علا الشافعي تكتب من برلين: بعد "الطفيلي".. هل تفعلها السينما الكورية مجددا في برلين؟

علا الشافعي تكتب من برلين: بعد "الطفيلي".. هل تفعلها السينما الكورية مجددا في برلين؟
- مهرجان برلين
- فيلم الطفيلى
- فيلم The woman who ran
- فيلم الهاربة
- علا الشافعي
- الفن
- اخبار الفن
- مهرجان برلين
- فيلم الطفيلى
- فيلم The woman who ran
- فيلم الهاربة
- علا الشافعي
- الفن
- اخبار الفن
تُختتم مساء اليوم السبت فعاليات الدورة الـ٧٠ لمهرجان برلين السينمائى الدولى، حيث تعلن لجنة التحكيم، برئاسة البريطانى جيريمى آيرونز، أسماء الأفلام الفائزة بالجوائز وأهمها جائزة «الدب الذهبى» التى يتنافس عليها ١٨ فيلماً، صحيح أن مستوى أفلام المسابقة هذا العام جاء مخيباً للآمال، ولكن يبدو أن نجاح فيلم «الطفيلى» الذى اكتسح مهرجانات العام الماضى بعد حصوله على السعفة الذهبية لمهرجان كان فى دورته الماضية، وأخيراً جائزة الأوسكار لأحسن فيلم، إضافة إلى العديد من الجوائز، قد جعل هناك حالة ترقب لكل ما هو آت من سينما كوريا الجنوبية، حيث احتفى «برلين السينمائى» فى دورته الـ٧٠ بفيلم «The woman who ran» أو «السيدة التى هربت» وهو فيلم كورى جنوبى من تأليف وإنتاج وإخراج «هو سانغسو»، ويتوقع النقاد لهذا الفيلم أن يسير على خطى فيلم «الطفيلى» الذى حصد جائزة الأوسكار لأفضل فيلم فى سابقة تاريخية تُعد الأولى من نوعها.
و«السيدة التى هربت»، ويجوز أن نطلق عليه بالعربية «الهاربة»، رغم أنه صياغة درامية وإخراج رجل، فإنه تفوق، وبشكل كبير، فى صياغة سيناريو سينمائى يعبر عن شأن نسائى ومشاعر شديدة الدقة والإنسانية عن تجربة الزواج والانفصال، والمشاعر المركبة التى تعيشها النساء، والسؤال الذى يحمل قدراً من الفلسفة، وهو: لماذا نستمر فى علاقات لا نشعر من خلالها بالسعادة، هل الحل فى الانفصال، أم أن تعيش وحيداً، أم تتكيف؟ كل هذه المشاعر والتساؤلات تدخل إليها من خلال شخصية «جومانهى»، وهى سيدة فى منتصف العمر تعيش فى قلب مدينة سول، وأثناء سفر زوجها فى رحلة عمل قصيرة، تستغل الفرصة فى التردد على نساء أخريات تربطها بهن علاقات صداقة. فى البداية تزور سيدتين فى منزليهما، إحداهما مطلقة، وتشاركها سكنها امرأة شابة، تقضى المطلقة حياتها فى منزلها البعيد الذى يقع على أطراف العاصمة، وهى قانعة بشكل الحياة الهادئ فى منزلها الذى اشترته من أموال الطلاق، على الأقل تبدو كذلك، وفى مشهد شديد الذكاء تسأل صاحبة المنزل بطلة الفيلم عن حياتها الزوجية، فترد عليها بشكل آلى: «نعم، أعيش حياة زوجية سعيدة، أنا وزوجى لم نفترق منذ خمس سنوات، وقد تكون هذه هى المرة الأولى، هو يقول إن الزواج يجعلنا جزءاً واحداً»، وتهز رأسها وهى تلتهم الأكل، لدرجة أن صديقتها تقول لها مازحة: «إنك تأكلين كثيراً».
المخرج «هو سانغسو» نجح إلى حد كبير فى رسم ملامح البطلة التى تبدو عيناها ثابتتين طول الوقت، تتحرك بشكل آلى، تأكل كثيراً، تتكلم كثيراً، ليعكس حجم الخواء الروحى الذى تعيشه، وهو ما يتأكد عندما تذهب إلى صديقة أخرى، تتحدث معها عن تفاصيل حياتها، وتخبرها تلك الصديقة بأنها اختارت أن تعيش فى هذا الحى المميز، الذى يسكنه الأغنياء من فنانين وكتّاب ومهندسين. فى هذا الحى كل شىء منظم، وبعد لحظة صمت تخبرها أنها معجبة بجار لها صادفته فى البار ولكنه منفصل وليس «مطلقاً». والمفارقة أنها اكتشفت أنه يقطن فى الدور العلوى، ويتكرر نفس المشهد عندما تسألها تلك المرأة عن حياتها الزوجية، فتردد بطلتنا نفس الإجابة بنفس الطريقة، وهى تأكل.
من خلال النقاشات بين النساء تعرف حجم الانهيار الذى باتت تشهده المشاعر والعلاقات الإنسانية، المخرج يميل فى الفيلم إلى الحوار الكثير واللقطات الضيقة للنساء وهن يتحدثن معاً ليعكس حجم المعاناة والوحدة، وهو ما يظهر جلياً عندما نشاهد بطلتنا تراقب مشهد البحر المعروض أمامها على شاشة عرض (أثناء تجربة مشاهدة فيلم قبل طرحه فى دور العرض، حيث تعمل صديقة لها فى هذا المجال)، ذلك البراح الذى يعكسه مشهد البحر فى مقابل الوحدة النفسية والتقوقع الذى تعيشه البطلة. ويتعمد المخرج أيضاً تهميش العنصر الذكورى فى الفيلم، فنحن نشاهد ما يُروى على لسان نساء الفيلم عن الرجال فى حياتهن، ويظهر الرجل فى لقطات قليلة للغاية طوال أحداث الفيلم، فهو الجار الذى يطرق باب صديقة البطلة ليطلب منها عدم إطعام القطط حتى لا تتجمع فى المكان، وهو الصديق القديم للبطلة، الذى يظهر فى استراحة مشاهدة الفيلم أثناء تدخينها سيجارة، لنكتشف من أحداث الفيلم ورحلتها بين صديقاتها أنها تحاول الهرب من حياتها التعسة.
الفيلم ينتمى لنوعية السينما المستقلة، وتبدو فى الفيلم حالة النضج الفنى التى وصل لها المخرج بعد 24 تجربة إخراجية.
فيلم «الهاربة» من الأفلام التى تستحق التوقف عندها فى المسابقة الرسمية، فهل يفعلها ويضيف جائزة جديدة للسينما الكورية؟ هذا ما سنعرفه مع إعلان جوائز المهرجان.