6 شيوخ في حياة نجيب الريحاني.. من "مكتشفه" إلى المقرئ محمد رفعت

كتب: أحمد حامد دياب

6 شيوخ في حياة نجيب الريحاني.. من "مكتشفه" إلى المقرئ محمد رفعت

6 شيوخ في حياة نجيب الريحاني.. من "مكتشفه" إلى المقرئ محمد رفعت

131 عاما مرت على ميلاد الفنان الكبير الراحل نجيب الريحاني والذي يُعد أحد أبرز رُوَّاد المسرح والسينما في الوطن العربي عُمومًا ومصر خُصوصًا، ومن أشهر الكوميديين في تاريخ الفُنون المرئيَّة العربيَّة.

حياة عامرة فنيًا عاشها الفنان الراحل بلغت 60 عاما تأثر فيها الريحاني ببعض الشيوخ المسلمين الذين تركوا أثرا في حياته وذكرهم الريحاني في مذكراته كما يلي.

الشيخ بحر المعلم الأول لنجيب الريحاني وأول مكتشف له

في سن السادسة عشرة، غادر الطفل نجيب مدرسة الفرير بالخرنفش، بعد أن تزود بما يكفي من تعليم وخبرة وكان يميل إلى دراسة آداب اللغة العربية، ويتوسع في الحصول على أكبر قسط من فنونها ولاسيما الشعر وتاريخ الشعراء.

وجاء له والده بمدرس خاص من علوم اللغة اسمه الشيخ بحر، كان يسر كثيرًا حين يلقي بعض الحفوظات بصوت جهوري، ونبرات تمثيلية، وإشارات تفسيرية، وما إلى ذلك مما كان يعتبره الشيخ بحر نبوغا وعبقرية وتولدت هواية التمثيل من إعجاب أستاذه الشيخ بحر به وبإلقائه.

سنوات طويلة مرت حتى أصبح نجيب الريحاني ملء السمع والبصر في مصر وفنانا من أبرز فنانيها ووقع له موقف أسعده حكاه قائلًا: "تفاجأت أنه في إحدى الليالي طرق باب المسرح طارق، وجيء به إليّ، فإذا هو أستاذي القديم الشيخ بحر مدرس اللغة العربية، الذي سبق أن قلت إن الفضل يعود إليه في تدريبي على إلقاء المحفوظات العربية في المدرسة بطريقة خطابية مقبولة".

جاء أستاذي الشيخ بحر يهنئني بعد مشاهدته الرواية، ويفاتحني بما شمله من سرور بنجاح تلميذه وأقسم أيها السادة أن تهنئة الشيخ كانت عندي أكبر من مبلغ الأربعمائة جنيه التي عمرت بها خزانتي آنذاك".

الشيخ أحمد الشامي الذي عمل معه الريحاني كمترجم وممثل

وحكى الريحاني أنه قابل مصطفى سامي، وأبلغه أن فرقة شقيقه الشيخ أحمد الشامي تحتاج إلى مترجم ينقل إلى العربية روايات الفودفيل الفرنسية من نفس النوع الذي كان يعربه عزيز عيد وتمثله فرقته.

واتفق الريحاني على الانضمام إلى فرقة الشيخ أحمد الشامي، كمعرب وممثل بماهية قدرها أربعة جنيهات في الشهر.

والفرقة كانت جوالة تجوب مدن القطر من أقصاه إلى أقصاه، وكانت بطبيعة الحال إذا نزلت في بلدة اضطرت إلى البقاء فيها أسابيع، وربما أشهرا.

الشيخ نجيب الريحان وقصة طريفة عن الإعفاء من التجنيد لحفظ القرآن الكريم

هذه القصة يرويها الريحاني قائلًا: "كنت قد بلغت سن الاقتراع قبل ذلك الحين بثمانية أعوام، فدفعت البدلية وعوفيت منا لخدمة العسكرية وبعد الأعوام الثمانية وقع شيء من الجفاء بيني وبني أحد الأشخاص، فما كان منه إلا أن أبلغ إدارة القرعة أنني هارب من التجنيد، فاستدعيت في يوم الفرز العام، وذهبت لأثبت سوء نية هذا الجار، وأقدم البرهان القاطع على دفعي للبدلية".

وتابع: "فلما بلغت المكان ورأيت الزحام، انتحيت جانبا ووقفت أنتظر دوري، فسمعت أحد الجنود يهتف باسم  نجيب الريحان، فأجبت النداء على اعتبار أنه ربما نسي الياء الأخيرة في الريحاني".

واستطرد: "وقادني الجندي إلى إحدى الغرف، وقد كنت على يقني أنني واجد فيها مجلس القرعة المؤلف من فريق من الضباط، ولكن شد ما كانت دهشتي حين لقيت الجلوس رهطا من المشايخ المعممين، وليس بينهم حتى ضابط واحد يخزي العين وقولت سلام عليكم... عليكم السلام".

وأضاف: "وتفرس في أحد المشايخ، وأشار لي بالجلوس فلما جلست قال لي: "اقرأ الربع الأخير من سورة الأعراف!".أعراف ... وأنا منين أعرف سورة الأعراف يا سي الشيخ؟

قال: "أمال طالب المعافاة من القرعة العسكرية وبتدعي أنك حافظ القرآن ليه؟".

وحقق المشايخ ودققوا، فاتضح أن هناك فقيها اسمه (الشيخ بخيت الريحان)، وأنه قدم طلبا للقرعة التمس المعافاة لأنه من حملة القرآن الكريم، فجيء به للامتحان.

وقد اختلط الأمر على الجندي وقت النداء فنطق بكلمة (نجيب) بدل بخيت.

الشيخ سيد درويش والعمل مع فرقة الريحاني

سمع الريحاني عن شاب سكندري لم يكن له سابق عهد بالتلحين المسرحي، وإن ألحانه هذه هي الأولى له في هذا المضمار.

وكان الشاب السكندري الشيخ سيد درويش يتقاضى ثمانية عشر جنيها في الشهر من فرقة جورج أبيض، فرفع الريحاني هذه القيمة إلى أربعين جنيها دفعة واحدة، وتعاقد مع الشيخ سيد، وحقق مع فرقة الريحاني نجاحات كبيرة.

الشيخ عبدالرحيم بدوي "اللي اتخرب بيته بسبب فرقة الريحاني"

ويحكي الريحاني عن الشيخ عبد الرحيم بدوي (صاحب مطبعة الرغائب) لافتًا إلى أنه كان دائم الاتصال به، وكثيرًا ما كان يأتي إلى السرح، فيداعبه بلغته "الصعيدية" ويداعبه الريحاني بالمثل.

ويقول الريحاني: "في إحدى الليالي عرض علي أن يستأجر الفرقة لمدة شهر، تقضيه في رحلة تنتقل في أثنائها بالمدن والبنادر في بعض مديريات القطر، فأحلته على الخواجة أصلان عفيف لوضع شروط الاتفاق وإمضائها فقصد إليه وانتهى الأمر بينهما على إجابة تلك الرغبة".

وتابع: "وجاءني أصلان وحده ومعه (الكونتراتو) وهو يبتسم ابتسامة المنتصر الظافر، واطلعت عليه فإذا به يقضي بأن يكون إيجار الليلة الواحدة خمسة وثلاثين جنيه خلاف أجر الفنادق ومصاريف السفر بالقطارات والسيارات والعربات وشحن الملابس والمناظر، فإن الشيخ عبد الرحيم بدوي هو الذي يتحملها".

واستطرد: "الله يسامحك يا أصلان يا عفيف! خربت بيت الراجل الطيب في شربة ميه!! قمنا بالرحلة وانتهى بنا المطاف في الإسكندرية بعد قضاء الشهر في المدن والأرياف، وجاءني المرحوم الشيخ عبد الرحيم يوحوح، بعد أن خسر الجلد والسقط والكوارع كمان، وهو يقول: كده يا ريحاني تخربوا بيتي الخراب المستعجل ده (بتعطيش الجيم)... قلت وأنا مالي بس يا عم الشيخ عبد الرحيم، مين اللي قالك تتفق الاتفاق المقطرن ده، عليك وعلى الخواجة أصلان يمكن يرق قلبه لحالك! لكن هو مين؟ دا أصلان يا عم والأجر على الله".

الشيخ محمد رفعت وعلاقة محبة ونزهة الحنطور

حكت هناء محمد رفعت كريمة القارئ الشيخ الراحل محمد رفعت خلال لقاء تلفزيوني لها مع الإعلامي عمرو الليثي أن علاقة طيبة كانت بين والدها والفنان الراحل نجيب الريحاني والذي كان يؤجل فتح الستارة حتى ينتهي الشيخ رفعت من تلاوته.

وأوضحت هناء رفعت أن الريحاني كان يبكي عند سماع والدها وكانت تربطه بالشيخ رفعت علاقة طيبة وكتب الريحاني في مذكراته عن نزهة الحنطور مع الشيخ محمد رفعت لافتة إلى أن الريحاني كان يصطحب والدها في جولات بالحنطور في فترة مرضه الأخيرة. 


مواضيع متعلقة