رجال ضحايا الطلاق

رجال ضحايا الطلاق
الرجال أيضاً يعانون من تبعات الطلاق والانفصال، يحرمون من أطفالهم، يفقدون الكثير من صلاحياتهم بمجرد إعلان حكم الطلاق أو الخلع، يقابلون أبناءهم بإذن ويجلسون معهم بوقت محدد مسبقاً، يتنازلون عن الشقة للزوجة والأطفال، ونسبة كبيرة من راتبهم الشهرى تذهب للنفقة ومصاريف المدارس وغيرها، يحلمون بقانون جديد يتيح لهم الفرصة للمشاركة فى تربية أطفالهم بعد الانفصال وزيادة حصتهم من مقابلة الأولاد على مدار السنة والشهر.
تسلط «الوطن» فى هذا الملف الضوء على أبرز المشاكل والقضايا التى تواجه الرجال بعد الانفصال، ومطالبهم ومعاناتهم التى تتلخص فى حرمانهم من الأولاد وانقطاع أخبارهم بالسنوات بناء على رغبة الأم، التى تحاول الانتقام من أخطاء الزوج السابقة بالضغط عليه فى حرمانه من أولاده، ومآسى الجدات اللاتى يحرمن من أحفادهن أيضاً وتتحول لـ«بعبع» متجرد من المشاعر عليه أن يرضى بالأمر الواقع ويتقبل فكرة غياب الصغار للأبد لمجرد أنهن أمهات للأب الذى دخل فى خلاف مع طليقته وحاولت الانتقام من العائلة بأكملها.
"حليم" لم ير ابنه منذ 8 سنوات: طليقتى خدت منى 50 ألف جنيه عشان أشوفه وأسمع صوته
8 سنوات لم ير فيها طفله الوحيد منذ كان ابن الأربع سنوات وأصبح الآن على مشارف إتمام عامه الـ13، كان هذا عقاب زوجته له التى رفضت السفر معه للبنان لاستئناف عمله وأصرت على البقاء لتظل بجوار عائلتها ومن هنا بدأت مشاكل حليم جرجس مع زوجته: «رفعت عليا قضية نفقة وخدت الشقة قرار تمكين واشتكتنى فى المحاكم بدون عملى وأنا كنت ببعتلها المصاريف كل شهر واتفاجئت لما نزلت مصر إجازة».
لم يكن يتوقع تطور الأمر بهذا الشكل، خاصة أنها كانت مشاكل عادية لا تستدعى شكوته، مما أثر على صحته ومكث فى المستشفى عدة أشهر: «من شدة الزعل أصبت بكذا وعكة صحية منهم عملية المرارة اللى اتفقعت من كتر اللى شُفته وعملية الغدة الدرقية من 4 سنين ومشاكل فى البطن والقولون ومبقتش قادر أستحمل».
يحكى أنه تزوج منذ 15 عاماً واتفق معها من البداية أن عمله فى لبنان وبعد الزواج سيسافران معاً لتحقيق مستقبلهما ثم العودة إلى وطنهما: «كانت موافقة ومفيش مشكلة، بعد الجواز الكلام اتغير وبدأت تتلكك وأنا ماكانش ليا شغل هنا وزعلت واتخاصمنا شهرين نزلت مصر عشان أصالحها لقيتها رافعة عليا قضايا وحرمانى من ابنى الوحيد».
لم يكن على علم بكل القضايا التى رفعت ضده أثناء فترة غيابه: «جت على نفسيتى وحزنت وقلت إزاى تكون لسه زوجتى وأم ابنى وعايزة تحبسنى، ده كان شىء فظيع مع إن عمرى ما مديت إيدى عليها ولا وقفت عنها الفلوس ولا ضريتها فى شىء ومعاملتى معاها كانت طيبة بشهادتها».
حليم جرجس وطفله
يحكى أنها بدأت تمنع عنه اتصال ابنه بعد سفره ولم يكن يعرف له طريقاً للاطمئنان عليه واستمر الوضع حتى 8 سنوات: «عمره 13 سنة ولم أره، كل ما أنزل مصر أحاول أروح علشان أشوفه بتاخده وتهرب وتمنعه عنى لغاية ما كرهته فيا كره مش طبيعى»، مؤكداً أنه دفع لها 50 ألف جنيه مقابل سماع صوته ورؤيته، وحين اتصل به تليفونياً كلمه ابنه بقسوة شديدة لم يكن يتوقعها: «هو طفل ومعذور لكن قلبى وجعنى، مش من حقى آخده فى حضنى ولا أشارك فى تربيته، أنا راجل مسيحى وصعب الطلاق إذا كان حيلتى قرشين فكله للولد».
أمى نفسها تشوفه قبل ما تموت.. طب دى ست كبيرة ذنبها إيه تتحرم من حفيدها؟!
قدم طلباً للكنيسة وتم استدعاؤها وخرج تقرير يفيد بأنها مخطئة ومع ذلك لم تستجب لطلب الأب برؤية ابنه: «رفعت قضية لكن المحكمة رفضتها بدون إبداء أى أسباب واضحة»، ترك لها شقته التمليك التى أنفق فيها جزءاً كبيراً من «تحويشة عمره»، ومبلغاً شهرياً لطفله، وكل هذا لم يشفع له لرؤيته والحديث معه: «بعد ما خلصت ودفعت ماشفتش الولد ولا سمعت صوته لحد النهارده».
رفع لوالدته قضية رؤية حتى تتمكن من رؤية حفيدها، خاصة بعد بلوغها عمر الـ80: «قالت لى نفسى أشوف ابنك قبل ما أموت يا حليم، برضه مانعينه عنها، طب دى ست كبيرة إيه ذنبها تتحرم من حفيدها وحالتها الصحية متدهورة وده حلمها الوحيد؟!».
"راشد" رقم 482 فى طابور الرؤية: بشوف ولادى وسط 980 شخصاً
يحمل رقم 482 فى طابور الرؤية الذى يصل إلى 980 فرداً، منتظراً الجلوس مع أبنائه بضع ساعات ليطمئن على أحوالهم داخل مركز شباب سموحة بالإسكندرية: «بعد صلاة الجمعة كل مجموعة 3 ساعات» حسب محمد راشد، الذى انفصل عن زوجته منذ أربع سنوات ونصف، لم ير خلالها أطفاله إلا بعد حكم الرؤية الذى يجد فيه ظلماً كبيراً لأنه لم يتمكن من الحديث مع أولاده فى ظل وجود عشرات الآخرين حوله يحدثون ضوضاء وأحياناً تتعالى أصواتهم لتصل لضرب وشتائم: «والشرطة بتيجى تاخدهم، وده منظر محبش ولادى يشوفوه».
مساحة 250 متراً، تسع كل هذا العدد لتنفيذ حكم الرؤية، مما يشعره بالضيق، خاصة من القصص التى يشاهدها من حوله، وذكر منها طفلين يتيمين فى حضانة جدتهما للأم، يحضران لرؤية الجدة للأب، وتنشب الخلافات بين العجوزين على أثر سيرة الورث، وغيرها من الحكايات التى تعكر صفو جلسته مع أبنائه: «أهلى مشافوش ولادى، وبالتالى أصبحوا ميعرفوش عيلتهم، وأنا بقيت واحد غريب عنهم، وأحياناً بيتصلوا يعتذروا بسبب التمرين، فالوضع مأساوى ولا يحتمل».
رفعت عليه زوجته ما يقرب من 30 قضية منذ انفصالهما، وحرمته من رؤية أولاده من 2015 حتى صدر حكم الرؤية مؤخراً، لافتاً إلى أن المكان لا يليق وغير كافٍ: «القانون ظالم للراجل، والأب النهارده بقى عبارة عن فلوس وميعرفش حاجة عن تربية ولاده ولا تعليمهم، حتى فى العيد مش من حقه يعيّد معاهم ولا يفطر معاهم فى رمضان».
تخلت عنى فى ظروفى الصعبة وعاقبتنى بأخذ الشقة وطردى فى الشارع.. وبدفع 70 ألف جنيه مصاريف سنوياً
يدفع سنوياً 45 ألف جنيه، بجانب 25 ألفاً مصاريف مدارس: «طول السنة بجيب لهم لبسهم من بره وكافة احتياجاتهم»، يحكى أنه ساكن بالإيجار بعد أخذ زوجته منه شقته التى قام بشرائها بعد زواجهما ودفع فيها مليوناً و100 ألف جنيه وظل يدفع أقساطها لفترة طويلة، حتى قررت زوجته الانفصال عنه بسبب خلافات زوجية: «أكتر من 8 سنين بسدد فى أقساطها واشتغلت بره مصر 4 سنين عشان أجيب الشقة بدل شقتنا الصغيرة، وفى الآخر خدتها وسابتنى فى الشارع ده يرضى مين؟ واحد زيى عمره بقى 40 سنة هيشتغل إمتى تانى عشان يجيب شقة؟»، اقترح عليها بيعها وشراء شقتين بمساحة أقل حتى يجد مكاناً يعيش فيه بعد الطلاق، رفضت وأصرت على بقائها بحوزتها: «عملت تمكين وماقعدتش فيها وهى مساحتها 250 متر لو جبنا شقتين هيكون أحسن لينا».
محمد راشد مع ابنيه
تزوج عام 2010 وتعرض لضائقة مادية، وطلب من زوجته بيع بعض من ذهبها الذى اشتراه لها أو بيع السيارة التى يملكها لسداد ديونه، رفضت وتخلت عنه حسب وصفه: «فضلنا فى مشاكل لفترة طويلة، وكنت بمر بظروف صعبة، لقيت ست تانية وقفت جنبى وسلفتنى فلوس واتجوزتها بعلم زوجتى لأنها الوحيدة اللى وقفت جنبى فى أزمتى، فحبت تنتقم منى»، يعرف أنه مخطئ ولكن ليس كل الخطأ يجب تحمله بمفرده، مؤكداً أنه ليس شيطاناً ولا زوجته الأولى ملاك: «أنا آخر قسط فى الشقة دافعه الشهر اللى فات، والست اللى بتحب الراجل عشان فلوسه تبقى ماتستهلوش، وأنا كنت محتاج لها فى يوم من الأيام وتخلت عنى مع إنى عمرى ما حرمتها من حاجة وكنت بسفرها كل سنة بلد شكل».
"محمد": خدوا منى 700 ألف جنيه و3 عيال
«خدوا منى 700 ألف جنيه و3 عيال».. حالة نصب تعرض لها محمد السيد على يد زوجته وأبيها، حين قرر السفر للخارج بعد الثورة وفقدان وظيفته، بدأ يبحث عن فرصة عمل فى مكان آخر لينفق على عائلته الصغيرة، أقنعته زوجته بأن يشترى شقة من أبيها كان قد بدأ فى دفع أقساطها ولم يستطع تكملتها لتعسره مادياً.
وافق وبدأ يرسل لها الأقساط شهرياً دون ورق يثبت بأن هذه الشقة قد أصبحت من نصيبه لحسن ظنه بهم واعتبارهم عائلته الثانية، وفوجئ بعد سداد آخر قسط بأنها رفعت عليه قضية خلع وأخذت الشقة لصالحها: «قالت لى بالعربى كده بخ، وخلتنى أدفع 120 ألف جنيه مرة واحدة وبالدولار بناء على طلب أبوها والعقد فضل باسمهم ومفيش حاجة تثبت حقى وإنى دفعت مليم».
بعد تسديد الأقساط قالت لى انت مخلوع والشقة من حقى
صدمة كبرى أصابت ابن الـ34 عاماً، الذى تزوج قبل 10 سنوات ولم يكن يعلم بأن حياته ستسوء بهذا الشكل ويحرم من رؤية أولاده وزوجته التى استغلت فترة غيابه لتدبر له مكيدة لتتخلص منه حسب وصفه: «الدنيا كانت تمام وببعت المصاريف وبعدين دخلنا فى موضوع نجيب شقة فى أكتوبر، أقنعونى آخدها من أبوها وأكمل أقساطها من هنا وافقوا بس ماكانش فيه عقد كنت مدى الأمان».
حصل على قرض من بنك الخليج ليلبى طلبها، وخسر كل شىء وظل مديوناًَ يسدد فى أقساطه: «شقا عمرى كله وسنين غربة وحرمان وكل ده عشان الطمع لأن الشقق غليت 3 أضعاف، أنا ماكنتش مستوعب إن فيه حد كده والمصيبة إن أهلها اللى بيشجعوها».
«حرمونى من عيالى 3 سنين لحد ما أمى توفيت».. صدمة جديدة أصابته جعلته ينهى عمله فى الخارج ويعود منذ 7 أشهر، رفع قضية رؤية حتى يتمكن من مقابلة أولاده: «رفعت عليا قضايا كتير وأنا مارفعتش غير قضية رؤية لأنى مش هحبس أم ولادى مهما كان».
لا يعرف مقر شقته التى كان يسددها ويحلم باليوم الذى يسكنها مع زوجته وأبنائها ولا أين عفش بيته الذى اشتراه قبل سفره: «ولا هدومى ولا أوراقى ولا عقود المصيف اللى كنت متعاقد عليها بأساميهم، دمرتنى ونصبت عليا وضيعت عمر شاب ماشفش يوم حلو وخربت بيته».
4 سنوات عمر الخلاف بينهما، فى كل إجازة كان ينزلها لرؤية أولاده كانت تصطحبهم إلى الغردقة حتى لا يراهم وتعود بعد سفره، يحكى أن «عمر»، ابنه الكبير، 8 سنوات، و«مالك»، 6 سنوات، والصغرى 3 سنوات ونصف: «فى الـ7 شهور اللى فاتوا مكلمتهمش 6 مرات ومقعدتش معاهم 3 ساعات على بعض وكل مرة بينقص عيل، ولما باجى أسلم عليهم أو أحضنهم ترفض بحجة الكورونا».
حياة قاسية يعيشها خاصة بعد رحيل أمه التى كانت تحلم برؤية أحفادها وهى على فراش الموت، فضلاً عن تغير معاملة أبنائه معه بعد الانفصال: «ومعنديش بيت دلوقتى أعيش فيه، هى قدرت تحرمنى من كل حاجة ونجحت فى دمارى، مبقاش ليا نفس لأى حاجة».
"فهمى" يدفع 60% من راتبه نفقة: اللى فاضل مابيكفيش أكل وشرب
أكثر من 60% من راتبه يذهب كنفقة لزوجته وأبنائه، بالإضافة لأجر مسكن ومصاريف لا حصر لها مطالب بسدادها حتى لا يُسجن، مأساة حقيقية يعيشها فهمى حمد، مهندس زراعى، خاصة أن راتبه حوالى 5 آلاف جنيه تحصل منه زوجته على 3 آلاف وما يتبقى له لا يكفى قوت يومه ولا السماح له بالزواج من أخرى بعدما فشلت زيجته الأولى: «سحبوا من الراجل كل صلاحياته وأصبح ضحية لو فتح بقه بيتقال له اطلع بره».
فهمى
لا تزال على ذمته، يدفع لها إيجار الشقة كأجر مسكن، حتى لا يجد نفسه فى الشارع بدون مأوى، يدفع لها نفقة وكل ما حصلت عليه من أحكام ضده واجب تنفيذها: «مش عايز أطلع من البيت عشان هيتخرب بيتى والشقة كل راس مالى»، يحكى أن زوجته أخبرته بأنها ستحصل على الشقة وستغلقها حتى تحرق قلبه عليها: «فيه أكتر من كده ذل وافترا يا ناس».
تزوج قبل 10 سنوات وتصاعدت المشكلات حتى وصلت للانفصال، وتجرد من المسئولية تجاه أولاده لدرجة أنه ممنوع من زيارتهم فى المدرسة أو الالتقاء بهم بدون إذن والدتهم: «أنا أبوهم بروح الرؤية أبص عليهم من بعيد لبعيد ومش من حقى حتى آخدهم فى حضنى».
«ده دمار وخراب مستعجل للأسرة المصرية، فين دور الأب؟» يقولها بحسرة شديدة موضحاً أنه فقد حقوقه كأب بسبب قانون الأحوال الشخصية الذى يعطى الأم الحق بتربية الأولاد حتى سن 15 سنة للولد و18 للبنت مع تخييرهم: «مين هيقبل يعيش معايا بعد ما قضى عمره مع أمه، ده لو اختارنى مش هيكون له خير فى حد، وإزاى بنتى توصل لسن الجواز ومعرفش عنها حاجة، واللى هيتقدم لها ده هيروح يقابل مين أنا ولا جوز أمها؟».
يحكى أن الأب أصبح بلا دور فى تربية أبنائه وتحولت القوانين لصالح الست بين عشية وضحاها: «محتاجين قانون عادل، كلنا فينا عيوب ومفيش حد كامل»، رفعت عليه 17 قضية منها قضية طلاق للضرر: «والله عمرى ما مديت إيدى عليها، وجايبة ناس تقول إنى كنت بضربها، خلاها تشهد العيال، ورحت أصالحها كذا مرة أهلها بهدلونى وكانوا هيضربونى، وصلنا لطريق مسدود للأسف».
لم يكن يرغب فى الوصول لهذا الكم من المشاكل والخلافات مع أم أبنائه، مؤكداً أن المتضرر الوحيد فى هذه اللعبة الأولاد الذين يعيشون ممزقين بين أب وأم احتد الخلاف بينهما وقلة احترامهما لبعضهما وأصبحت المحاكم هى وسيلة التواصل الوحيدة بينهما.
"سلوى": بقالى 4 سنين ماشفتش أحفادي.. وخايفة أموت قبل ما أشوفهم
دموع تنهمر من جفونها دون توقف، توقظها من منامها وتلازمها طوال نهارها، حزناً على حرمانها من أحفادها الذين لم تعد تراهم منذ انفصال ابنها عن زوجته، فقررت الأخيرة معاقبة العائلة بأكملها بمنع رؤيتهم للأطفال: «بقالى أربع سنين ونص معرفش عنهم حاجة مرار وعذاب ووجع قلب»، تقولها سلوى محمد، جدة متضررة، تقترب من عقدها السابع، وكل آمالها أن يعود أحفادها لحضنها مرة أخرى.
الجدة للأب محرومة من أبناء الابن بحكم القانون
رفع ابنها قضية رؤية لمشاهدة الأولاد، ذهبت معه للنادى وقطع تذكرة أملاً فى رؤيتهم لكن تم منعها: «حفيدى اتصل عليا وقال لى يا تيتا اعمليلى أكل بيحبه رُحت ورجعت بالأكل كله لأن أمه ماجبتوش»، تحكى أنها متعلقة بأحفادها خاصة الكبير منهم لأنه عاش معها 5 سنوات متواصلة منذ ولادته، تؤكله وتشربه وتذاكر له وترعاه رعاية كاملة، لافتة إلى أنها فقدت ابنتها قبل حفل زفافها وعاشت سنوات حزن قاسية وعادت لها الحياة مرة أخرى بمجىء حفيدها الأول الذى ملأ عليها دنيتها وعوضها عن فقدانها لابنتها وأنساها ألم الفراق: «رُحت لأمه وبوست على راسها عشان تخلينى أشوفه ولو مرة واحدة فى الأسبوع، كلمتنى من ورا بوابة حديد ورفضت».
كان عيد ميلاد حفيدها قبل أيام وحاولت الاحتفال به لكن والدته لم تأت به لزيارة الرؤية: «كنا جايبين له هدايا وتورتة، بس أمه لازم تكسر بخاطرنا»، لم تسمع صوتهم فى الهاتف ولم ترهم منذ سنوات، انفطر قلبها من كثرة الحزن الذى يشاركها فيه زوجها الذى حرم من أحفاده أيضاً: «ولدين عمرهم 9 و4 سنين، إحنا فى تعب، أصلى كل يوم وأدعى، باتمنى يوم واحد فى الأسبوع مش عايزة أكتر من كده أنا أم برضو وعندى بنات، ليه الجدة بتتعامل بقسوة كده؟».
سلوى
تعبت من الحسرة على فراقهم: «أنا وجدهم هنموت من قبل ما نشوفهم، فين صلة الرحم؟ فين القانون؟ آخرة اللى إحنا فيه ده إيه؟»، تبكى دون توقف، تلتقط أنفاسها ثم تعود لاستكمال معاناتها، تحكى عن مرارة بعد الصغيرين عنها وظلام البيت من دونهما، وحياتها التى تبدلت ألوانها منذ مغادرتهما لحضنها: «اتجوزت وسايبة الولاد مع أمها، شرع ربنا بيقول إننا من حقنا نشوفهم، ياما اترجيتها وقلت لها أدوا لنفسكو فرصة تانية عشان العيال بس ماتوصلش للدرجة دى لو ابنى غلط إحنا ملناش ذنب فى ده كله».
ذهبت لزيارة طليقة ابنها أكثر من مرة فى محاولة لإقناعها بمقابلة أحفادها والاعتذار لها مراراً وتكراراً لكنها قوبلت بالرفض: «الولد الكبير ماكانش بيسبنى، ليه تحملوا طفل فوق طاقته بلاش الزن على ودان الطفل، طفل صغير مش مستوعب، هنفضل فى الظلم والحرمان لحد إمتى؟»، ذهبت أمام الاتحادية لتستغيث لرؤية حفيديها «مالك وسيف»، لم تفقد الأمل تحلم برؤيتهما واحتضانهما قبل أن تفارق الحياة: «اتذللت لأمهم كتير بس مفيش فايدة وحاسة بالمُر بعد ما صدقت ربنا عوضنى بيهم يملوا عليا حياتى بقينا فى هم وحزن».
تحكى فاطمة صابر سليمان أن ابنها توفى قبل 7 سنوات، وترك طفلة حُرمت من رؤيتها بعد زواج والدتها من آخر ورفعت عليها قضية نفقة واتحكم على العجوز بالسجن شهرين: «ماليش دخل، مصدر رزقى الوحيد 223 جنيه معاش من التضامن»، باعت عفش بيتها لسداد مبلغ 9 آلاف جنيه نفقة، ولم تر الطفلة التى بلغت من العمر عشر سنوات: «عمها شافها فى الشارع معرفهاش غير بالشبه وشغال صنايعى يا ضنايا وبيسدد الفلوس ليتحكم عليه».
جدود يريدون رؤية أحفادهم
مأساة أخرى تعيشها السيدة العجوز فى محافظة دمياط، تحلم برؤية حفيدتها: «نفسى أحضنها مش كفاية اتحرمت من أبوها وهو فى عز شبابه، مات فى حادثة وعمره ما زعل مراته معرفش بتنتقم مننا ليه، نفسى أشوفها تبرد نارى»، تشكو همها وقلة حيلتها من حرمانها من حفيدتها الوحيدة، متمنية أن يكون هناك قانون يمنحها حقها والمساواة بينها وبين الجدة للأم فى رعاية أحفادها.