض في عام 2008.

قبل 72 ساعة من توقيع مذكرة التفاهم المصرية -الصينية وقعت الشركة القابضة للصناعات المعدنية اتفاق آخر مع شركة بروتون الماليزية لإنتاج نحو 20 ألف سيارة في عنبرين من عنابر شركة النصر للسيارات، بهدف الوصول للطاقة القصوى للشركة بإنتاج حوالي 45 ألف سيارة سواء كهربائية أو تقليدية.

وقال مدحت نافع رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، إن عقب التوقيع مباشرة بدأت استكمال الدراسات الفنية الخاصة بنوع السيارة الكهربائية التي سيتم إنتاجها في مصر.

وأضاف نافع لـ"الوطن"، أن الاتفاق نص على إنتاج أحدث الطرازات التي تنتجها شركة دونج فينج والتي تتناسب مع السوق المصرية وحققت نجاحاً كبيراً في الصين خلال السنوات الماضية.

وأوضح أن الطرازات التي تم الاتفاق عليها هي من نوعية "E 70" وذلك في ضوء الدراسة التي أجريت في هذا الشأن، كما تم الاتفاق على اختبار عدد محدود من السيارات من هذا الطراز في مصر خلال الفترة المقبلة.

وحول مذكرات التفاهم السابقة مع الشركات الروسية كشف أن مذكرات التفاهم الروسية السابقة لم تكن سوى بروتوكولات لاستيضاح النوايا وهذا أمر مختلف عن المذكرة الأخيرة التي وقعت مع الجانب الصيني جاءت بعد مفاوضات استمرت شهور وهي أقرب إلى عقد فعلي قيد التنفيذ قريباً.


مواضيع متعلقة