في ذكرى رحيله.. وضمات من حياة "الجنوبي" أمل دنقل

كتب: إلهام زيدان

في ذكرى رحيله.. وضمات من حياة "الجنوبي" أمل دنقل

في ذكرى رحيله.. وضمات من حياة "الجنوبي" أمل دنقل

تمر اليوم 21 مايو ذكرى رحيل الشاعر الكبير أمل دنقل، المولود في 23 يونيو عام 1940 بقرية القلعة، مركز قفط بمحافظة قنا، والذي رحل عن دنيانا عام 1983م عن عمر 43 سنة، بعد صراع مع مرض السرطان.

ورث أمل دنقل عن والده الأزهري موهبة الشعر فقد كان يكتب الشعر العمودي، وأيضاً كان يمتلك مكتبة ضخمة تضم كتب التراث الإسلامية العربي مما أثر كثيراً في أمل دنقل وساهم في تكوين اللبنة الأولى للشاعر، وعندما أنهى دراسته الثانوية في قنا، والتحق بكلية الآداب بالقاهرة ولكنه انقطع عن الدراسة منذ العام الأول لكي يعمل، فعمل في عدة وظائف قبل أن يعمل في منظمة التضامن الأفروآسيوي.

صدر أول ديوان له "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة" في عام 1969، والذي عبر فيه عن الصدمة التي أحدثتها نكسة عام 1967، كما كان شاهدا على أحداث نصر أكتوبر 1973، وكان ضد معاهدة السلام، ووقتها أطلق قصيدته الأشهر "لا تصالح" والتي عبر فيها عن كل ما جال بخاطر كل المصريين، كما نجد أيضاً تأثير تلك المعاهدة وأحداث شهر يناير عام 1977م واضحاً في ديوانه "العهد الآتي"، كما عبر أمل دنقل عن سكان الصعيد في أشعاره ويتضح ذلك في قصيدته "الجنوبي" المنشورة في آخر مجموعة شعرية له "أوراق الغرفة 8".

تزوج الشاعر الكاتبة الصحفية عبلة الرويني، والتي كتب سيرة أمل دنقل في كتاب يحمل عنوان "الجنوبي"، تتحدث فيها عن كواليس العلاقة التي جمعتها به وحياته الاجتماعية وثقافته وحتى فترة مرضه ورحيله في 21 مايو عام 1983.

التزم التدين في صغره وتبنى الماركسية في الشباب  

تقول الرويني عن الشاعر أمل دنقل: "في صباه الباكر كان شديد التدين، لا يترك فرضا يلقى خطب الجمعة في المساجد، ويحمل عهدا وطريقا على منهاج الشيخ إبراهيم الدسوقي، ثم ترك النشاط الديني في شبابه معجبا بالماركسية والوجودية، لكن القلق الميتافيريقي ظل يحمله في داخله دائما، رافضا يقينية الشرائع والأفكار باحثا دوما عن الحقيقة والاطمئنان الكامل".

وتابعت: "فرضت عليه مكتبة والده (عالم الأزهر/ الشاعر) توجها نحو الثقافة الدينية، كما أن اختياره الذاتي لكتابة الشعر فرض عليه داخل بيئته المحدودة أن يبحث لنفسه عن ثقافته الخاصة ويكون لنفسه صوته الخاص دون مساعدة من أحد".

وأكملت: "كانت مكتبة والده الدينية أول مصادر ثقافته بما احتوته من كتب الشريعة والفقه والتفسير، وما ضمته من كتب التراث والشعر القديم".

السير والتراث استحوذا على تفكيره في سنوات المراهقة

وأشارت إلى أن أمل دنقل في الخامسة عشر من عمره اشترى من إحدى مكتبات مدينة قنا كتابين (الفتوحات المكية) و(ألف ليلة وليلة)، متابعة: "في تلك السنوات قرأ العديد من كتب التراث والملاحم والسير الشعبية".

وتواصل: "في أواخر الخمسينات بدأ أمل في الاهتمام بقراءة الكتب الماركسية، واوجودية فقرأ ماركس، وانجلز، واهتم بشكل خاص بقراءة كتب لينين ثم بدأ تكثيف قراءاته لفلاسفة الوجودية (كيركيجارد، هديجر) وبشكل خاص كتب ساتر وكامي (الوجود والعدم)، (أسطورة سيزيف)، (الإنسان المتمرد)، لكن فيما بعد ركز كل اهتماماته على كتب التاريخ والسياسة والاقتصاد واللغة والكتب الدينية والتراث والأساطير والإبجاع العربي بالطبع، ويظل برأيي كتاب القرآن الكريم، والكتاب المقدس (العهد القديم والعهد الجديد) هم أهم ثلاثة كتب في ثقافته".

وحسب الرويني: "لا يوجد له عنوان محدد مقهى ريش أتيليه القاهرة دار الأدباء، تلك كانت صناديق بريده، وأماكن العثور عليه ولذلك فهو يقرأ في أي مكان شاء في استغراق تام وسط مجموعة في سهرة، أو وحده، وسط بحيرة من الأوراق والكتب، والجرائد، والأقلام فوق سريره، يكتب في كل نمان في المقهى، في الشارع فوق مقعد في منزل أو داخل مستشفى"

يحب الصداقة.. دون شروط أو قيود

عن العلاقات الإنسانية في حياة أمل دنقل تقول: "لا يوجد لديه أصدقاء في المطلق، فليس كل من يبدى له صداقته هو صديقه، كما أن الصداقة لم تأخذ دائما معنا عاطفيا، فأحيانا يحب شخصا ولا يكون صديقه، وأحيانا تجتمع المساوىء في شخص ويلتقي معه ويرتبط معه في صداقة".

وأضافت: "عند مجيئه الأول للقاهرة كات صداقته جزءا من حركته الشعرية، ومشوار إبداعه، فقد خلقت ارتباطا قويا بمجموعة من الكتاب والفنانين سموا فيما بعد (جيل الستينات)، لم تكن لديهم وثنية ولا رغبة في تجسيد آلهة أو رواد أو أساتذة ومن بينهم سيد خميس، محمد جاد، عز الدين نجيب، الدسوقي فهمي، عبدالرحمن الأبنودي".

واستطردت: "احتوت صداقاته كثيرا من الأشكال المركبة، وكثيرا من أقتعة الحدة، والمنازلات الملتهبة، والمشاحنات الكلامية، والمداعبات الشديدة كأنها السكاكين".

وكشفت عن أقرب أصدقائه، بقولها "كان القاص يحيى الطاهر عبدالله، واحدا من أصحاب هذه العلاقات المركبة، بل واحدا من أقرب الأصدقاء إلى قلب أمل ووجدانه، رغم ما احتوته علاقتهما من اشتباك متواصل يتخللها فترات هدنة قصيرة للغاية".

وتابعت: "وكان جوهر علاقته بيوسف إدريس هو الصعلكة، ليس بالمعنى الساذج للكلمة، ولكن بمعنى الرفض والخروج على الشرعية. أيضا كانت علاقته بالشاعر نجيب سرور واحدة من الصداقات غير الهادئة بل كانت صداقة مدمرة فى شكلها الخارجي مليئة بالشجار والمشاحنات الدائمة".


مواضيع متعلقة