القصر الغامض.. نائب الأمة استقبل فيه سعد زغول وخان أشهر عوانس الأقصر

كتب: محمد عبد اللطيف الصغير

القصر الغامض.. نائب الأمة استقبل فيه سعد زغول وخان أشهر عوانس الأقصر

القصر الغامض.. نائب الأمة استقبل فيه سعد زغول وخان أشهر عوانس الأقصر

تمتلئ مدينة الأقصر بالعديد من القصور التاريخية التي تحتل مكانة كبيرة في نفوس أبنائها، ذلك نظرا لما كانت شاهدة عليه من أحداث سجلها التاريخ وعرف بها المصريون عراقة ومجد كبير صنعه أبناء المدينة الفرعونية على مدار التاريخ.

"الوطن" في 10 نقاط أعدت تقريرا معلوماتيا عن أهم ما دار حول أشهر القصور التي ما زالت تعاصر حضارة بلاد الآثار، ذاك الذي يحمل اسم توفيق باشا أندراوس بل يعد أشهر القصور الموجودة في تلك البقعة المقدسة حيث ولد فيه توفيق باشا نائب البلدة في مجلس الأمة واستقبل ذات يوم زعيمها سعد زغلول وشهد مؤخرا مقتل لوجي وصوفي عزراوتي العائلة تاركين خلفهن مئات الفدادين الزراعية، والسبائك الذهبية.

1- القصر هو ملك في الأساس ليسى باشا أندراوس والد توفيق باشا- الزعيم الوفدي- قام ببنائه عام 1879، عند نزوح عائلته من مدينة قوص، ويقبع الآن ملاصقا لمعبد الأقصر من الناحية الشمالية مطلا على نهر النيل، ويوجد بداخله سيارة مطلية بالذهب تعود لجميل بك ابن توفيق باشا، كما أنه يحتوى على عدد كثيف من الكنوز والقطع الأثرية النادرة، فضلا عن أن يتكون من طابقين بكل طابق العديد من الغرف المبنية على الطراز الإيطالي الفريد حينذاك الوقت.

 

 

 

2- توفيق باشا أندراوس الذي يحمل القصر حاليا اسمه ورثه عن والده كما ورث عنه الوطنية المخلصة وقد حصل على دروسه الابتدائية بمدرسة الأقصر ورحل إلى القاهرة لإتمام دراسته فدخل مدرسة التوفيقية الثانوية، ثم سافر إلي إنجلترا ليلتحق بجامعة أكسفورد وأتم دراسته بها وفي الوقت ثم تعرف على الزعيم سعد زغلول الذي هبت في الأمة روح الوطنية وطلبت الاستقلال على يديه في تلك الحقبة.

3- القصر كان شاهدا على تفاصيل حكاية توفيق باشا مع الزعيم سعد زغلول ففي عام 1921 تحدى توفيق باشا مدير الأمن العام حينئذ بدر الدين بك عندما صادرت الحكومة وسلطاتها حرية سعد زغلول ومنعت الباخرة التي يستقلها من أن ترسو على أي شاطيء من شواطيء المدن بحجة المحافظة علي الأمن العام وقد حاول الأهالي في جرجا وأسيوط وغيرهما أن يستقبلوا السفينة وفشلوا ووقعت إلا أن توفيق باشا لجأ لحيلة شجاعة، على الرغم من قوة بدر الدين بك ومعارضته وتهديداته ورست الباخرة نوبيا أمام قصر توفيق باشا واحتشدت الجماهير بالأقصر لتشهد طلعة الزعيم المحبوب وخلد اسم الأقصر باعتبارها المدينة الوحيدة التي استطاعت استقبال سعد زغلول.

 

4- القصر شهد تخليد اسم توفيق في سجل الوطنية الجريئة وفي صحف الوطنيين الأبرار عندما وقع اختياره نائبا دائرة الأقصر في انتخابات مجلس الأمة وفاز بأغلبية ساحقة وأعيد انتخابه مرات وفاز لمحبة أهل الأقصر له وتقديرهم لشهامته وشجاعته.

5- شهد القصر أيضا وفاة توفيق باشا في عام 1935 م وكان حينئذ جنديا مدافعا عن حقوق مصر وأبناء الأقصر فبكاه الأقصريون الأهالي والشعراء والعامة والخاصة والزعماء محمود بك محسب، والشاعر محمد موسى الأقصر، ومحمد عبدالباسط الحجاجي، والمجاهد الكبير مكرم عبيد، والشيخ عبد الفتاح البانوبي القاضي الشرعي وفي ذكرى الأربعين حضر الزعيم مصطفى النحاس رئيس الحكومة المصرية أنذاك حفل التأبين بالقصر وألقى خطبة عصماء في تأبينه.

 

 

6- القصر كان حاضرا لوفاة "جميلة" الابنة الكبرى والتي توفيت في عام 2011 ماتت وكان عمرها وقتها 83 عاما وعاشا بعدها "صوفي ولودي" معا وحافظتا على قصر والداهما، واستمروا في رفضهن للزواج حتى في ذلك العمر الكبير ضاربين بحلم الزواج والبنون عرض الحائط في سبيل الحفاظ على القصر وثروة والدهما.

 

 

7- القصر كان شاهدا أيضا على مجيء الإمبراطور الإثيوبي هيلاسلاسي الأول في "1930- 1974" وطلبه مصاهرة العائلة عبر التقدم لخطبة إحدى بنات توفيق باشا لكن تم رفضه منهن جميعا كما رفضوا الزواج بغيره في وقت كُن فيه بنات الحسب والنسب فالكل كان يتمناهن لجمالهن وحسن تربيتهن وأخلاقهن وذكرى والدهن وعاش الثلاث شقيقات معا في قصرهم البديع ولم يفرقهن إلا الموت.

 

8- وعاصر القصر جهود ابنتي توفيق في الحفاظ عليه ونزاعاتهما على ملكيته بعد صراع في المحاكم ومحاولات متكررة لهدمه ولم يكن لهما أحد سوى بعض الأقارب والعاملين لديهم لرعاية نحو 200 فدان وعدد من الأملاك الأخرى.

 

9- في الـ7 من يناير عام 2013 استيقظت الأقصر على أبشع جريمة قتل حينما عثر رجال الأمن على جثتي "لودي وصوفي" بجوار سلم داخلي بالقصر وقد تم قتلهما بحديدة على رأسهما وهما في العقد الثامن من عمرهما إلى جوارهما ولم يتم سرقة شيء من القصر وإلى اليوم لم يبح القصر بمعلومية الجاني ولا الهدف من الجريمة، الأمر الذي وصفه أحد المؤرخين بالأقصر بخيانة القصر لمجهودات بنات توفيق في الحفاظ عليه على مدار حياتهما.

 

 

 

10- ويعاني حاليا قصر أندراوس باشا المقام على أطلال معبد الأقصر وكورنيش النيل، الإهمال، خاصة بعد إغلاقه إثر حادثة مقتل بنات توفيق باشا على يد مجهول فعلى الرغم من المكانة التاريخية والأثرية له كون مرور 138 عاما على بنائه وحلول كثير من الشخصيات التاريخية، ضيوفا عليه، ودوران الكثير من الروايات التي امتزج بعضها بالخيال، كمنع دخوله عامة الناس إليه، وحويه نفقًا تحت الأرض يمر تحت مياه النيل يوصل بين الجهتين الشرقية والغربية من الأقصر، إلا أنه حاليًا مهجور، وحتى اللحظة لم تقم وزارة السياحة والآثار بضم القصر إلى ممتلكاتها.

 


مواضيع متعلقة